جملة تحديات تنتظر العراق بعد الخروج من عام الانسداد السياسي

هي إذن نهاية الانسداد وعبور نحو مرحلة أخرى جديدة، على أن ما يواجه العراق من تحديات بعد هذا الانسداد لا يمكن اعتباره انفتاحا أو خلاصا من قيود المراحل السابقة، فسياسيا تمحور الخلاف القائم طوال العام الماضي حول شكل الحكومة ورئيسها لينسحب ذلك على منصب رئيس الجمهورية المعني بتكليف رئيس لمجلس الوزراء، فيما يفتح تجاوز كل ذلك صفحة جديدة من الحوارات بخلافاتها وتوافقاتها تحت عنوان “تشكيل الحكومة”.

ولا تقتصر مصاعب تشكيل الحكومة المقبلة على توافقات الكتل السياسية، فالجماهير القادرة على الاعتصام في المنطقة الخضراء متهيئة لأي خطوة تتعارض مع ما تراها مصلحة وطنية، وبذلك يمثل التعامل معها بوصفها قوة شعبية معارضة تحديا سياسيا في المرحلة المقبلة، ومن الواضح أنه سيكون أطول عمرا من أي عائق آخر.

وغير بعيد عن حسابات السياسة، فإن للاقتصاد تحدياته هو الآخر، فقد يكون إقرار الموازنة العام المقبل 2023 أكبر المحفزات للإسراع في تشكيل الحكومة، كما أن مشكلة سعر الصرف وتعديله من عدمه تمثل إحدى أهم المشكلات التي خلفتها حكومة مصطفى الكاظمي خلال عمرها القصير، يضاف إلى ذلك مشاكل أمن الطاقة العالمي وإنتاجية العراق من النفط التي تستدعي وجود حكومة قوية تقدم مصلحة البلاد على غيرها من الضغوط الخارجية بأي اتجاه كانت، فضلا عن ضرورة الاستعجال بعودة المشاريع الاستثمارية المؤجلة منذ أعوام جراء الإخفاق المتكرر في إقرار الموازنات.

وإذ يخرج العراق من انسداده السياسي وخانقه الاقتصادي، فإنه يواجه تحديات أمنية لا تقتصر على هجمات تنظيم داعش المتفرقة، فمع أي قرار أو خطوة لا تخدم مصلحة هذا الطرف المسلح أو ذاك تتحول المنطقة الخضراء إلى مهبط للصواريخ وصندوق لبريد الكاتيوشا، كما أن هنالك صراعات بين فصائل مسلحة تحدث بين آونة وأخرى تمثل حاليا سمة الوضع الأمني وتكشف مدى هشاشة عظمه وقلة حيلة الدولة مع ما هو خارج يدها من سلاح.

وكلما اشتدت الخلافات في داخل بلد كانت مصالح غيره على أرضه أشد ومصالحه أضيع، فالعراق يتلقى -منذ مدة ليست بالقصيرة- الصواريخ والمسيرات من دون قدرة على الرد أو وضع الحد، وهو ما يعني أن المرحلة المقبلة تتطلب موقفا أكثر حزما لإيقاف العدوان المتواصل على أراضيه، وأن يتعامل مع الخلافات الدولية والإقليمية بما يمنع تحويله إلى ساحة لتصفية الحسابات، وخاصة أن توقف الهجمات على البعثات الدبلوماسية لم يكن بقدرة حكومة التصريف على إيقافها، بل لتحول في المصالح والحسابات المتعلقة بالصراع بين واشنطن وطهران وانعكاس ذلك على بغداد، ما يعني أن هذه المشكلة مؤجلة ويجب ألا تظهر في المرحلة المقبلة كتحد قديم متجدد إن أريد للسفينة أن تصل إلى بر الأمان.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here