التشرذم الشيعي ونتائجه الكارثية

رغم ان الصحابة والعشرة آلاف حاج في حجة الوداع امتثلوا للامر الالهي بالبيعة والولاء للامام علي في بيعة الغدير الا ان اغلبهم نكث البيعة بعد وفاة النبي وذلك بسبب الكره الذي يكنونه للامام علي حيث انهم قد خلطوا بين الاسلام والبداوة ولَم يستطيعوا ان يتخلصوا من جاهليتهم فكيف يدينون بالولاء لعلي وهو قد قتل شيوخهم وفرسانهم مما اضطر الامام لنقل عاصمة خلافته الى الكوفة حين استلامه للحكم لعله يبني قاعدة من الولاء بعيداً عن المدينة ومكة وحقد الصحابة والمنافقين عليه وقد استطاع ان يؤسس هذه القاعدة الجماهيرية في الكوفة لكن الامويين ومن يؤيدهم من الصحابة قد انتبهوا لهذا الامر وخوفا من ان يزداد انصاره وتتوسع رقعة مؤيديه بدأوا يثيرون الفتن والحروب املاً في ان يمّل انصار الامام من الحروب و ينفضوا من حوله وصاحب ذلك عملية شراء بالمال للشخصيات المعروفة .
بعد اغتيال الامام علي استمرت الحروب وشراء الذمم في عهد الامام الحسن لتكون النتيجة تراجع عدد الانصار والاتباع مما اضطر الامام الحسن لعقد الصلح والتنازل عن الحكم ليبدأ مرحلة جديدة مكملة لمرحلة الامام علي في نشر الوعي بين المسلمين لكسب الولاء وزيادة الثبات واستمر الامام الحسين على نهج اخيه الامام الحسن في توسيع قاعدة الموالين الذي تكلل بأن بايعته القواعد الشعبية في الكوفة ودعته للمجيء للكوفة لتسلمه زمام الحكم الا ان الارهاب الاموي في اعتقال الشخصيات البارزة امثال المختار وهانيء وغيرهم وعملية القمع وسط غفلة من جمهور الشيعة استطاع الامويون من قتل الامام الحسين لكن هذا الامر قد زاد من انصار اهل البيت بدل من ان ينكفؤا ويقل عددهم .

لجأ الامويون بعد حقبة الامام الحسين الى مرحلة جديدة بعد ان رأوا ان الحروب والقتل لاتؤتي أُكلها في فض الاجتماع الشيعي وازدياد اعدادهم فكان المخطط الجديد هو تقسيم الشيعة من داخلهم الى مذاهب وفرق كي ينفض توحدهم وتتشتت كلمتهم معتمدين على السذّج من الشيعة في تفريق امرهم اضافة الى اصحاب النفوس الضعيفة الذين يديرون هذا الانقسام والتفرق حسب الاوامر الاموية فبدات تظهر فرق الشيعة الاخرى كالزيدية والكيسانية يقول السبحاني: أنّ المذهب الكيساني تحدقه إبهامات وغموض في مؤسسه وأتباعه وأهدافه تكاد تدفع الاِنسان إلى أنّه مذهب مختلق من جانب الأعداء، ملصق بشيعة أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلموالغاية تشويش أذهان الشيعة أوّلاً وتحطيم سمعة السيف البّتار المختار بن أبي عبيدة ثانياً حيث نسبوه له واستمر العباسيون على نهج الامويين في تفريق الشيعة من الداخل الى مذاهب وفرق فظهرت فرق الاسماعيلية والفطحية والواقفية والنصيرية وغيرها من الفرق الا ان هذه الفرق لم يكن بينها تناحر واقتتال كما اراد الامويون والعباسيون لذا قلّ دعمها مما ادى الى انقراض اغلب هذه الفرق وعودة غالبية اتباعها الى مذهبهم الشيعي الاثني عشري واكتفت السلطات الحاكمة بالتضييق على الشيعة ومعاملتهم كمواطنين من الدرجة العاشرة كي لايتسع نفوذهم

