موت القرضاوي

موت القرضاوي، نعيم الهاشمي الخفاجي

تناقلت وسائل الإعلام موت الفقية الإخواني يوسف القرضاوي، وتباينت ردود الافعال بين الحزين على وفاة القرضاوي وبين الغاضبين عليه بسبب تورطه في التحريض على قتل مئات آلاف الناس في فتن الصراع الدائرة بالشرق الأوسط منذ ثلاثين عاما وكان اسوأها فترة الربيع العربي التي حولها المفتي يوسف القرضاوي إلى جحيم حيث جمع مابين الفكر الإخواني والوهابية البدوية المتطرفة، هناك حقيقة البشر لم يختاروا أديانهم والذين يختارون الاديان هم قلة آحاد، البيئة التي يولد بها الإنسان هي التي تعطي المولود الدين والتقاليد والأعراف، إن كانت بيئة محترمة ومتعلمه اكيد يكون معتدل وإن كانت بيئة جاهلة فيكون فقيه الجهلة والتكفيريين، القرضاوي ولد في مصر في بيئة محترمة واختار الجانب الديني وأصبح شيخ أزهري، القرضاوي من مواليد شهر سبتمبرأيلول عام 1926، في فترة شبابه انضم إلى حركة الإخوان المسلمين، والمعروف ان حركة الإخوان تم توهيبها من قبل عبدالعزيز آل سعود عن طريق رشيد رضا الذي كان حلقة الوصل مابين عبدالعزيز سعود ومابين مؤسسي الحركة البنا وسيد قطب، تم استغلال حركة الإخوان لضرب مشروع جمال عبدالناصر الوحدي العربي، والممول المال السعودي خدمة للقوى الغربية التي لاتريد للعرب التوحد، في عصر الإخوان بحقبة حكم السادات أصبح الإخوان الداعمين إلى اتفاقية كامديفد، انتقل الى قطر منذ 1977 وحصل على جنسيتها، المال الخليجي استقطب كل الفئات المتعلمة السنية لضمهم إلى حركة الإخوان، استعملت السعودية وقطر والإمارات حركة الإخوان المسلمين لنشر الوهابية بالعالم العربي والاسلامي، تم الترويج من قبل قناة الجزيرة إلى امامة الشيخ القرضاوي وطرحه كمرجعية سنية لديها عشرات آلاف الإخوان المسلمين المنتشرين في كل أنحاء العالم وتعتمد امامة القرضاوي على أسلوب التحشيد الديني والمذهبي والقومي، قطر والسعودية صرفت مليارات الدولارات لجمع حركات الإخوان المتوهبة ضمن الاتحاد العالمي للمسلمين والذي يرأسه القرضاوي وأهدافه الحقيقة أن يكون مرجعية دينية وسياسية لكل الحركات الإسلامية في العالم العربي والاسلامي، بحيث فقد الأزهر وجامعة الزيتونة أهميتها وأصبحت المرجعية الدينية السنية تتبع للوهابية سواء من قبل الاتحاد العالمي أو رابطة العالم الإسلامي ومن خلال جامعة ام القرى الوهابية السعودية، بل أصبحت الجاليات الإسلامية على سبيل المثال تابع السعودية الوهابية في الصوم والافطار ولم يتبعون إلى دولهم الأصلية التي غادروا منها سواء للهجرة أو اللجوء،

الدكتور يوسف القرضاوي تم ابرازه بحقبة جهاد الأفغان للسوفيت بالفقيه الوهابي الإخواني المتسامح بالشكل وليس بالمضمون، ساهم القرضاوي في كسب غالبية الوهابية بجانبه، لذلك شخصية الدكتور الشيخ القرضاوي ليست محيرة جدلية كما يحاول الكثير من المستكتبين للنظام السعودي بل الشيخ القرضاوي ضحية الفكر الوهابي الذي نفذ لحركة الإخوان من خلال أموال عبدالعزيز آل سعود التي دفعت إلى رشيد رضا والذي وهب القادة المؤسسين لحركة الاخوان، القرضاوي كان الأب لكل الأحزاب المتفرعة من الإخوان مثل الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر وتجربة حماس والحزب الإسلامي البعثي العراقي والجبهة الإسلامية في السودان …….الخ.

انا شخصيا كنت اتابع الشيخ القرضاوي كل مساء يوم احد عبر شاشة الجزيرة عبر برنامج الشريعة والحياة بحقبة التسعينات إلى حقبة سقوط نظام صدام الجرذ الهالك، هنا تبينت شخصية الشيخ القرضاوي الطائفية والعنصرية، بل كان معهم الشيخ السني الكوردي العراقي شيخ علي قرداغي الرجل هنأ شعب العراق بالخلاص من صدام الجرذ الهالك وبقي الشيخ القرداغي يشغل منصب ثانوي في قرارات الاتحاد العالمي الذي يراسه القرضاوي.

تم الترويج إلى القرضاوي ليصبح رمزاً للمرجعية السنية في مقابل المرجعيات الشيعية، أراد أن يقلد الإمام الخميني رحمه الله في مصر عندما سقط نظام مبارك تم الإعلان أن القرضاوي يصل للقاهرة في اليوم الفلاني لكن لم يجد ملايين المصريين في المطار ليستقبلوه، كان يصدر بيانات يندد ويطلب من مرجعية الشيعة بالنجف بعدم إصدار بيانات تحث الشيعة للمشاركة في الانتخابات لكنه أصدر بيانات وخاطب المصريين بالصورة والصوت في التصويت إلى مرسي، أصبح للقرضاوي مكانة عالية لدى الغالبية العظمى من الجاليات الإسلامية بالغرب إلى درجة أصبح معها مجرد لذكر القرضاوي بطريقة نقدية جريمة لا تغتفر.

يعيش الشيخ القرضاوي على التناقضات، حضر في مؤتمر بطرابلس وألقى خطبة مدح بها معمر القذافي قبل شهرين من اندلاع الربيع، وقائد الجماهيرية العظمى أعطاه هدية مالية مليونية، وحال وقوع الأحداث في ليبيا حضر إلى استوديو قناة الجزيرة وخاطب الشعب الليبي بالقول القذافي سقط ولم يعد موجود وقال يجوز قتل القذافي ويؤجر قاتله، بكل الأحوال مات يوسف القرضاوي ولم يأخذ معه أمواله ولا أملاكه، ولا قصوره، ذهب إلى ربه عاريا مثل يوم ولادته، نحن لانتشمت بموت الشيخ القرضاوي لأننا نؤل إلى نفس المصير، لكن اكيد لنا وقفة معه ومع بقية من افتوا بفتاوى قتل اهلنا بالعراق بمحكمة يكون بها القاضي والمدعي هو الله عز وجل.

خلال متابعاتي للأحاديث والحوارات من خلال قناة الجزيرة عبر برنامج الشريعة والحياة، اتصل به شباب سنة من لبنان سألوه عن الشيعة وهل يجوز التعامل معهم وتزويجهم، كان رده نتعايش معهم مثل ما نتعايش مع المسيحيين، رفض القول أن الشيعة مسلمون رغم أنه زار إيران في قضية التقارب بين المذاهب الاسلامية، رحل القرضاوي إلى ربه ونحن في الانتظار واكيد لنا معه وقفة وكذلك نقف أمام كل من ظلمنا وشارك بقتلنا سواء بشكل مباشر ومن خلال سلاح الدمار الشامل سلاح الفتاوى وتشجيع الكراهية وزرع ثقافة الكراهية ورفض التعايش مع الآخرين، لم يدم سوى الله الكريم.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

27/9/2022

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here