هل كشفت المواجهة العسكرية بين أذربيجان وأرمينيا التناقض الأوروبي؟

مراقبون أشاروا إلى أن باكو أرادت اختبار رد فعل الغرب بعد زيادة الاعتماد على غازها

 

وما يمكن قوله هو إن أذربيجان أرادت اختبار مدى رد فعل الغرب، بخاصة أنها في موقع قوة بعد زيادة اعتماد أوروبا على الغاز الأذربيجاني أخيراً عبر أنبوب الغاز الذي يغذي دول جنوب أوروبا ويمر عبر إيطاليا بحيث بلغ حجم الغاز المصدر 7.3 مليار متر مكعب ومن المتوقع أن يصل إلى 12 مليار متر مكعب أي بزيادة 30 في المئة من حجم الصادرات إلى أوروبا، لكن ذلك يجب ألا يشكل ضمانة بالنسبة إلى باكو للذهاب بعيداً في مواجهتها مع جارتها.

يقول الباحث إيمانويل دوبوي إن “هذا العامل بالطبع كان له دوره وقد يعطي الشعور بحاجة أوروبا بشكل أساسي إلى هذا المصدر لكنه قوبل بحملة مضادة من قبل بعض وسائل الإعلام والرأي العام الذي اعتبر أن التناقض واضح لغياب أي رد فعل لما حصل مقارنة بردود الأفعال تجاه ما يحصل في أوكرانيا بحجة أننا بحاجة إلى الغاز. كما أن هذا لا يعني أن المجتمع الدولي قد يترك المجال مفتوحاً إلى ما لا نهاية أمام أذربيجان، بخاصة أن البلدان الاسكندينافية أكثر تمسكاً بقضايا حقوق الإنسان، مما يعني عدم وجود موقف موحد في أوروبا”.

تأثير الاتحاد الأوروبي

لكن ما مدى تأثير الاتحاد الأوروبي في هذه البقعة الجغرافية، يجيب دوبوي، “علينا ألا نغفل أننا في هذه المنطقة وحتى لو تحدث إيمانويل ماكرون إلى باشينيان، فهذا لا يعني أن لدينا القدرة على حل الأمور وما حصل يظهر مدى عدم فاعلية مجموعة مينسك وحدود قدرة الاتحاد الأوروبي، فتوزيع الأدوار محكم في هذه المنطقة بين روسيا وتركيا، إذ لا بد من الإشارة إلى تشابك المواقف والبلدان ينتميان إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي أنشئت عام 2000 وتنص المادة الرابعة منها على الدفاع عن البلد الآخر في حال تعرضه للاعتداء على غرار المادة الخامسة من اتفاق حلف الأطلسي”.

ومن تداعيات الحرب في أوكرانيا المواجهات الأخيرة بين دولتين من الاتحاد السوفياتي سابقاً حيث لم يتم ترسيم الحدود بشكل قاطع وهما قرغيزستان وطاجيكستان، وبحسب دوبوي “يمكن القول إن التضامن ليس على أفضل حال بين دول معاهدة الأمن الجماعي”.

وعليه يمكن اعتبار ما حصل كاختبار لمدى سيطرة روسيا على الوضع في هذه البقعة وعلى الرغم من المصاعب فهي ما زالت تملك الكلمة الفصل، إذ إن باشينيان والرئيس الإيراني تواصلا مع الرئيس الروسي وبوتين أمر بوقف العمليات العسكرية، “وما يمكن استخلاصه أن ما حصل يضعف مبادرة الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى اتفاق سلام والوساطة التي أطلقها شارل ميشيل”، كما يقول دوبوي الذي يضيف “هذه المناوشات تضعف في الواقع روسيا لأنها تضمن أمن أرمينيا لكنها غير قادرة على حمايتها وهي التي دعت إلى الكف عن استخدام السلاح والأذربيجانيون يجربون قدرة الدول الغربية، ولا ننسى أنه في نوفمبر 2020 توزعت الأدوار بين تركيا وروسيا على أن تتولى الأخيرة الجانب العسكري من الاتفاق في حين تتولى الأولى الجانب السياسي وهناك توافق بالمواقف بين البلدين سواء في أوكرانيا أو أذربيجان أو البحر الأسود، حيث تطمح تركيا إلى لعب دور حلقة الوصل بين البحر الأسود وبحر قزوين”.

ما يمكن استخلاصه أن عملية السلام بين البلدين حتمية وموقع باشينيان ومستقبله السياسي مهددان من قبل الصقور الذين يريدون استعادة قرة باغ وهو إقليم صدرت بشأنه أربعة قرارات دولية تؤكد وحدة أراضيه وسيادة أذربيجان عليه، على الرغم من أن غالبية سكانه من الأرمن.

لكن يريفان تعاني اقتصادياً وباتت معتمدة على روسيا والأرمن وباشينيان يدركان أن الحل الوحيد يكمن في التوصل إلى اتفاق سلام لتحقيق النمو الاقتصادي وتخفيف الاعتماد على موسكو.

في المقابل أذربيجان بدورها تدرك أهمية قنوات التواصل ولا يمكنها الاعتماد إلى ما لا نهاية على قوة السلاح، فمنطق القوة لا يوفر كثيراً من التقدم، لذا فإن تفعيل شبكة المواصلات وطرق التجارة يبقى السبيل الوحيد، إضافة إلى ترسيم الحدود والتوصل إلى اتفاق سلام كون وقف إطلاق النار لا يشكل الحل الدائم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here