العلاقات الدولية والعلاقات الاجتماعية

بقلم ( كامل سلمان )

العقلاء يشبهون علاقاتهم مع بعض او مع الاخرين في العمل او المهن او المناصب والوظائف بالضبط بنفس طريقة العلاقات الدولية ، اي العلاقات بين الدول . وعندما نتحدث عن العلاقات الدولية اي إننا نتحدث عن ما تسعى إليها الدول من اهداف في العصر الحديث ، ففي العصر الحديث هناك ثلاثة انواع من العلاقات بين الدول ، كل علاقة تسير بخط متوازي مع الاخريات ولكن في النهاية تلتقي جميعا عند الأمن القومي للبلدان ، فهناك العلاقات الاستخباراتية والعلاقات( الاقتصادية التجارية الصناعية ) و العلاقات الدبلوماسية ، في العلاقات الدبلوماسية ليست هناك صداقات دائمة ولا عداوات دائمة بل هناك مصالح دائمة ، مصالح الوطن ومصالح الشعب والمصالح القومية للبلد وهذه المصالح لا يمكن المساومة عليها حتى في أصعب الظروف والسياسي البارع هو الشخص القادر على جعل جميع هذه العلاقات تصب في مصلحة بلده ، اما في العلاقات الاستخباراتية فليست هناك صداقات ولا مصالح بل هناك عدم ثقة دائمة ، عدم حسن الظن بأية جهة ، كشف نوايا الأصدقاء قبل الأعداء ، فمهما كان الطرف الاخر صديق او قريب او حليف يجب ان يعامل كعدو يستوجب البحث عن مراكز قوته ومواطن ضعفه وتكتشف خفاياه رغم قربه منك فأي معلومة ترصدها ستنفع في تعاملاتك المستقبلية معه ، واحيانا يتم التعاون والتنسيق مع الاعداء اي انك عدوي ولكني اتعامل وأتعاون معك على ضوء الحاجة المؤقتة والمنفعة ولكن في النهاية هذا لا يغير من العداوات بين الاطراف ، وهذا النمط من السلوك هو النمط الطبيعي في الدوائر الاستخباراتية ، اما العلاقات الاقتصادية والتجارية اضافة الى العلاقات الصناعية فهي الصداقة الدائمة طالما تخدم الامن القومي للبلدان المتعاملة وتخدم مصالح الشعوب ، لذلك تجد بعض الدول بالرغم من عداءها السياسي الا ان العلاقات التجارية لم تتوقف ، إذا هي ثلاثة خطوط متناقضة احيانا ومتوافقة احيانا اخر ، ولكنها تلتقي عند الامن القومي للبلدان وبنفس النمط وبنفس الطريقة وبنفس الشاكلة هي علاقات العمل وعلاقات السوق وعلاقات المهن وغيرها بالنسبة للعقلاء الذين لا يجعلون للعاطفة ولا طيبة القلب مقياس ريادي في العلاقة ، اما العلاقات الاجتماعية فهذا شيء أخر لا تخضع لهذه المعادلة فالعقلاء يضعون الامور في موازين ثابتة ولا يخلطونها ، لهذا السبب عندما يتم تعيين العاقل في مجال عمل حكومي محدد او في مجال صناعي او تجاري ، فإن نسبة النجاح عنده تكون كبيرة نظرا لطبيعة فهمه وإدراكه للأمور بشكل عام ولا يميل للمجاملات و المحاباة على حساب العمل ، وهذا ما يفسر بالضبط سبب فشل بعض القيادات او اصحاب المناصب في ادارتهم لأعمالهم بعد ان يتم تعينهم من قبل احزاب وتنظيمات لأنهم بالاساس لا يفهمون العلاقات و قوانين العلاقات التي لها ثقافة خاصة تكون واسعة وعميقة بنفس الوقت ، فيذهبون الى الاجتهاد الشخصي والعاطفي والمحاباة فتنعكس هذه العشوائية على قيادتهم للعمل او للمنصب . وهذا ما نسميه بالجهل . وكلنا يعرف مدى سلبية الجهل المقرون بالعمل . الجهلاء لا يعيرون اهتماما للمقاييس العقلية فيرتكبون الأخطاء القاتلة التي تكون نتائجها ايضا قاتلة على المجتمع … هذه الفروقات التي تبدو بسيطة في ظاهرها الا إنها شديدة الأهمية في ارتقاء المجتمع وفي الواقع ، ولو تمعنا جيدا في اي مجتمع نال العلو والسمو والرفعة تجد الجدية في تطبيق ما نقوله هنا فالتنافس والتحدي ليس نزهة بل مسؤولية كبيرة علينا ان نفهمها بشكلها الحقيقي او نبقى نراوح في نفس المكان الذي نحن فيه .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here