الظاهرة الطائفية في العراق من منظور المفكر هادي العلوي، كشف الجذور وتفكيك الرموز (*) ح2

الظاهرة الطائفية في العراق من منظور المفكر هادي العلوي، كشف الجذور وتفكيك الرموز (*) ح2 ، د. رضا العطار

بعد ان يلم القارئ العراقي النبيه بمضمون المقال التالي، سوف يعلم بان منزلة الوطن عنده، يجب ان تكون اغلى واعز من عقائده المذهبية !

على ضوء المقدمات التوضيحية في الحلقة السابقة تفترق المنهجة التاريخية النقدية المطلوبة في استقرائنا لهذه الظاهرة افتراقا حادا ومثيرا لاشكاليات مختلفة عن منهجات اخرى تناولتها من مواقع اريد لها ان تكون نقدية، لكنها انتهت للاسف لتكون جزا وطيدا من بنية الخطاب الطائفي، لانها مشروطة اصلا الى هذه الدرجة او تلك، في الانحياز الناجم من جملة الاحكام والاراء المسبقة والمستغرقة بحسابات سياسية وفكرية نفعية. وعلى النقيض من هذا فان التراث والسلوك النضالي للقائدين المؤسسين الفعليين للدولة العراقية : مهدي الخالصي ومهدي الحيدري – رغم انهما من رجال الدين الشيعة – يمكن اعتبارهما خارج بنية الخطاب الطائفي تماما لا بل اننا نعتبر تراثهما جزءا حيويا ومهما من بنية الخطاب العقلاني المضاد للطائفية شكلا ومضمونا مصدرا ومالا. – انها بنية تروم هذه الدراسة ان تشكل مفتاحا لفهمها كظاهرة سلبية وترسيخ نقيضها في تربة الواقع السياسي والفكري العراقي لتكون امتدادا وتواصلا ومن ثم تطويرا لكل فكر وتراث مناهض ومنقض للخطاب الطائفي التدجيلي الراهن والزاحف علينا بقوة عبر السنوات الاخيرة.

لقد نحينا جانبا كل ابتزاز محتمل لمنهجيتنا ومقولاتنا وندرك جيدا اننا سنواجه بالاحرى شبكة متنوعة وربما معادية من الابتزازات والارهاب الفكري – ثمت مثلا الابتزاز الطائفي السني الراغب في استمرار دار لقمان على حالها – سواء مكنت الحكومة القائمة ام ذهبت مع الريح – وهناك الابتزاز الطائفي الشيعي الذي لن يطبق بكل تأكيد هذه القراءة الفاضحة لملابساته التي ظلت في مأمن من اية فاعلية نقدية على اسس عقلانية قرونا طويلة.

اضافة الى ما سبق فان هذه المنهجية ستزعج اولئك القائلين بعلمانوية زائفة تسوي بين القرامطة والاخوان المسلمين، وتحكم على الاثنين بالرجعية – كما يقول بذلك بعض المستشرقين العرب – واخيرا فلن نكون بمنجي من ردود افعال الذين سيجدون افكارهم وقد اضحت جزء من بنية الخطاب الطائفي – ولهؤلاء نقول : اننا لا نشطب على انجازات احد ولا نلقي اتهامات جزافية بل ونعبًر عن احترامنا للنوايا الطيبة التي كتبوا في هديها – غير ان العقل وطرائق عمله لا يقيم كبير وزن للنوايا والعواطف رغم جمالها بل للحقائق والمصائر – وقديما قال عدو الطائفية الاول ابو العلاء المعري

كذب الظن لا امام سوى العقل * * * مشيرا في صبحه والمساء

اطلق اسم (طائفة) على بعض الفرق الاسلامية في عصر متأخر ليكرس تحول الفرقة الى جماعة دينية خالصة بعد ان تكون قد انسحبت من ساحة العمل السياسي او الثقافي الذي يقع في اصل تسمية فرقة. وشملت التسمية الجديدة اهل السنة والشيعة بفروعها الاسماعيلي والجعفري والزيدي والدرزي – كما انسحبت التسمية على الفئات المسيحية المختلفة في الوقت الراهن.

الطائفية مصدر صناعي من الطائفة يشير الى الانحياز للطائفة والتعصب ضد الطوائف الاخرى – – لم يطلق اسم الطائفة على المعتزلة والاشاعرة لان كيانهما قائم على العقليات دون النقليات – استعملوا النقاش العقلي لترسيخ عقائدهم – وقد زالا من الوجود قبل انقضاء العصر الاسلامي.

كانت المعتزلة والاشعرية والباطنية الاسماعلية والخوارج تسيطر على اقاليم كثيرة في ديار الاسلام وتشكل الاكثرية في مقابل فرق السلفية – – وبعد زوال المعتزلة والاشاعرة بدأ المسلمون ينقسمون الى طائفتين اساسيتين هما السنة والشيعة – وقد تكرس هذا الانقسام في غضون القرن السابع الهجري – لكن هذا الانقسام لم يؤثر على مجرى الاحداث في العالم الاسلامي – وذلك لان الانقسام لم يكن متعادلا بحيث تتناصف الطائفتان فتقف احداهما في مواجهة الاخرى في كل بلد من بلدان الاسلام.

الى الحلقة التالية

* مقتبس من كتاب المرئي واللامرئي في الادب والسياسة للمفكر هادي العلوي .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here