بمناسبة شهادة زيد بن علي رضوان الله: هشام الامس وصدام اليوم (ح 1)

الدكتور فاضل حسن شريف

وُلد زيد بن عليّ سنة 80هـ/700م ونشأ في بيت إمامة في العلم واستقامة في الدين؛ فأبوه هو عليّ المعروف بزين العابدين (ت 94هـ/714م) بن الحسين (ت 61هـ/682م) بن علي بن أبي طالب (ت 40هـ/661م). جاء في كتاب الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية: ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ: (ﺃُﺭﻳﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﻲ ﺭﺟﻼً ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺘﻲ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻭﻋﻤﻞ ﺻﺎﻟﺤﺎً، ﻓﻌﻠﻰ ﺻﺎﻟﺒﻪ ﻟﻌﻨﺔ الله). ويعلل زيدٌ فيما يرويه عنه الشهرستاني عدم تولي جدّه عليّ الخلافة لحظة وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيقول إن (عهد الحروب التي جرت في أيام النبوة كان قريبا، وسيف أمير المؤمنين عليّ عليه السلام عن دماء المشركين من قريش لم يجفَّ بعدُ، والضغائن في صدور القوم من طلب الثأر كما هي، فما كانت القلوب تميل إليه كل الميل ولا تنقاد له الرقاب كل الانقياد).

ومنذ الخليقة برز ناس صالحون و اشرار من هابيل النظيف و اخيه قابيل الحاقد. ومن الطغات بعد قابيل نبوخذ نصر و نمرود ويزيد وهشام واخرهم صدام بينما خط الصالحين الانبياء والائمة عليهم السلام .

ورغم إخفاق الثورة الزيدية وما تلاه من إحباط لدى معظم أنصارها؛ فإن المسار الثوري لم يفقد بريقه لدى جزء كبير من أنصاره، بل باتت الثورة على الحكام الجائرين مبدأ أصيلاً عند كثير من معاصري زيد وخاصة بعض رجالات أهل البيت، بعد أن أوصى يحيى بن زيد بقيادة الثورة من بعده إلى اثنين من أبناء عمه، فـفوَّض الأمر بعده إلى محمد وإبراهيم، وفقا للشهرستاني. والموصَى إليهما بقيادة الثورة هما: محمد بن عبد الله بن الحسن المعروف بالنفس الزكية (ت 145هـ/763م) وأخوه إبراهيم بن عبد الله (ت 145هـ/763م)، اللذان انخرطا في النشاط السري الساعي لتقويض الدولة الأموية.

قال زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام لابنه يحيى: (إنّ الله لم يرضَك لي فأوصاك بي، ورضيني لك فلم يوصني بك. يا بني خير الآباء مَن لا تدعه المودة إلى الافراط، وخير الأبناء من لم يدعه التقصير إلى العقوق). كما قال الله تبارك وتعالى “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا” (الاسراء 23).

إن هشام بن عبد الملك كما هو حال صدام لم يكن فقط ارتكب جريمة واحدة بقتل زيد بن علي رضوان الله عليه وصلبه عاريا اربع سنوات، وحمل رأسه وطوافه بالبلدان وقتل مناصريه والمتعاطفين معه، بل ايضا قتل كبار القوم في زمانه والعلماء الذين يخالفون فقه علماء السلطة المنافقين كما قتل صدام مئات من علماء الدين كآل الحكيم وآل الصدر وغيرهم الكثير، فقد قتل الجعد بن درهم حيث أمر واليه بأن يكون الجعد هو ضحية عيد الاضحى بدل الخراف. ومن ضحاياه غيلان الدمشقي الذي امر بقطع لسانه وصلبه فوق مزبلة. وامر بقطع ايدي وارجل ولسان شاعر اهل البيت الكميت كما قتل وشرد صدام خيرة الشعراء. وكانت اوامر قتله بدون محاكمة. وان شهود محاكماته كانوا يقتلون اذا كانت شهادتاهم لا ترضيه كما كان حال قضاة صدام ينفذون اوامر طاغيتهم في محاكمات شكلية. وكان الشعراء الذين لم يمدحوه مصيرهم الفناء والقتل والتشريد. وكان هشام يحب جمع الأموال مثل صدام الذي جمع الذهب والأموال في ملذاته وبناء قصوره وحدائقه وبحيراته في حين كان شعبه مشرد جائع. وكان هشام يجلس في أماكن من الرخام المرصع بالذهب. واواني اكله كانت من الذهب. وكان الطاغية هشام يحرم على الناس اللباس الذي كان يلبسه حتى يكون لباسه متميزا عن الآخرين كما حال فراعنة مصر. اما اولاده فحدث ولا حرج على فسقهم كما كان أولاد صدام التي تهرب بنات الجامعات عند دخول ابنائه لها خوفا من اغتصابهن.

