اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر عن القرآن الكريم من سورة الاعراف (ح 67)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب الصلاة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: في معنى الإفطار والمفطرات: يحتوي الإفطار على معنى قطع الصوم، بأيِّ معنىً أخذناه، وبأيِّ رمزٍ رمزناه. وذلك لوضوح أنَّ الصوم هو الإمساك عن المفطرات، فإذا حصل الإفطار انقطع الإمساك، وإذا انقطع الإمساك انقطع الصوم، لأنَّ الجزء الأساسيَّ من حقيقته يكون قد انتفى، وقد عرفنا أنَّ حقيقته مركَّبةٌ من الإمساك والنية. فإذا كان الصوم، كما هو كذلك في الفقه، هو الإمساك عن المفطرات المشروحة هناك، كالطعام والشراب والنكاح، كان ممارسة شيءٍ منها عمداً مزيلاً للصوم. فإن كان واجباً فقد عصى الواجب، وإن كان مستحباً فقد فوَّت المستحبّ. وإن أخذنا الصوم بمعنى الإمساك أو الإعراض عن لذائذ الدنيا المحرمة، كان معنى الإفطار ممارسة شيءٍ من ذلك، وهو إفطارٌ محرمٌ بطبيعة الحال، لأنه إفطارٌ على محرَّم. وإن أخذنا الصوم بمعنى الإمساك أو الإعراض عن لذائذ الدنيا عموماً، أو إسقاط أهميتها عن نظر الإعتبار كان معنى الإفطار ممارسة بعض تلك اللذائذ. والحكم فيه أنه ليس محرماً من الناحية الفقهية بطبيعة الحال، لأنَّ ترك اللذائذ عموماً غير واجب. نعم، يكون هذا الإفطار مفوتاً للغرض الذي من أجله التزم الفرد بترك اللذائذ وأعرض عن حبِّ الدنيا. وهو قد يكون غرضاً أو هدفاً شريفاً مهماً، يفوت نيله بهذا الإفطار، كما قد يتأخر الوصول إليه في كثيرٍ من الأحيان. ولعلك يخطر في ذهنك قوله تعالى في سورة (الاعراف 32) “قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ”. وإنَّ هذه الآية الكريمة بمنزلة عرض اللذائذ غير المحرمة على المؤمنين, وإنها تعطيهم الضوء الأخضر، من جهة تناولها واستخدامها.

جاء في كتاب الطهارة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: معاني الطهارة: فيما يلي باختصار، مع شيءٍ من الإيضاح والإستشهاد بآي القرآن الكريم بعونه سبحانه منها التنزُّه عن الإثم وما لا يجمل، فإنه من معانيها في اللغة، كقوله تعالى: “أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ” (الاعراف 82). وقد ورد في السنة ما مؤداه: (إنَّ المؤمن لا عبادة له في الجنة إلا التحية والذكر). أقول: فالتحية فيما بينهم، والذكر لله سبحانه. وقوله: في الآخرة حسابٌ ولا عمل، معنىً مطلقٌ يمكن تقييده بمثل هذه الأدلَّة، وهذه الوجوه. قوله: في الدنيا عملٌ ولا حسابٌ. فإذا لم يكن الحساب موجوداً، فهذا يخالف ما ورد في الكتاب والسنة والتجربة من وجود العقوبات الدنيوية البسيطة والمهمة، نتيجةً لذنوب الناس، وهذا قطعيٌّ لا شكَّ فيه. ويمكن الجمع بين الفكرتين بأحد وجوهٍ، نذكر منها: أنَّ العقوبات الدنيوية ليست عقوبات بالمعنى الكامل، بل هي لمجرد إلفات النظر، مقدمةً للإستغفار والتوبة، ومن هنا قال سبحانه: “لَعَلَّهُمْ يَتَفكَّرُونَ” (الاعراف 176). وأما العقاب الكامل، فهو منحصرٌ في الآخرة، وهذا كافٍ في فهم الحديث الشريف.

جاء في كتاب فقه الاخلاق للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: مستويات التفكر: التفكير في الخلق يمكن أن يكون على عدَّة مستويات منها النظر الدقيق في العلاقات بين الأشياء، كالعلاقة بين الشمس والأرض، أو القمر والأرض، أو القمر والمدِّ والجزر، أو بين الشمس والنبات, أو بين السحاب والمطر، أو بين الجهاز الهضميِّ والدم أو التنفس والدم، أو بين الثمرة والشجرة، وغيرها. وهي علاقاتٌ مدهشةٌ لا حاجة إلى الدخول في تفاصيلها، وخاصةً بعد ما وجدت مصادر كثيرةٌ شارحةٌ لذلك بكلِّ تفصيل. ثم النظر أدقُّ من ذلك، في التفاصيل الفيزياوية والكمياوية والكهرومغناطيسية للأشياء، سواءٌ الصغيرة منها كالذرة ونواتها، أم الكبيرة منها كالهواء والبحار، أم الأوسع منها كالفضاء الكوني، وما يسعه من مجراتٍ ومجاميعَ مدهشةٍ لم يعلم البشر منها إلا قليلاً. كما قال الله تعالى: “أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ” (الاعراف 185)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here