قراءة في تجربة التسيس والحكم الشيعي في العراق-1

1. بم يتميز المذهب الشيعي وكيف تم أستغلال المرجعية في الأفساد السلطوي

ادعى الأسلام المتشيع وعلى مدى تاريخه انه يمثل الأسلام اللاسلطوي او الأسلام المعارض للحاكم الظالم المستبد مستندا الى اسباب نشأته ابتداء من تنسيبهم لأنفسهم كونهم شيعة علي ابن ابي طالب امام المتقين والروحانيين في الأسلام ، مقابل معاوية ومن معه ومن تلاه إماما للسلطويين وعبدة المال والسلطة، وكلاهما حاكم مسلم، ويستند الى تاريخ التشيع الذي لايخضع للسلطات ورغباتها واصدار فتاوى اسنادها، بل المقترن بالثورات عليها على مدى تاريخه ابتداء من ثورة الحسين ضد يزيد عام 61 هجرية والثورات المتتالية وعلى مدى قرون ضد الفساد السلطوي، متهما الأسلام السني انه الأسلام الرسمي المنظر دوما لنصرة الحاكم حتى ولو كان جائرا،كما يقولون ، واثبته التاريخ ايضا، فالدين كان اداة بيد الحاكم في طغيانه مسنودا بفتاوى رجال الدين المنتقاة مما يختارونه من الكتاب ومن احاديث النبي وسيرة الصحابة سواء للغزو او لقتل وتصفية المعارضين أو لأرتكاب الموبقات أوالأستهتار بالحكم ، بينما يدعي الشيعة انهم لم يتبعوا يوما لحاكم، ولم يتقولوا له بفتوى، وفعلا اثبت أئمتهم ذلك على مدى حكم الأمويين ومن بعدهم العباسيين ويمكن اثباتها من خلال سيرة احد عشر اماما هم احفاد على وفاطة الزهراء محافظين على النقاء الروحي للأسلام وابعاد انفسهم عن الجاه والسلطة . هكذا تم طرح التشيع قبل الف عام ومازال يطرح نفسه دينيا واجتماعيا وسياسيا بهذا المفهوم،حتى ان بعض منظري الشيعة المعتدلين ارادوا بهذه السيرة فصل الدين عن الدولة بمقولة فصل الأمامة عن السلطة والحكم ، مستندين في جذورموقفهم الحداثي هذا الى موقف الأمام الحسن بتنازله لمعاوية، وثورة الحسين بعدم مبايعة يزيد ،وموقف الأمام جعفر الصادق من قيام الحكم العباسي الجديد ورفضه التدخل بالسياسة واطماعها السلطوية والحفاظ على موقع الأمامة الروحية اي بفصل الأمامة عن الخلافة والحكم، وربما يستند المرجع السيستاني الى هذه الجذور في ادارة مرجعية النجف للشيعة اليوم في العراق وكأن صوته يقول مهمتنا التربية الروحانية للناس بسيرة الرسول وال البيت من الأئمة ودع شؤون الحكم متروكة للأمة في ادارة شؤون دنياها. ومن نفس هذا المبدأ افتى احد رؤساء الأزهر بداية القرن الماضي “ان الشيعة هم اهل السنة الأمامية ” أي هم على نفس الأسلام السني ولكنهم