أن مجتمع صدام الذي تربى على قتل الخصوم عبر عقود من الزمن بشعار (بعث تشيده الجماجم والدم) ولا يقوم إلا بالدماء ولا يشعر براحة الضمير الا من خلال ذلك الدم. وبحلول الوقت الذي جاء فيه صدام حسين إلى السلطة عام 1979، كانت وسائل الإعلام العراقية تابعة تماماً للحكومة. وفي عام 1986، صدر قانون ينص على أنه يمكن فرض عقوبة الإعدام على كل من أهان الرئيس أو حزب البعث. طُلب من الصحافيين التسجيل والامتثال لقواعد نقابة الصحفيين العراقيين، التي تزعمها عام 1991 نجل الرئيس، عدي حسين، الذي فصل كل من لم يُثني على القيادة بشكلٍ كافٍ. عثر في ملعب الشعب الدولي ببغداد في العراق على ادوات تعذيب الرياضيين العراقيين باوامر ابن الطاغية صدام عدي ووجدت نفس النسخة من أدوات التعذيب في مقر فدائيي صدام القريب من الملعب. حملة الأنفال (بالكردية كارەساتی ئەنفال) هي إحدى عمليات الإبادة الجماعية التي قام بها النظام العراقي السابق برئاسة صدام حسين سنة 1988 ضد الأكراد في إقليم كردستان شمالي العراق. نتج عن هذه الحملة ما يلي: ذبح وقتل عدد يتراوح من 50,000 إلى 100,000 من المدنيين غير المقاتلين بمن فيهم النساء والأطفال. تدمير حوالي 4,000 قرية (من أصل 4,655 قرية كردية) في كردستان العراق، بين نيسان 1987 وأغسطس 1988، وتعرض 250 مدينة وقرية كردية للأسلحة الكيميائية. تدمير وهدم 1,754 مدرسة و270 مستشفى و2,450 مسجد و27 كنيسة. محو حوالي 90٪ من القرى الكردية في المناطق المستهدفة. واقام اقليم كردستان العراق نصبا لهذه الجرائم الشنعاء.

