تفجير جسر القرم.. “إهانة” لبوتين وخيارات “محدودة” للرد

استهداف جسر القرم يجعل روسيا تواجه صعوبات في إيصال إمداداتها العسكرية

يواجه الكرملين “خيارات محدودة” للرد على الهجوم الذي تعرض له جسر كيرتش الذي يربط شبه جزيرة القرم المحتلة مع البر الرئيسي لروسيا.

تسبب الهجوم في قطع اثنين من مسارات جسر كيرتش ونزولهما في البحر وإشعال النيران في شحنة سكة حديد قريبة من خزانات الوقود، مما أوقف كل حركة المرور على الطريق الذي يعتمد عليه الجيش الروسي لشحن الإمدادات والمعدات إلى منطقة الحرب في جنوب أوكرانيا.

كان الجسر فوق مضيق كيرتش يمثل الجزء الأكبر من إمدادات الوقود والغذاء لشبه جزيرة القرم ويمثل الطريقة الوحيدة للسفر من شبه الجزيرة وإليها للروس العاديين.

في حديث لصحيفة “الفايننشال تايمز“، قال مايكل كوفمان، المحلل العسكري ومدير الدراسات الروسية بمعهد أبحاث “سي أن إيه” في أرلينغتون بولاية فيرجيني، إن فقدان خط السكك الحديدية سيحد بشكل كبير من القدرة الروسية على نقل القوات والإمدادات عبر شبه جزيرة القرم، حتى يتمكنوا من الإصلاح”.

وكانت الضربات الصاروخية الأوكرانية على البنية التحتية للسكك الحديدية خلال الفترة الأخيرة قد حدت بالفعل بشكل كبير من قدرة روسيا على إعادة إمداد القوات عبر الجنوب برا.

وفقدت روسيا أيضًا أعدادًا كبيرة من الشاحنات خلال الغزو، مما يجعل من الضروري للغاية إعادة الإمدادات عبر السكك الحديدية، حسبما قال أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة سانت أندروز، فيليبس أوبراين.

وتابع: “عليهم حقا تحريك السماء والأرض لإعادة فتح خط السكة الحديد”.

وأضاف أن الروس “في ورطة حقيقية” بعد “الحالة السيئة” للجيش الروسي، مشيرا إلى أن المعنويات ليست في أفضل حالها.

وأردف قائلا: “الجيش الأوكراني كبير حقا ومدرب جيدًا الآن وجاهز للقتال. من الصعب أن نرى التوازن يتجه نحوهم أكثر مما هو عليه الآن”.

كان ينظر إلى آمال أوكرانيا في استعادة شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا إلى أراضيها عام 2014، على نطاق واسع على أنه مجرد حلم بعيد المنال، لكنها الآن تبدو المسألة أقل خيالا حيث تضغط قواتها على مكاسبها على الأرض، بحسب الصحيفة البريطانية.

وعلى الرغم من أن أوكرانيا لم تتبنَ رسميا العملية، إلا أن الهجوم على الجسر هو الأحدث في سلسلة من الضربات الجريئة على البنية التحتية العسكرية في شبه الجزيرة المحتلة وفي أماكن أخرى خلف خطوط العدو.

“أضرار جسيمة”

كان الجسر، الذي افتتحه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وسط ضجة كبيرة في عام 2018 بتكلفة إجمالية بلغت 3 مليارات دولار، يرمز إلى قوة الدولة الروسية واستمرار ضم الكرملين لشبه الجزيرة قبل أربع سنوات حتى أن روسيا أصدرت فيلمًا طويلًا عن بنائه.

وقالت “الفايننشال تايمز” إن الهجوم “كان إهانة شخصية لرئيس روسيا” الذي افتتح الجسر بقيادته شاحنة بنفسه على مسافته البالغ 19 كيلومترا.

وقال المحلل بالمعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية في كييف، ميكولا بيليسكوف، إن سبب الانفجار “لا يهم بقدر النتيجة النهائية”.

وأضاف أن روسيا ستضطر على الأرجح إلى الاعتماد على المخزونات المحدودة من الأسلحة والذخيرة وغيرها من الإمدادات العسكرية التي تمتلكها بالفعل في شبه الجزيرة لتزويد الجبهة في أوكرانيا خلال الأيام العديدة أو حتى الأسابيع المقبلة.

وأشار إلى أن هذا يعني أن موسكو قد تحتاج إلى توخي الحذر بشأن معدل إنفاق العتاد بينما يضغط أوكرانيا في هجومها المضاد جنوبا.

والسبت، حاول الكرملين إبداء شعور بالهدوء، قائلا إن بوتين أمر بإجراء تحقيق في الحادث لكن ليس لديه خطط لمخاطبة الشعب الروسي.

وذكرت شبكة “سي إن إن” الإخبارية أن الهجوم تسبب في “أضرار جسيمة” لمسار السيارات والسكة الحديدية في الجسرة.

ونقلت الشبكة الأميركية عن وسائل إعلام محلية أن حركة المرور استؤنفت فقط في الجزء غير المتضرر من الجسر، حيث طلب من الشاحنات ركوب عبارات عبر المضيق.

وكتبت تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة شركة الاستشارات السياسية “آر بوليتيك”، على تلغرام، “كان ضرب الجسر يعتبر أحد الخطوط الحمراء التي يمكن أن تؤدي إلى أسوأ سيناريو: رد فعل غاضب يشمل الرد النووي”.

في غضون ساعات، قالت السلطات إنها تعيد فتح الجسر أمام حركة المرور على الطرق والسكك الحديدية، وطمأنت السكان المحليين في شبه جزيرة القرم بأن إمدادات الغذاء والبنزين مستمرة في التدفق.

وقال أوبراين إن قدرة روسيا على الانتقام “محدودة” بسبب أدائها “الضعيف” في ساحة المعركة و”الفشل” في تحقيق التفوق الجوي.

ولا يرجح خبراء حللوا لقطات الانفجار أن يكون ناجم عن سيارة مفخخة، بل يمكن أن يكون عبر زورق محمل بالمتفجرات أو طائرة بدون طيارة.

وقال الخبير السابق في عمليات هدم الجسور بالجيش البريطاني، توني سبامر، إن انفجار شاحنة مفخخة كان سيحدث ثقبا في منتصف الجسر، ولكنه لن يكون كافيا لانهيار هيكله في البحر.

في حديثه لصحيفة “وول ستريت جورنال“، أضاف سبامر: “عليك أن تهاجم عرض الجسر بالكامل. بالنظر إليه، يبدو أنه تعرض للهجوم من الأسفل”، واصفا إياه بإنه “عمل وحش”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here