اقاموا الأمامة لفصل الدين عن الحكم والسلطة ، واتت هذه الفتوى على اثر مناضرات اجراها مع احد علماء الشيعة الكبارالسيد عبد الحسين شرف الدين العاملي من جبل عامل بلبنان الذي انتهج أسلوب استخدام ايات قرآنية واحاديث نبوية كقرائن لأثبات حق الخلافة لعلي ابن ابي طالب ومن بعده لأولاده وصولا الى الأمام المهدي الغائب, ووافقه الأمام الأزهري الطنطاوي بكل ماجاء به من قرائن قبل أن يصدر فتواه الرائعة هذه. والمناضرات مطبوعة في كتاب معروف أسمه “المراجعات” الذي يستخدمه المتشيعون حجة لدعم دعواهم ان علي وأولاده احق بالخلافة، ولكن الأمام الأزهري المصري كان ابرع واعمق منهم وأستخلص ولخص المذهب الشيعي الجعفري باحسن مايمكن به وصف مذهب الشيعة, أي المذهب الذي يقول بفصل الأمامة الروحية عن السلطة والحكم ،وهو ما لم يفققهه المتشيعون والكثير بل أغلب عمائمهم والى يومنا هذا. أنهم يفتخرون بهذه المناضرات انها نصرا لهم و ان صاحبهم قد انتصر فيها واجبر الأزهري على الأعتراف أخيرا بمذهب التشيع الجعفري,حيث كان قبلها دوما محاربا من دعاة السنة المتطرفين ومن السلطات. أن النقطة التي أثارها العالم الأزهري في فتواه هي على غاية الأهمية , فهي عدا دعواها للتصالح بين المذاهب, كما تبدو خارجيا, ولكنها تقول فهمه في جوهره أن التشيع يفصل مرجعية الدين الروحانية عن ألحكم والسلطة , اي عن السياسة عموما بمفهوم اليوم, وهو امر يساير مفهوم العصر الحديث وتجارب الأمم التي سارت على هذا النهج الذي يدعى العلمانية, وهو نفسه مايتبناه اليوم والى درجة ملموسة الأزهر ومرجعية السيد السيستاني في النجف الأشرف التي نشرت عدة مرات تصريحات للسادة المراجع فيها ان الحوزة مع فصل الدين عن السياسة والسلطة. ان موقف المرجعية هذا ربما يستند الى سيرة الأئمة الأثنا عشر وموقفهم من عدم الخضوع للسلطتين الأموية والعباسية مثالا يظهر الحرص على الأمامة من الأنزلاق الى السياسة ومطامعها ، ولو شاؤوا لباركوا للحاكم رغبته ونجوا من الحرمان والسجن ، ربما هذا هو ماتستند اليه المرجعية في أجتهادهم المتحضراليوم, واضيف اليه ربما المرارة التي حصدتها هذه المرجعية من توريطها في أول انتخابات برلمانية جرت بعد الأحتلال الأمريكي عام 2006 للعراق وأستخدمت احزاب التشيع صور المرجع السيستاني في دعاياتها مستغلة صمت المرجعية انذاك كعلامة الرضا ، وسكوتها ربما كان ظنا منها ان أفاضل طالما ادعو انهم من محبي ومتبعي علي ابن ابي طالب سيفوزون فيها ،

ولكنها اكتشفت بعد وصولهم للسلطة ، كما اكتشف كل الشعب العراقي، انهم اكثر فسادا من يزيد واكثر سفالة من مروان ابن الحكم , حيث سرقوا المال العام وهربوا او اسسوا ميليشيات لتحمي اعراشهم .

لا أشك ان السادة المراجع في النجف كل منهم قد عض على اصابعه لهذا الأستغفال ولكن أليس , ومازال الحال لحد اليوم, الأحرى بهم اليوم اصداره فتوى البراءة الواضحة منهم ومن فسادهم وبتحريم اموالهم وفتوى مصادرتها وارجاعها للشعب صاحبها ،وتحريم التعامل معهم ومع احزابهم والأفتاء بحل ميليشياتهم تكفيرا عن تمريرهم امام الناس والمقلدين والتابعين الذين يثقون بالمرجعية ومسؤوليتها بالحفاظ عليهم من الخداع بأسم المذهب والدفاع عن مصالحهم ،التي هي أيضا مصالح الشعب والوطن، من هؤلاء السفلة من انتهل أسم وسيرة علي ابن ابي طالب والأئمة الطاهرين بتجويع هذا الشعب وافقاره وحرمانه من الخدمات واستهتارهم بالدولة وبمصير الوطن ووضعه بيد من يقلدون في طهران ليحميهم في السلطة وبه يخونوا الوطنية العراقية ..أنهم هم من يمارس فساد السياسة باسم مصلحة المذهب ويسرق بأسم المذهب ويقتل الأبرياء من المتظاهرين باسم المذهب ويخون مصالح وطنه باسم المذهب، فاليس للمرجعية ان تمارس حماية المذهب من السفلة السياسيين سارقي قوت الشعب ، اليس هو واضحا ضرورة موقفها الجلي لتفتي بسفاهة وبسفالة هؤلاء من يدعي مصالح المذهب خارجها وتحرم هذا الأستشراء التحزبي باسم المذهب حفاظا على التشيع وعلى الصالح العام بل وحتى على مستقبل المرجعية في العراق، حان الوقت للمرجعية ان تبرئ ذمتها من تورطها الأول ومن الحفاظ على سمعة المذهب الذي دفع العراقيون ملايين الضحايا على مدى التاريخ بثوراتهم ضد الطغاة واليوم جعل منه هؤلاء اضحوكة لما يسمى التشيع ، فهو تشيع في المعارضة ، وحرامية وطغاة في السلطة ..اذن لم يعترض الشيعة على معاوية ويزيد عبر التاريخ وهاهم يكررونهم في السلطة .. اليس هم من قتل 800 من اتباع الحسين في تشرين .. فعلى المرجعية بالفتوى الواضحة بتحريم الأحزاب باسم المذهب وارجاع الأموال المنهوبة من الشعب ومحاسبة قتلة انصار الحسين في القرن الحادي والعشرين اذا ارادت ان تحافظ على سمعة وتاريخ هذا المذهب ..يتبع

د. لبيب سلطان

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here