هل للقمع الجنسي علاقة بالارهاب ؟

هل للقمع الجنسي علاقة بالارهاب ؟ * د. رضا العطار

لم اقرا منذ سنوات طويلة، ومنذ ان بدات وتيرة الارهاب في الشرق ترتفع على هذا النحو الذي نراه الان وندفع ثمنه غاليا اية دراسة علمية جادة تحاول ان تفسر ارتفاع وتيرة الارهاب تفسيرا جنسيا بعيدا عن سائر التفسيرات السياسية والدينية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية المطروحة والمتكررة.

فهل كان للقمع الجنسي الفضيع في هذا الشرق ماضيه وحاضره علاقة مباشرة برفع وتيرة الارهاب على هذا النحو الذي نراه اليوم ؟

وهل لو تم عرض مفجري ومجرمي 11 سبتمبر 2001 على اطباء نفسانيين قبل ان يقوموا بارتكاب جريمتهم تلك، لاوجدنا ان هؤلاء الشباب الغر يعانون من حرمان جنسي وقمع جنسي فظيع الى درجة ان محمد عطا احد هؤلاء الشباب كان قد كتب في وصيته بمنع اشتراك النساء في جنازته او البكاء عليه في العزاء. – – – وهل لو كان لهؤلاء الشباب صبايا حبيبات جميلات يُغرمون بهن ويغرمن بهم، لما ذهبوا الى الموت المجاني هكذا وبكل سهولة، ولما كانت (القاعدة) هي المعبد بدلا من ان تكون ليلى او سهى او سمر ؟ – – – ألم يلفت نظرنا كون معظم هؤلاء الارهابيين كانوا من منطقة الجنوب السعودية التي تعد اكثر مناطق السعودية تشددا وقمعا للجنس وتحريما اجتماعيا ودينيا للعلاقات بين الذكور والاناث خارج المؤسسة الزوجية على عكس باقي مناطق المملكة ومدنها الاخرى ؟

ألا تستحق علاقة القمع الجنسي الشرقي بالارهاب الشرقي دراسة علمية مستفيضة وعميقة عندما نقرأ ان معظم قادة الارهاب في هذا الشرق ومعظم عناصره البشرية الائيسية هي عناصر ليست ذات ارتباطات عاطفية – وان هؤلاء جميعا لا علاقة لهم بالمرأة الاسطورة الخالدة في العالم الاخر – كما وعدتهم النصوص المقدمة بذلك ؟ – – – أليس من الممكن ان نكتشف في حفرياتنا العلمية ان هؤلاء الارهابيين قد عجزوا بفضل – فوبيا المرأة – التي تتحكم في هذا الشرق وبفضل القمع الجنسي الذي يتحكم بمعظم تصرفاتنا تحقيق غاياتهم واحتياجاتهم الجسدية الجنسية – فراحوا بفضل الهوس الديني الجنسي – الى البحث عنها في السماء – حيث الحور العين والانتصاب المتين بدون حاجتهم الى حبوب فياغرا.

هل لو كان هؤلاء الارهابيين يعيشون في مجتمعات لا قمع جنسي فيها – كما هي المجتمعات الغربية الان وكانوا مرتبطين بحبيبات وصديقات ينتظروهن في موعد على العشاء في ضؤء القمر، هل كانوا سيتركون هذا الموعد ويفجرون انفسهم بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة ليموتوا موتا مسرحيا واسطوريا مجانيا، لا هدف منه غير الموت والفناء هروبا من جحيم القمع الجنسي الذي عاشوه في هذا الشرق ؟

اليست ظاهرة الارهاب في هذا الشرق هي جزء من ظاهرة الانهماك المرضي في كينونة المرأة : توجد اولا توجد، تتعلم او لا تتعلم، تتحرر ان تظل مستعبدة تتمتع بحق المواطنة كاملة ام لا تتمتع، تُعزل عن الرجال ام لا تعزل، تعمل او تظل سجينة في بيتها، تتحجب او لا تتحجب، ما يليق بها من الوظائف وما لا يليق، تصلح للرئاسة والقضاء ام لا تصلح، الى الحد الذي اصبحت فيه المرأة بوجودها وملابسها وشعرها وزينتها وحيضها وصومها وصلاتها وكعبها العالي ومشيتها والحديث عنها، الشغل الشاغل لرجال الدين والخصباء المحرومين جنسيا والمرضى ب ( فوبيا النساء ) والبدائيين المتوحشين الذين لا يتورعون عن الاعتداء الهمجي الجنسي اذا ما اختلوا بالمرأة، وكأنهم ما زالوا يعيشون في المجتمع البدائي.

وهل تلاحظون معي ان الارهابيين في هذا الشرق يكثرون ويتوالدون بكثرة كالارانب في البلدان الاكثر قمعا للجنس ؟ – – والتي تعيش في بؤس وحرمان جنسي ويتم الفصل فيها بين الذكور والاناث كفصل الارض عن السماء ؟ – – اليست كل هذه الاسئلة جديرة ان نحاول الاجابة عنها مستقبلا، علّنا نهتدي الى اجابات لم يعثر عليها الاخرون في السابق.

ميشيل فوكو الفيلسوف الفرنسي المعاصر يقول : ان المؤرخين كانوا في الماضي فخورين لاكتشافهم بان الاقتصاد له دور اساسي في توجيه المجتمعات البشرية، وها هم الان يشددون على تاريخ العواطف والسلوك الجنسي كذلك – والمثال على ذلك السيرة التاريخية للورنس العرب الذي اغتصبه الجنود الاتراك في 1915 لشكهم في تعاونه مع الخلفاءـ فما كان منه الا ان ذهب الى الحجاز وانضم للشريف حسين نكاية بالاتراك وكتب تقارير مطولة للمخابرات البريطانية ضدهم ثأرا لأغتصابهم له – وبذا كان الجنس دافعا للورنس لكي يكتب تاريخا جديدا في المنطقة.

وبعيدا عن السياسة وهمومها، ألم يكن الجنس عاملا مؤثرا وموجها لخلق شعراء عظام كأبي نواس وبشار بن برد وغيرهم ؟ – – – فمتى نبدأ نحن كباحثين في تفسير تاريخنا الحديث تفسيرا جنسيا علميا فيما لو علمنا ان التاريخ يشكله عاملان : المال والجنس.

* مقتبس من كتاب بالخط العريض لشاكر النابلسي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here