الصحابة والعصابة في القرآن الكريم منهم الصالح والطالح (ح 1)

الدكتور فاضل حسن شريف

قال الله سبحانه عن العصبة: “إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ” ﴿يوسف 8﴾ عصبة اسم اي جماعة، حيث قال اخوة يوسف لبعضهم البعض ان يوسف عليه السلام وشقيقه بنيامين احب لابينا يعقوب عليه السلام منا ونحن جماعة، فأبونا على خطأ لانه فضلهما علينا، و “قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ” ﴿يوسف 14﴾ عصبة اي جماعة، قال اخوة يوسف لوالدهم نحن جماعة مع يوسف فكيف يستطيع الذئب ان يأكله فلا خير ترتجى من هذه الجماعة.، و “إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ” ﴿النور 11﴾ عصبة اي جماعة جاؤا بأبشع الكذب، و “إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ” ﴿القصص 76﴾ بالعصبة: الباء حرف جر، ال اداة تعريف، عصبة اسم، لتنوء بالعصبة اي يصعب على الجماعة حمله، و “وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ” ﴿هود 77﴾ عصيب: صفة، يوم عصيب اي شديد الصعوبة والابتلاء.

جاء في موقع المعاني: العصب: أطناب المفاصل، ولحم عصب: كثير العصب، والمعصوب: المشدود بالعصب المنزوع من الحيوان، ثم يقال لكل شد: عصب، نحو قولهم: لأعصبنكم عصب السلمة (هذه العبارة من خطبة الحجاج بن يوسف الثقفي لما دخل البصرة، والخطبة كاملة في عيون الأخبار 2/244، والعقد الفريد 4/181)، وفلان شديد العصب، ومعصوب الخلق. أي: مدمج الخلقة، و “يَوْمٌ عَصِيبٌ” ﴿هود 77﴾، شديد، يصح أن يكون بمعنى فاعل، وأن يكون بمعنى مفعول. أي: يوم مجموع الأطراف، كقولهم: يوم ككفة حابل. وردت مشتقات العصابة في القرآن الكريم: عَصِيبٌ، عُصْبَةٌ، بِالْعُصْبَةِ.

الانبياء اقوامهم واصحابهم كان كثير منهم اتجاههم سلبي ضد أنبيائهم. فهذا نوح عليه السلام، وذاك إبراهيم عليه السلام، وموسى عليه السلام. هكذا كانوا اقوام واصحاب الرسل كما قال عنهم الله عز من قائل “أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ” (التوبة 40) انهم ظالمين كما وصفهم الله تعالى.

وقوم نوح عليه السلام وجل اصحابه كانوا ظالمين “وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا” (الفرقان 37) وطاغين “إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى” (النجم 52) و كذابين “وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا” (الفرقان 37)، وفاسقين “وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ” (الذاريات 46) و من قوم سوء “وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ” (الانبياء 76-77)، كما هم قوم لوط عليه السلام “وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ” (الانبياء 74). فلم ينجو من قوم وأصحاب نوح عليه السلام الذي عاش معهم مئات السنين وهم لا شك آلاف الاصحاب الا القلة القليلة من اهله واصحابه ركبوا السفينة ونجوا من الغرق. ولا غرابة فان ما جاء بعد نوح وابراهيم عليهما السلام من ذرية فاسقين “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ” (الحديد 26) منهم للتبعيض وهنا الكثير منهم فاسقين كما جاء في بعضهم من اصحاب الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

بينما الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه مرة امتدحهم القرآن في آيات وذمهم في آيات أخرى. قال الله تعالى “مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا” (الفتح 29) حيث ليس الجميع لهم مغفرة وآجرا عظيما انما فقط الذين امنوا وعملوا الصالحات منهم لان كلمة من هي تبعيضية اي بعضهم “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا” (الفتح 29).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here