بعد ظهور الوهابية بدات مرحلة اخرى من تفتيت الصف الشيعي معتمدين كذلك على العملاء من داخل الصف الشيعي وعلى السذّج من الشيعة فبدات مرحلة اثارة الفتن بين الشيعة من خلال التشكيك بالمرجعيات فكان اتباع هذا المرجع لايرغبون باتباع المرجع الاخر ولايتواصلون معهم وجعلوا الشيعة منشغلين بخلافاتهم في التقليد والتاييد والانقسام يتزامن هذا مع هجوماتهم العسكرية على المدن الشيعية
بعد دخول المرجعية الشيعية عالم السياسة بشكل علني وتبني البعض منهم نظرية حكم علماء ومراجع الدين الذي تكلل باقامة دولة اسلامية في ايران وسط غفلة من العالم الوهابي السني الذي كان تركيزه على شيعة العراق الذين يحيط بهم (العمق ) السني الوهابي الداعم للحكم السني في البلاد وهذا التركيز منع اي محاولة لظفر الشيعة بالحكم في العراق .
بعد اقامة دولة اسلامية شيعية يحكمها مراجع الشيعة في ايران ظهر للوهابية تحدٍ اخر فبالاضافة الى المجتمع الشيعي الذي اصبح من الصعب القضاء عليه اصبح لهم حكم ونفوذ وقوة سياسية وعسكرية وتعاظم نفوذ ليشمل الشيعة بجميع قومياتهم ونفوذهم فحاولوا وأد هذا الحكم الشيعي في مهده من خلال تكليف المقبور صدام بشن حرب للقضاء على الحكم الشيعي في ايران مادام في بداياته وتم دعمه اقتصاديا وسياسيا على مستوى دولي الا ان محاولتهم هذه بائت بالفشل وصمد نظام الحكم في ايران فما كان من الوهابية الا ان تغير قواعد اللعبة من خلال اللعب على الوتر القومي لتفريق الصف الشيعي واضعاف التاييد للحكم الشيعي في ايران عند الشيعة العرب معتمدين على بعض العملاء في الوسط الشيعي وعلى قلّة الوعي لدى السذّج مستغلين بعض التصرفات العنصرية تجاه العرب من بعض رجال السياسة الايرانيين وبدأ اللعب الوهابي على العامل القومي يجذب حتى الشيعة العلمانيين بمختلف توجهاتهم حيث اصبحوا وهابيين دون ان يعلموا لان العامل القومي يدغدغ خلفياتهم الثقافية خارج وعيهم فبدات تنشط فكرة ان العرب عليهم ان لايتخذوا مراجع فرس يقلدونهم ويتبعونهم وحسبنا مراجعنا العرب كما عملوا على التفريق بين حوزة النجف وحوزة قم وقد بلع الطعم الكثير من الشيعة العرب وبعد سقوط نظام صدام وتسلم احزاب اسلامية كانت في ايران دفة الحكم الى جانب احزاب كردية واحزاب سنية خلفياتها بعثية ورغم ان هذه الاحزاب الشيعية كانت مدعومة من امريكا وايران الا انه نتيجة تفعيل الجانب القومي لدى الشيعة العرب ضد المراجع الفرس وضد ايران في الفترة الممتدة بين توقف الحرب العراقية الايرانية الى فترة سقوط صدام هذا الحقد ذو البعد القومي جعل بعض شيعة العراق السهل التلاعب بهم لاينظرون الى الدعم الامريكي للاحزاب الشيعية التي افسدت في العراق بل ينظرون فقط الى انها مدعومة من ايران كما انهم لاينظرون الى فساد باقي الاحزاب الكردية والسنية البعثية التي كان فسادها اكبر من فساد الاحزاب الشيعية وولائها للارهاب اكثر من ولائها للعراق .
اما في الجانب الاخر الايراني فان الحصار المفروض على ايران نتيجة دعمها فلسطين والقضايا العربية هذا الحصار قد اثر على الشعب الايراني وجعل بعضهم يصرخ مالنا ومال العرب اتركوا القضايا الشيعية العربية كي نعيش وجعل بعضهم يكرهون العرب ولايعرفون ان الشيعة العرب هم امتداد ودعم لقوة دولتهم .
ونحن اليوم نمر باكبر حالة تفرق وتشرذم حتى وصل الكره بين الشيعة الى درجة يتمنون قتل اخوتهم الشيعة وشرب دمائهم ولَم يتوقف هذا الكره في كره الشيعة العرب لايران والمراجع الايرانيين بل امتد الكره للعرب فيما بينهم لكل شيعي عربي يقلد ايراني فقد اصبح العدو الاول لهم ويتحينون الفرص لشرب دمه كما ان الايرانيين المطالبين بترك القضايا الشيعية العربية اصبحوا يكرهون اخوتهم الايرانيين الذين يتبنون نهج الدفاع عن كل الشيعة واصبحوا يسعون لقلب نظام الحكم المرجعي .
