يا مرحبا يا مرحبا بصديقي الإمبراطور الوقور : نص مفتوح

مهدي قاسم

وداعا أيها الصيف فكم كنتَ قاسيا معنا و أنت راحل بأنفاسك القائظة والساخنة كأنفاس بركان ملتهبة شرارة ..
حقا فكم كنتَ قاسيا معنا و صارما بشدة ..
طيلة قدومك الطويل ، لم تكن لطيفا معنا ولا نسمتك منعشة أو عذبة .. فكانت مراجلك و قدورك تفور مغلية على طول الخط لتجعل أجسادنا حارة .. وهي تنز عرقا لزجا .. ويضيق الخناق علينا ضيقا خانقا بأجنحة هواء قاحل و متيبس .. وها أنت ترحل لا أسفا عليك و لا حسرة أو أسى قليلا ..
ثم ………………………………………..
أهلا ومرحبا بصديقي الخريف الرصين و الأثير يا إمبراطورا وقورا ومهيبا ، متأنقا بعباءتك البرتقالية الضاربة إلى اصفرار ذهبي جميل ، ناثرا حولك أجواء هدوء و سكينة و رغبة في تأمل و استغراق روحي عميق ..
إذ إن حشود وجمهرة السواح أخذة بالعودة إلى ديارها ، ومعها اختفت ضواء ضجيجهم المزعجة و عجيجهم الصاخب والواخز للأعصاب !..
شيئا فشيئا .. سنستعيد نحن رواد الجزيرة الأصائل و القلائل أي : السيدة المتشردة والعصية على سطوة الرجال ونصف الشاعرة والعرافة ، ثم اللقلق المتفرد بعيدا عن سربه المهاجر ، والغراب المتمرد و المنبوذ من قبل عشيرته ، و السنجاب المرح و اللعوب على قامة الأشجار المعمرة و الشاهقة والمحفورة بعبارات ذكرى مواسم حب وعشق ، والوعل العجوز و الناعس و الحالم دوما بسعة براره الرحبة والتلال المديدة ..
فعما قريب ستُعاد لنا جزيرتنا هادئة و خالية إلا من هسيس رياح فضولية وعابرة ، من وشوشة أمواج الدنوب المسترخية بأجنحة جمهرة نوارسها المسالمة والأليفة ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here