اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر عن القرآن الكريم من سورة المائدة (ح 60)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في منتدى جامع الأئمة في خطب الجمعة للسيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: بمناسبة مرور عيد الفطر نتكلم عن فكرة العيد في الإسلام ويكون ذلك في ضمن عدة نقاط:

النقطة الاولى: انه يعتقد طبقة من أهل اللغة ولعله هو المشهور بينهم ان العيد انما سمي عيدا لأنه يعود كل سنة كأنه مأخوذ من العود فيكون عيد بمعنى عائد كفعيل بمعنى فاعل مثل عليم بمعنى عالم. الا ان هذا واضح المناقشة : اولا: ان العود بالواو والعيد بالياء فتكون كل واحدة مادة منفصلة مباينة مع الاخرى ولا يوجد وجه معتد به لتبرير تبديل الواو ياءاً في لفظ العيد. ثانيا: انه لا تنطبق هنا قاعدة فعيل بمعنى فاعل لوضوح ان عيد ليس على وزن فعيل لا فعلا ولا تقديرا. ومن هنا فإن الاطمئنان العرفي على ان لفظة عيد لفظ مستقل وضع لأجل الدلالة على هذا المعنى بالذات وهو أي يوم يناسب فيه اجتماعيا إظهار الفرح والسرور فيكون عيدا. ومن الطريف الملفت للنظر والذي الفت نظري على أية حال إنني نظرت في عدة مصادر لغوية فلم اجد معنى العيد فيها موجودا بما فيها لسان العرب لابن منظور ومجمع البحرين للطريحي والمفردات للراغب الاصفهاني وغيرها. وبالتأكيد فان لفظ العيد ليس كلمة مستحدثة ليعرض عنها اهل اللغة ويهملوها بل هي قديمة واصيلة في اللغة بدليل انها واردة في القرآن الكريم في قوله تعالى: “تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ” (المائدة 114) الامر الذي يدل على انها كانت متداولة ومفهومة في صدر الاسلام والعصر الجاهلي السابق عليه.

النقطة الثانية: ان العيد بالمعنى الأصلي هو وقت حدوث مناسبة السرور والابتهاج الاجتماعي نفسه كحدوث انتصاراً على العدو مثلا او ولادة شخص مهما أو حصول فرج بعد الشدة ونحو ذلك وليس العيد هو ذكراه السنوية المتكررة كل عام لوضوح أن المناسبة الحقيقية لا تحصل كل عام وإنما هو مجرد تكرار او اجترار وتذكر لما كان قد حصل في الزمان الماضي لا أكثر فهو في الحقيقة عيد مجازا وليس عيدا حقيقة. في حين أن العيد الحقيقي هو يوم حصول الحادثة المفرحة نفسه. وهذا هو مراد الآية الكريمة حين تقول: “تَكُونُ لَنَا عِيدًا” (المائدة 114) يعني بمناسبة نزول المائدة من السماء التي هي سبب الفرح والابتهاج ولم يقل انها تكون لنا عيدا نحتفل به كل عام. الا اننا يمكن ان نلاحظ ان المناسبات السنوية الاسلامية او الدينية على كلا الشكلين من هذه الناحية فمنها ما يكون ذكريات سنوية لحوادث سابقة في صدر الاسلام وربما اكثرها كذلك وهو الاعم الاغلب منها بما فيها مناسبات ولادات ووفيات المعصومين سلام الله عليهم وعيد الغدير. ومنها ما يمكن القول أن المناسبة بنفسها تتكرر كل عام فنحن في كل عام في مناسبة جديدة وسبب حقيقي للفرح والابتهاج فيكون عيدا ليس لأجل مجرد الذكرى بل هو عيد فعلي لمناسبة حاصلة تخصه في نفس الوقت وهذا المعنى متحقق في كل من عيد الفطر وعيد الاضحى كما هو متحقق بمعنى آخر في ليلة القدر ويوم عرفة على ما سنسمع شيئا من تفاصيله في النقاط التالية.

النقطة الثالثة: قلنا في ما وراء الفقه أنه تقوم فكرة الايام المهمة او المتبركة في الدين على احد اسس ثلاثة تنقسم الايام باعتبارها الى ثلاثة اقسام: القسم الاول: الأيام التي تكتسب أهميتها باعتبار أن حادثة مهمة قد وقعت فيها كولادة النبي صلى الله عليه وآله وولادة امير المؤمنين عليه السلام ووقعة بدر ويوم المعراج ويوم الغدير ونحو ذلك فهذه ايام المناسبات التي تعطي للمسلمين بتجدد الذكرى كل عام ما يمكن أن تعطيه من إلهام مقدس لكل فرد مسلم بمقدار حاله ومستواه. القسم الثاني: الأيام التي تكتسب اهميتها باعتبار كونها وقتا لأداء عبادة كبيرة في نظر الشريعة ومن أهم امثلة ذلك ليلة القدر في شهر رمضان بل ايام شهر رمضان كله وكذلك يوم عرفة في الحج فأنها واقعة في بحران العبادة وقمة اندفاع المكلف في التوجه الى ربه والتوسل اليه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here