هذا التمزق والتشرذم الشيعي الحالي نجحت به الوهابية ومن ورائه امريكا حتى قامت تقتل متظاهراً شيعياً هنا وتحفز السذّج من الشيعة للانتقام من ايران على قتله وهذا الامر تصرف قديم قام به اغلب اعداء الشيعة على مر التاريخ ولازالت تنطلي هذه الحيل علينا ففي عهد الامام علي عندما التقى جيش الامام علي مع جيش عائشة والصحابة في معركة الجمل كادت الفتنة توئد لولا قيام معاوية بقتل جنود في معسكر عائشة بالسر كي يتم اتهام الامام علي بالعلن وتشتعل الحرب ومايحدث اليوم مشابه لما كان يحدث وهذا بداية النهاية للشيعة من خلال اشعال الاقتتال بينهم حتى يضعفوا ويكون افتراسهم اسهل .
واذا كانت الوهابية الاموية قد اكتفت منذ صدر الاسلام وحتى ظهور حكم للشيعة في ايران قد اكتفوا بحكم الشيعة واذلالهم والتعامل معهم كمواطنين من الدرجة العاشرة فان هذه المرة بعد اضعاف الشيعة من خلال تناحرهم سوف لايكتفون الا بمسح ماهو شيعي من على وجه الارض وسبي كل شيعية وان كانت طفلة رضيعة واذا كانت كرّتهم السابقة قد فشلت عندما ارسلوا دا ع ش فمع اتساع حالة التشرذم الشيعي والعداء الشيعي الشيعي فقد ينجحون في المرات القادمة سنكون فريسة سهلة لهم بتشرذمنا وسنؤكل بلد تلو الاخر بفرقتنا.
لذا اي تفرقة بين الشيعة نتيجة راي فقهي قد يكون خاطيء او تصرف خاطيء من سياسي او فرد ايراني تجاه العرب او بالعكس يعتبر خطر على الشيعة والتشيع فمصيرهم مشترك ووجودهم ووجود عوائلهم مشترك تهدده جهة طائفية لاتميز بين عربي وفارسي وتركي وكوردي اسلامي او علماني ملحد او موحد مادام شيعيا ومما يحزن ان هؤلاء السذّج من الشيعةاصبحوا يحرفون الحقائق لصالح الوهابية فتراهم ينفون ان التفجيرات داعش ية ورائها السعودية بل يتهمون ايران بالتفجير رغم اعتراف الدواع ش بتبني التفجيرات وهم يرددون بذلك كلام الاعلام السعودي ويؤيدونه
لذا كل شيعي يحاول ان يفرق الصف الشيعي فانه بلا رؤية ويتحمل وزر ملايين الارواح التي ستكون فريسة للوهابية نعم بامكانك ان تتحدث عن مشاكل قومية ومشاكل دينية مرجعية تفرق الصف الشيعي اذا كان العراق او ايران او لبنان او البحرين جزء من القارة الاوربية او الامريكية اما وان هذه البلدان تحيط بها الوهابية من كل جانب فكلام الفرقة والفتنة خطير لانه سيؤدي الى تفرقة الصف الشيعي الذي يجعلنا فريسة سهلة للوهابية .
قد لايهتم لوحدة الصف الشيعي الفرد الشيعي الذي يعيش في دول الغرب لانه بعيد وفِي مأمن هو وعائلته من الخطر الوهابي لكن الامر في غاية الاهمية للشيعة الذين يعيشون في دول الشرق الاوسط وتحيطهم الوهابية من كل جانب ورغم هذا ترى كثير منهم من البله والسذاجة ينتهز اي حدث لتفريق الشيعة وهو بهذا يقدم دمه وعرضه على طبق من ذهب للوهابية التي تحيط به من كل جانب وهو بهذا لايختلف عن الدواب التي هي كما يقول علماء الحيوان ان تفكيرها محدد باللحظة الانية فعقلها لايستطيع استحضار الماضي او التفكير بالمستقبل وكما قال عز وجل في قرآنه (ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لايعلمون) وكما قلت في حديثي ما اكثر البلهاء غير العقلاء في عالمنا الشيعي الذي يقدم دمه وعرضه على طبق من ذهب لاعدائه

روي عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) واصفًا جهلاء الشيعة في آخر الزمان:

”مِن شيعتنا يكونون ذخرًا للفاسقين، وملاذًا للفاسدين، وقطّاع طرق المؤمنين، إذ يُبالغون بِحُبّ مخالفينا والدفاع عنهم، ويكونون نحلة للملحدين،
الفاسق عندهم مُوقّر والمؤمن عندهم مُحقّر، لا يُميّزون بين الضأن والذئاب وبين المخلص والمرتاب“. بحار الأنوار/ ج ٢_ ص ٥

ضياء الخليلي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here