قصة واقعية من مآسي الأسِر

د. حسن كاظم محمد

في ثمانينيات القرن الماضي وأثناء الحرب العراقية الإيرانية، تخرج الشاب فالح من أحد المعاهد في بغداد وتزوج من ابنة الجيران البالغة من العمر سبعة عشر عاماً ورزقهما الله بطفلة جميلة. أرسل إلى الجبهة كمقاتل وزوجته حامل، وما لبث أن أخذ أسيراً. وفي هذه الفترة رزقه الله ولداً وهو في الأسر.
قضى في حياة الأسر ثلاث عشرة سنة، تعلم خلالها اللغة الألمانية. عاد من الأسر محملاً بالآمال، وإذا الأمور على غير ما يرام. وجد أن زوجته قد طُلّقت بناءً على طلبها وتزوجت من شاب آخر، وفالح لا يعلم بتفاصيل هذه الأمور. ما خفف عنه هذه الصدمة أن ابنه وابنته قد بقيا يعيشان في كنف والديه بعد زواج والدتهما. رضخ فالح للأمر الواقع واحتضن ولديه، ثم زوّج ابنته والولد دخل سلك الشرطة. وهنا واجه مأساته الثانية، فقد قتل الولد نتيجة حادث إرهابي أثناء أداء الواجب واعتبر شهيداً.
تزوج فالح مجدداً من امرأة مطلقة تعمل في السلك الطبي، ودخل كلية الآداب فرع اللغة الألمانية لمعادلة شهادته، ومارسها ومايزال بالتدريس الخصوصي. رزق بولد من الزوجة الجديدة وهو في المدرسة وعمره اثنتا عشرة سنة.
كنت أجالسه بين حين وآخر وأسمع منه قصص الأسر وصعوباتها وحالته النفسية الجديدة وتأثيرها عليه، والقصيدة تعبير على ذلك.
هِـيّه قِصّة أسِر حَـقبة مْن الزَمن
گالو لفرضوها لَـك خِدمة وطَـن!
هاي مأساة الحرب عـبْر العصور
تحترگ شَمعه فِـتيلـتهه الشَجَـن
چنت أشوفه مِن رِجع مِن الأسر
واقعي مرّه وْبَعَـد لَـحظـه صُفَـن
هـيّه قصّه دخلـت بْعـدّة وجـوه
آخ تجّـار الحرب أهـل الفِـتَـن
هْوايه ناس تْمرمرت وِتعذّبت
بقت تِسأل عن سبب هذا لِمن ؟
***
كافي تسأل عن حياتي بالأسر
هيّه قِصّه عوفها وْكلهه مِحَن
كافي تِـحلم وِلحلم ما حَل أمُر
غـمّضت عيناك وتعّبهه وَسَن
لا تفكّر بالمضه وِبدي بْجديـد
دِنيه موكلهه فَرح وجَنّة عَدن
وإلى اللقاء

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here