ثقل العراق كبير و ثمن التدخل فيه باهض وهو سوف يقصم ظهر أمريكا وايران

بقلم: البروفسور الدكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي

ان واحدة من أهم الاسباب في انهيار الامبراطوريات والدول الكبرى على مر التاريخ البشري هو تدخل تلك الامبراطوريات في شؤون البلدان الاخرى وخاصة التدخل العسكري والاحتلال بكافة اشكاله. والحقيقة التي لايختلف عليها اثنان هو أن الارادات لايمكن ان تفرض على الشعوب من الخارج على الاطلاق. ولم تنجح التبعيات على مر العصور مهما كانت ارتباطاتها وان منظومات التبعية لابد ان تنهار لانها حالة شاذة لابد ان تظهر لها معارضة من داخلها ومن خارجها. هناك عنصران اساسيان في تسريع انهيار الامبراطوريات عندما تتدخل بشؤون الدول الاخرى. العنصر الاول هو اذا كانت الدولة التي يتم التدخل في شؤونها تمتلك مقومات حضارية واقتصادية وبشرية وذات شعب لايرضى بالضيم والاحتلال والظلم والتبعية. والعنصر الثاني في تعجيل انهيار وتفكك هذه الامبراطوريات المتعالية هو الضعف الذي تعاني منه في داخلها ويشتمل ذلك على كون النظام الذي يحكمها من الداخل هو نظام استبدادي ظالم وقمعي ضد شعوب دولته انفسهم. وعندما تنهار هذه الامبراطوريات فأنها سرعان ما تتفكك وتصبح دويلات صغيرة ثم تكون الغلبة فيها للشعوب التي كانت مقهورة وتعاني من العنصرية والتهميش العرقي او القومي.

ان اختلاف الدول والشعوب واللغات والعادات والتقاليد هي سنن طبيعية الهدف منها التعارف وعدم الاعتداء واتقاء الشرور التي قد تسبب وقوع الظلم والتخلف والفقر والقهر والتبعية وهذا ما لايرضي الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). قال لتعارفوا ولم يقل لتتقاتلوا او ليستعلي بعظكم على بعض او يجعله تبعا.

هذه المقدمة المختصرة جدا تجرنا ما قامت به كل من امريكا والنظام الفارسي في ايران تجاه العراق وشعبه المظلوم منذ حرب عام 1980 وما تلاها من حروب وتدخلات لم تكن نتائجها تصب الا بصالح الصهيونية واسرائيل واضعاف المنظومة العربية. لايختلف اثنان على ان ما قام به نظام طهران في تدخلاته في العراق واليمن وسوريا ولبنان والبحرين والسعودية وغيرها كان ولايزال مكملا للدور الامريكي الصهيوني. وبعد التدخل الشنيع والمذل في العراق أصبحت ايران ونظامها الحالي ينطبق عليها المثل القائل (جنت على نفسها براقش). فالذي حصل هو بالضد لما خطط له النظام الفارسي في طهران اذ أصبحت ايران ممقوته ضمن عموم المكون الشيعي العربي وبالخصوص العراقي ما عدا البعض من الخونة والمنتفعين وذيول التبعية. فقد حاول النظام الفارسي الدخول الى العراق من خلال المكون الشيعي ومذهب اهل البيت ولكنه وجد ان شيعة العراق كسنته ولائهم للوطن قبل كل شيء ولسان حالهم في ثورة تشرين يردد (ان من يثور من اجل الكرامة لن يصمت حتى تكون له الكرامة). اضف الى ذلك التدهور الذي حصل في العراق في كافة المجالات والسبب هو دائما ذيول الاحتلال الأمريكي البغيض والفارسي اللعين. فماذا على الشعب المقهور والذي يرى خيراته ومقدراته دمرت وسيادته انتهكت وامواله أصبحت نهبا ما بين احتلالين اتعسهما بغيض.

هناك امر مهم وهو ان العالم مقبل على تغيرات قد لاحضنا بعض علاماتها عند هزيمة امريكا بشكل مذل من افغانستان وعودة طالبان للحكم و جبن امريكا امام الغزو الروسي لاوكرانيا ولنفس الاسباب المذكورة اعلاه هي سوف تنهار عاجلا ام آجلا وسوف تتفكك الى دويلات او لايات كل يدعي سلطة اعلى. اما ايران فانها اخطأت باعتقادها ان العراق يمكن اخضاعه لاوامرها لانها لم تقرأ التاريخ جيدا وقد اصيبت بالعمى الفكري بسبب الاستعلاء والغرور الناتج عن النظر من خلال ثقب واحد هو ثقب الامبراطورية الفارسية. وهي بذلك لاتزال تعاني من الصداع الذي تسببت به معركة ذي قار ومعركة القادسية رغم جرع الاسبرين والترياك ومحاولة كسر العرب باستخدام نفس الدين العربي ولكن بصبغة فارسية تكره العرب وتصفهم بابشع الصور العنصرية! العراق ثقيل جدا ولا يمكن لدولة ان تجعله تبعا لها وقد وصفوه بانه جمجمة العرب وانه صاحب (ذي قار) و (القادسية) وبلد الحضارات البشرية الاولى التي ارتوت منها ايران وغيرها وبلد ابراهيم الخليل ابو الانبياء وبلد الائمة والاولياء والصالحين وعاصمة علي بن ابي طالب و بعد ذلك عاصمة الامبراطورية الاسلامية لمدة 524 سنة. وان ايران لتعلم علم اليقين ان العراقي لايتنازل عن وطنه وقد خبرت ذلك من خلال الحرب معها ومن خلال ثورة تشرين وان العراق لم تتمكن ان تهزمه الدنيا بدولها كلها عام 1991 ولم يركع للحصار البربري واذاق المحتل الامريكي وذيوله مر العذاب وعلقمه بعد عام 2003 كما فعل بالمحتل البريطاني في ثورة العشرين وعندما خانه ابن العلقمي لم يسقط بل سقط اعدائه ومنهم ابن العلقمي. لقد اخطأت ايران الشر فهي سوف لن تتحمل ثقل العراق وسوف يؤدي ذلك الى انهيارها وتفكك اوصالها وثورة الشعوب الايرانية عليها خاصة الشعب العربي في الاحواز وسوف لن يذرف احدا دمعة عليها ولن تجد بعد اليوم من يتعاطف معها وسوف لن تتمكن من خداع الشيعة بالعواطف و بمذهب اهل البيت التي اساءات اليه ما لم يسيء اليه احد غيرها. وليعلم النظام الفارسي في طهران ان العراق ثقيل وانها لو استمرت بنهجها المدمر فيه فان العراق سوف يقصم ظهرها مهما طال الزمن. انه فقط الاستعلاء والظلم والمستعلي كالواقف على قمة جبل يرى الناس صغارا ولكن الناس تراه اصغر وهو الى السقوط مصيره اما الناس ففي سفح الجبل يتفرجون وسيعلم الذين ظلموا ي منقلب ينقلبون.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here