رأي السيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره عن درء الفتن (ح 2)

الدكتور فاضل حسن شريف

قال الله تبارك وتعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” (ال عمران 156) جاء في كتاب اضواء على ثورة الحسين لسماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: عن المشاورة لدرء الفتن: ينال النبي صلى الله عليه واله وسلم مصالح عامة عديدة في المشاورة، يمكن أن نفهم منها مايلي: أولاً : أن يهديهم بسلوك الرحمة والشفقة معهم. ثانياً: أن يكفي شرّ ذي الشر منهم. ثالثاً: ان مشاورتهم نحو من الاختبار والامتحان لهم، ليرى النبي صلى الله عليه واله وسلم عملياً أنهم ناصحون له في الآراء التي سيبدونها والاقتراحات التي يقولونها أم لا. رابعاً: أن مشاورتهم نحو من التدريب لهم على هذا الأسلوب حين يكونون هم محتاجون إلى مشاورة غيرهم، فلا ينبغي أن يتكبروا عن ذلك بعد أن كان نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم يتخذ هذا الأسلوب بنفسه. وهم لا شك أنهم محتاجون إلى المشاورة في تاريخ حياتهم الطويل، لانهم ليسوا معصومين، وقد يصبحون موجودين في زمان ومكان خال من معصوم يمكنهم الاهتداء برأيه والاستعانة بتسديده، كما كانوا يعتمدون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

جاء في كتاب الصلاة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: عن درء الفتن: الرسالة لها عدة مستويات، كلُّها معنونةٌ بعنوان الإسلام، فالرسالة الظاهرية هي من أجل الإسلام الظاهريِّ الذي يحقن به الدم، ويصان به المال والفرج، ويتفق فيه المسلمون بشهادة التوحيد والرسالة والقرآن الكريم. والرسالة الأخرى هي دعوةٌ إلى الله سبحانه من أجل الإسلام الحقيقي، ومن درجات هذا الإسلام: التسليم والرضا بكلِّ ما قضى الله وقدر، ومن درجاته إيكال التدبير والفعل في الخلق كلِّه لله عزَّ وجل. قال الله تعالى: “وممَنْ خَلَقنَا أُمّةٌ يَهدُونَ بالحَقِّ وَبهِ يَعدِلُونَ” (الاعراف 181) إلى غير ذلك من الآيات الكريمات.

وعن درء الفتن النظر في سوابق الحالات في ارض الله الواسعة لأخذ العبرة: جاء في كتاب فقه الاخلاق للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: التفكر في الخلق: هو من الأمور التي حثَّ عليها القرآن الكريم كثيراً، وهو فقهياً من المستحبات المؤكدة، التي لها آثارٌ وضعيةٌ جليلةٌ ومحمودة، وحيث لم يعزل له الفقهاء مكاناً في فقههم، ناسب ذكره في مقدمة العبادات. وقد حثَّ عليه القرآن الكريم بأساليبَ مختلفةٍ عديدةٍ، نذكر منها الحثُّ على السير في الأرض والتجول فيها لأجل حصول العبرة منها، كقوله تعالى: “أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا” (يوسف 109).

قال الله سبحانه وتعالى “مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” (النحل 106) جاء في كتاب اضواء على ثورة الحسين لسماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره عن التقية وعدمها في درء الفتن: فعمار بن ياسر عمل بالتقية حين طلب منه مشركوا قريش الطعن بالأسلام ونبي الأسلام. وبتلك المناسبة نزلت الآية الكريمة. في حين ان عدداً من الآخرين تركوا العمل بها ودفعوا حياتهم في سبيل ذلك كميثم التمار وسعيد بن جبير وحجر بن عدي وزيد بن علي. ولو كانت التقية واجبة الزاماً لكان حال هؤلاء وغيرهم على باطل، مع العلم أنهم لا شك على حق لأنهم متفقهون بالأحكام الإسلامية جزماً. ولاشك أنها مع ذلك مشروعة ، فيتعين أن تكون مشروعة بنحو التخيير لا بنحو الألزام. ومما دل على ذلك ما روي عن رجلين من أهل الكوفة أخذا. فقيل لهما: ابريا من أمير المؤمنين عليه السلام. فبرئ واحد منهما وأبى الآخر . فخلي سبيل الذي برئ . وقتل الأخر . فقال الإمام الباقر عليه السلام: (أما الذي بريء فرجل فقيه في دينه وأما الذي لم يبرأ فرجل تعجل الجنة).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here