جاء في الموسوعة الحرة ويكبيديا عن الانتفاضة الشعبانية: بعد أيام قليلة تم الهجوم من قبل قوات الأمن على مدينة كربلاء وتم تدمير البساتين والأبنية والمساجد والحسينيات والبيوت حتى لم يعد لها أثر حيث حوصرت المدينة وطلب من أهلها أن يتركوها باتجاه بحيرة الرزازة ورشقت برشقات متوالية من الصواريخ ثم اشتد القصف مما اضطر السكان إلى مغادرة بيوتهم باتجاه البحيرة وما أن امتدت حشود السائرين على الطريق مسافة طويلة حتى بدأت الطائرات الهليكوبتر تحصدهــم وتقتل الأبرياء والعزل وكذلك قُصف مرقدي الحسين بن علي والعباس بن علي فضربت قبّة العتبة العباسية والروضة الحسينية بالصواريخ وقذائف المدفعية بأمر من حسين كامل وقصف في 11 /3 /1991 مقام كف العباس الأيمن والدور السكنية التي حوله ثم اتجه الجيش إلى قصف الصحن الحسيني ونسف باب القبلة ثم اتجه النظام لاستخدام القصف المدفعي والصواريخ وقذائف الهاون من قبل الجنود الذين يختبئون في البساتين المجاورة لمركز مدينة كربلاء فكان القصف يشمل السكان اللاجئين في المرقدين. وقد هدمت الدور الواقعة حول الصحنين الشريفين، وبقيت الجثث أشهرا تحت الأنقاض. هذا وقد تحدث عدد من العاملين في البلدية الذين أمروا من قبل هذه القوات بنقل الجثث التي كانت موجودة في داخل الصحنين بأنهم شاهدوا المئات من الجثث المحترقة وكان من ضمنهم العشرات من النساء والأطفال والشيوخ الذين احتموا بالمرقدين بعد أن أصاب القصف المدفعي العشوائي منازلهم التي دمر قسماً منها. وقد قدرت الجثث بأكثر من خمسمائة جثة داخل الصحن والمرقدين. لقد كان حسين كامل يريد أن ينهي مهمة القتل والتدمير في كربلاء دون تأخير لكي يتجه نحو النجف وقد أصدر من الأوامر والتعليمات ما يكفي لقتل أكبر عدد ممكن من أهل المدينة وإنزال الدمار بها وسوق الآلاف من شبابها إلى معتقلات الرضوانية في بغداد وما أن أنهى الأجزاء الهامة من خطته وتأكد له أن بقايا الثوار قد لجأت إلى البساتين المحيطة بكربلاء أمر بمطاردتهم بالدبابات والسمتيات وتوجه هو إلى مدينة النجف حسب الخطة الموضوعة التي اتفق عليها ليكون مع طه الجزراوي للانقضاض عليه. بدأت قوات الحرس الجمهوري بالزحف نحو مدينة النجف وبدأ قصف مدفعي بعيد المدى يطال أحياناً البيوت المتطرفة في شمال شرق المدينة كان ذلك بعد ظهر يوم الثلاثاء (12/3/1991) وفي يوم الأربعاء التالي كانت أصوات قذائف المدفعية والدبابات تُسمع في ارجاء المدينة النجف. والطائرات السمتية (الهليوكوبتر) ترمي بصواريخها على المدينة. ووفقاً لرائد جوحي (كان كبير قضاة التحقيق في محاكمة صدام)، أن للمحكمة مستندات وبيانات من الشهود تبين أنه من الممكن 180,000 قتلوا أثناء قمع الانتفاضة الشعبانية في جنوب العراق. ومصادر اخرى ذكرت مئات آلاف الضحايا، استمرت الانتفاضة الشعبانية، 15 يوما. ولكن مع سيطرة الحرس الجمهوري على المدن أخذ يتجول فيها ويعتقل كل من في دربه ويرسلهم مكبلين إلى بغداد أو إلى تنفيذ حكم الإعدام بهم أو دفنهم أحياء، وفي هذا الوقت لجأ باقي الثائرين إلى بعض دول الجوار. بحسب بعض الإحصاءات قُتل أكثر من ثلاثمئة ألف شخص، وشُرد ما يقارب مليوني عراقي. كان نظام صدام يقتل الناس جملة ومن دون أدنى تحقيق، حيث يُعدمون على شكل مجموعات مؤلفة من 10 إلى 30 شخصا، من ثم تُحفر حفرة كبيرة يُرمَون فيها ويساوى التراب فوقهم. ويُذكر أن أصحاب المقابر الجماعية غالبيتهم لا علاقة لهم بالانتفاضة، حيث أغلب من حمل السلاح وأسقط الدولة إما قُتل في ساحة المعركة وإما تمكن من الهرب. لا توجد إحصائية دقيقة بشأن عدد المقابر الجماعية ولكن بحسب المعنيين، المقابر في محافظة بابل فقط تجاوزت الخمسين مقبرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here