الفرقة ديدننا!!

“بها “فرِّق تَسُدْ” نُصِرَت خُطاهم….فلا تَعْتَبْ على أحدٍ سواهم”

الأقطاب المغناطيسية المتشابهة تتنافر والمختلفة تتجاذب , قانون فيزيائي معروف , فالسالب ضد السالب والموجب ينفر من الموجب , والسالب والموجب يتجاذبان ويتفاعلان ويؤسسان قوة ذات تأثير في محيطهما.

والتنافر القائم في مجتمعاتنا سببه التشابه الشامل بين المواطنين , مما يتسبب بتحفيز طاقات التنافر وتسويغها وإيجاد المبررات لتعزيزها.

أصحاب الدين الواحد يتنافرون , ويتفرقون فيتخندقون في طوائف ومذاهب , تدّعي بأنها صاحبة الدين الحق , وغيرها دينه باطل.

البعض يسمي ذلك بالطائفية , وغيرهم يحسبونه الطريق المستقيم الذي يؤدي إلى جنّات رب العالمين , والجوهر أن الميل للفرقة والتشظي من طبع البشر , الذي يبحث عن مسوّغات تميزه عن الآخر من حوله.

ومن العجائب السلوكية أن للدين دوره الكبير في الفرقة والتناحر , فحالما يتصدر الموضوعات بين الناس تبدأ الميول التفرقية بالتأجج والتفاقم الشديد , ولهذا تجد العارفين بسلوك الشعوب يتخذون من الدين مطية لإدامة الفرقة والتصارع بين أبناء الدين الواحد.

إن البراهين لا تحصى ولا تُعد لتأكيد دور العمائم في التفرقة , لأنها تجارة مربحة تدر أموالا وتعزز مقاما , وتحفظ دورا تسلطيا على مصير المغفلين التابعين.

فالشعوب التي تريد حياة , عليها أن لا تضع الدين في الكراسي , ويكون فيها الوطن الهوية الأولى , التي لا تتفوق عليها هوية , أما إذا أصبحت المذهبية هوية أولية والوطن ثانوية , فلا تتحدث عن أن الأعداء يفرقوننا , فنحن المتفرقون , ولا يبذل الأعداء جهدا سوى أنهم يصبون الزيت على النار , وهكذا يصفو لهم أخذ النفط , وهو المهم والمطلوب إثباته , وليُباد الشعب ببعضه.

والشعوب التي لا تضع مصالحها أولا , لماذا تريد من المفترسين لها أن يفكروا بمصالحها؟

فهل أن مجتمعاتنا محترزة ومعتصمة بالوطن , أم أنها لمفترسيها تسير لتصنع سوء المصير؟

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here