تقهقر القوات الروسية في شرق أوكرانيا يصدم المناصرين

أصيب الكثير من الروس والأوكرانيين الموالين لموسكو بصدمة شديدة عقب استعادة القوات الأوكرانية لمساحة واسعة شرقي البلاد، مما أجبرهم على الفرار إلى مدينة بيلغورود الحدودية وغيرها من المدن والبلدات داخل الأراضي الروسية، وذلك وفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال“.

وبحسب شهادات حصلت عليها الصحيفة الأميركية من عدد من الأوكرانيين الذين فروا إلى مدينة بيلغورود  الواعقة على بعد حوالي 40 كيلو مترا شمال الحدود الأوكرانية، فإنهم لم يتوقعوا ذلك التقهقر الكبير للقوات الروسية، قائلين أن سلطات موسكو كانت قد وعدتهم بـ”البقاء إلى الأبد” في تلك المناطق.

وكانت القوات الأوكرانية قد نجحت في تحرير حوالي 6 آلاف كيلومتر مربع في منطقة خاركيف شمال شرقي البلاد، مما أجبر قوات موسكو والعديد من المسلحين والمدنيين الموالين لها على الانسحاب إلى داخل الأراضي الروسية.

ويعد ذلك التقهقر، أحد أكبر انتكاسات موسكو منذ فشل القوات الروسية في الاستيلاء على العاصمة كييف في وقت مبكر من الغزو الذي انطلق قي 24 فبراير الماضي.

“خوفا من السجن”

وفي مقابلات أجريت في بيلغورود مع 6 أوكرانيين، فضلاً عن السكان المحليين الذين قدموا لهم مساعدات إنسانية،قالوا إن العديد ممن تدفقوا إلى روسيا كانوا قد رحبوا بغزو موسكو لجارتها الغربية، وأن بعضهم  أضحى لديه جوازات سفر روسية بالإضافة إلى عملهم في مستشفيات ومدارس حكومية تحت إدارة السلطات الموالية لموسكو.

وقد أعرب بعضهم عن ذهولهم من الانسحاب الروسي الكبيرة، إذ تقول امرأة كانت تعمل في بنك للملابس يديره متطوعون إنها قد حصلت على وظيفة في قسم المحاسبة التابع للحكومة الروسية في كوبيانسك بأوكرانيا، وذلك قبل أن تترك كل شيء وراءها مع وصول القتال إلى المدينة، خوفًا من ملاحقتها قضائيًا لتعاونها مع الروس.

وبموجب القانون الأوكراني، يواجه من تثبت إدانتهم بالتعاون مع قوات وسلطات الاحتلال عقوبة سجن تترواح بين 10 إلى 15 عامًا، وفي هذا الصدد تقول تلك السيدة: “يسألنا الناس عن شعورنا حيال العملية  العسكرية الخاصة (المصطلح الرسمي للكرملين لوصف الغزو)، ولكننا نشعر بعدم اليقين ولا نفهم الآن سبب حدوثها على الإطلاق.”

وأوضحت أنها تخشى على سلامة أقاربها الذين ما زالوا في كوبيانسك، على بعد حوالي 60 ميلاً من الحدود الروسية.

وكان  المئات من سكان الأراضي التي تحتلها روسيا قد هربوا إلى منطقة بيلغورود الكبرى، وفقا لما ذكرت بحسب السلطات المحلية، وذلك في حين أظهرت مقاطع الفيديو التي نشرتها وسائل الإعلام المحلية في نهاية الأسبوع الماضي رتلًا من السيارات مصطفًا على الحدود الروسية الأوكرانية.

وقد جرى إيواء ما يقرب من 1300 أوكراني ممن فروا في المنطقة منذ ذلك الحين، وفقًا لحاكم بيلغورود، فياتشيسلاف جلادكوف.

