ماهو السيناريو المحتمل للوضع العراقي بعد انتهاء دور النفط

بقلم ( كامل سلمان )

ماهو السيناريو المحتمل للوضع العراقي بعد أنتهاء دور النفط الذي سيكون مؤكدا حدوث ذلك بعد ثلاثة او اربعة عقود من الان على الابعد ، بعد ان تتوجه دول العالم الى الطاقة البديلة من طاقة شمسية وطاقة نووية وطاقة الرياح وهذه الانواع من الطاقة تنتشر في العالم بشكل سريع جدا وخاصة في الدول الصناعية . السيناريو المحتمل للوضع العراقي الذي ستعيشه أجيالنا القادمة و التي سيبلغ تعدادها عند ذاك الزمان المتوقع بين ستين الى سبعين مليون عراقي سيعيشون بلا نفط للتصدير وبلا صناعة محلية وبلا زراعة وبلا موارد مائية واسعة وبلا سياحة بسبب التصحر الذي سيصيب البلد وبلا طاقة شمسية او طاقة الرياح او طاقة نووية ، ارجو ان لا يعتقد من يقرأ هذا المقال بأنه تشاؤم ، أنما هو سيناريو متوقع وهو مجرد رأي شخصي أتمنى ان لا يكون هو الذي سيحدث . السيناريو المتوقع سيعود تعداد نفوس العراق اقل من العدد الحالي بكثير ، والسبب هو الصراعات الدموية التي ستحدث حول السيطرة على مواقع المياه والانهار لأجل الزراعة وتوفير لقمة العيش و إنهيار الدولة لأن الدولة التي لم يكن لها اساس تأريخي في قيادة البلد بشكلٍ علمي ستتآكل امام المستجدات الصعبة وتنهار بسرعة ، فنحن بالحقيقة لم يكن عندنا ولن يحصل عندنا دولة بناء ودولة مسؤولية ودولة تخطيط ، ونوعية الدولة التي تحكمنا سوف لن تصمد طويلا ، وحتى الدول الجارة ودول العالم التي كانت تتقاتل من اجل التدخل في الشأن العراقي سوف تنأى بنفسها وقد تغلق حدودها مع العراق تجنبا من نقل الصراعات الى اراضيها خاصة وان العراقيين لهم امتدادات عرقية وجغرافية ودينية مع دول الجوار ، يعني هذا العراق المرغوب جدا حاليا والجميع يتقاتل من أجله يصبح المنبوذ جدا مستقبلا لأنه لم يعد ينفع . . . وهكذا لن يتوقف مسلسل الدم العراقي ولكن هذه المرة ليس طائفي او عرقي وليس بتدخل خارجي وليس بسبب الفساد ولكن ضريبة ما يفعله حكام اليوم بجيل المستقبل عندما قرروا ان يتركوا جيل المستقبل بلا مستقبل .
وسيعود عراق المستقبل من أكثر بلدان العالم تخلفا وشعبه من اكثر شعوب العالم فقرا ، لا أحد يهتم لشأنه ، وكما نحن اليوم نلعن الاباء والاجداد على ما تركوه لنا من تركة ثقيلة وتخلف وضياع ، سيلعن جيل المستقبل آباءهم واجدادهم على ما تركوه لهم من آلام وضياع .. هذا هو حال العراقي في كل زمان و مكان يشكي مرارة الايام ولكن رغم الآلام التي سيعيشها جيل المستقبل ورغم الاحزان الا إنهم سيكونون على الأقل قادرين على ان يقرروا حياتهم بدون تدخل من أحد لأول مرة في تأريخ هذا البلد على مدى عشرات القرون ..
لقد باع العراق من النفط منذ بدايات القرن الماضي ولحد يومنا هذا ما يكفي لضمان مستقبل مائة جيل من الأجيال القادمة ، ولكن للأسف الشديد ذهبت كل هذه الاموال هباءا منثورا ، ذهبت للحروب و للسرقات وللأمة العربية وللأمة الاسلامية و للأمة الإنكليزية وللأمم الاخرى و قليل منها للمشاريع الفاشلة … في اية دولة من دول العالم هناك وزارة اسمها وزارة التخطيط ، تعمل على وضع الخطط الهندسية والمعمارية والمشاريع للمراحل الزمنية لمستقبل البلد قد تصل لعشرات السنين … في ملاحظة جميلة حدثني احدهم عن مدينة هيوستن الامريكية الجميلة والتي تمتاز بأجمل شوارع العالم واعظم المشاريع والبنى التحتية قال ما تراه الان في هذه المدينة من بناء ومشاريع وشوارع ومصانع وبنى تحتية ، هو تطبيق لما تم تخطيطه قبل خمسين سنة وما يتم تخطيطه الان سنراه بعد خمسين سنة ، إذا السؤال ماذا خططت وزارة التخطيط العراقية قبل خمسين سنة لتكون نتيجة تخطيطها ما نراه على ارض الواقع اليوم ، وماذا سيكون تخطيطها بعد خمسين سنة ، هذا السيناريو الذي نتحدث عنه وأقصد بسيناريو الوضع العراقي بعد انتهاء دور النفط خلال الاربعين سنة القادمة هو تطبيق للتخطيط المرسوم الان للخمسين سنة القادمة من قبل المخطط الذي يخطط لمستقبل العراق . يبدو ان التخطيط عندنا هو تخطيط اللصوص في كيفية نجاح السرقة لمدة خمسين عام وليس تخطيط البناء وهذا ماكان واضحا خلال الحقب الزمنية الماضية ، وقد يتطور عندنا التخطيط للمستقبل وهو ان نخطط كيف نرجع الى الماضي لأن الماضي عندنا هو الاهم لأننا وكما تعلمون شعوب عاطفية تحن فقط للماضي ، للأسف هذه ليست دعابة بل هذه حقيقة محزنة.

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here