وقال رجل غادر مدينة بالاكليا الأسبوع الماضي عقب قدوم  القوات الأوكرانية: “لقد صدقنا الروس عندما قالوا أنهم لن يتركونا”، مضيفا: “والدي  لا يزالان في المدينة، وإلى اللحظة لم نفهم ما حدث”.

صمت الكرملين

وقد التزم الكرملين الصمت بشأن الانسحاب، بينما صرحت وزارة الدفاع الروسية أنها سحبت قواتها نحو أجزاء من دونيتسك في شرق أوكرانيا التي سيطرت عليها موسكو منذ بدء الصراع لأول مرة في العام 2014 عندما ضمت شبه جزيرة القرم.

ولم يرد الكرملين والسفارة الروسية في واشنطن على طلبات التعليق الواردة من الصحيفة الأميركية.

ومن جانبها، قللت وسائل الإعلام الحكومية الروسية من تغطية وقائع انسحاب قوات الكرملين، على الرغم من أن بعض الخبراء في التلفزيون قد دعوا إلى إعادة تقييم الاستراتيجية العسكرية الروسية.

وفي المقابلات، قال معظم سكان بيلغورود إنهم يثقون بخطة الكرملين ويقفون إلى جانب موسكو، لكن البعض تساءل عما إذا كانت “العملية العسكرية الخاصة” تنفذ بشكل فعال.

قال أندريه بورزيخ، الذي ساعد في جمع المعدات مثل الطائرات بدون طيار والنظارات الليلية للقوات الروسية على الخطوط الأمامية: “يجب أن يكون هناك تحقيق لتحديد ما إذا كان هناك تخريب أو إهمال أو عدم كفاءة”.

وأردف: “من الواضح أنه كانت هناك بعض الحسابات الخاطئة، ربما كانت تكتيكية، وربما استراتيجية.”

في بيلغورود، قال أحد السكان المحليين إنه اشترى شاحنة مدرعة وقضى الأشهر القليلة الماضية في نقل الأدوية إلى كوبيانسك ومدينة فوفتشانسك، وأنه قد عبر الحدود إلى أوكرانيا بعلم حرس الحدود الروس،

وزاد: “أعتقد أن هذا هو أحد إخفاقات الكبرى للجيش الروسي.. فهم لم يعيدوا الأمور إلى نصابها”.

في سوق بوسط بيلغورود، كان الجنود الروس، الذين قالوا إنهم انسحبوا للتو من منطقة خاركيف، يتجولون حول الأكشاك التي تبيع المعدات العسكرية، واعترف ثلاثة منهم بأن قواتهم قد تلقت توجيهات في اللحظة الأخيرة بالانسحاب من مواقعهم،  وأنه قد قيل لهم منذ ذلك الحين إنهم سيعيدون انتشارهم في الأيام المقبلة.

وقال أحد الجنود: “كنا سنقع تحت الحصار لو لم نغادر مواقعنا بسرعة، والأوكرانيون أضحى لديهم الكثير من العتاد الآن”.

وأوضح جندي آخر أن ذلك الانسحاب يمثل أول استراحة له منذ غزو أوكرانيا في أواخر فبراير، لافتا إلى أن العديد من الجنود كانوا يتجولون في وسط مدينة بيلغورود وهم سكارى.

كما تسبب الانسحاب في قلق العديد من سكان بيلغورود، المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 400 ألف شخص حيث جرى تفعيل أنظمة الدفاع الجوي لصد أي ضربات صاروخية متوقعة، في حين أكمل رجل الأعمال المحلي، دينيس كاتين، بناء ملجأ من القنابل في الفناء الخلفي لمنزله كان قد بدأ به عقب الغزو مباشرة.

وقال أحد أصحاب المتاجر، الذي كان يبيع منذ مارس معدات مموهة وبقع تحمل رموز “Z” و “V” – الرموز الموالية لروسي – إن الخطأ في الانتكاس يقع على عاتق المستويات العليا في القيادة الروسية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here