اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر عن القرآن الكريم من سورة الاعراف (ح 72)

الدكتور فاضل حسن شريف

في خطبة الجمعة للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: وقد كان الحال في العقود السابقة التي عشناها بما فيه العهد الملكي وغيره، يعيش الموظفون في بوتقة دنيوية خالصة، لا يفكرون فيها بآخرة ولا بصلاة ولا بصيام ولا بخمس ولا بحج ولا بأية طاعة، كأن حياتهم يجب ان تكون مقرونة بمثل ذلك وهم ملتفتون لامحالة الى الدين وواجباته لو تأملوا قليلا، إلا ان الأمر هكذا كأن المخاطب غيرهم، فيجب مثلا على رجال الدين، يجب مثلا على رجال الدين ان يكونوا متدينين ولا يجب على رجال الدنيا ذلك، وهم يعلمون كذب هذا الوهم الشيطاني، لأن الله تعالى في القرآن الكريم يقول لرسوله: “قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا” (الاعراف 158)، وهم لا محالة وكل البشرية هم من الناس، إذن فهم مشمولون للرسالة المحمدية ولأصول دينها ولفروع دينها ومفاهيمها وليس انهم يجوز لهم ان يتركوا كتابهم وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.

ولو كان الفرد منهم مخلصا للدنيا حقا، زين خلي يصير مخلص للدنيا ايحصل منه شيء للآخرة لكان وجها، لأنه عندئذ سيرحم الصغير ويوقر الكبير ويتعامل بالانسانية والتعطف، ولكنه كان لا يرى الا مصلحة ذاته ومقدار فعله وسعة بيته ومصلحة اسرته وبدون العناية بدين او دنيا خارج هذه الدائرة، ومن يصبح هكذا كائنا من كان حتى لو سيد محمد الصدر، ومن يصبح هكذا يصبح أدنى من الانعام وأضل سبيلا كما انه اقسى من الوحوش وأشد ظلما . وعلى اي حال فباب التوبة مفتوح ويد الرحمة الالهية ممدودة لكي تتلقى اي واحد من البشر بالترحاب بما فيهم موظفوا الدولة من كبار وصغار ، وهذا جيد لهم وليس لسواهم، وانا اجلهم في الوعي الذي هم فيه والرشد الذي يتصفون به أن يقفوا ضد مصالحهم الحقيقية وتعاليمهم الأخروية.

وأنا اكرر كما قلت اكثر من مرة انكم ليس المطلوب منكم اتباع السيد محمد الصدر ولا الاقتراب منه ولا حسن الظن به وإنما المطلوب في القرآن والإسلام هو اتباع تعاليم الله والتقرب اليه بالطاعات وحسن الظن به جل جلاله وهذا يكفي جدا وليذهب سيد محمد الصدر الى الجحيم . كما انني في هذا المستوى من التفكير لا اطلب منكم تغير اديانكم او مذاهبكم، في هذا المستوى من التفكير لا أطلب منكم تغير اديانكم او مذاهبكم وانما اقول: كونوا طيبين ومتورعين في الدين الذي تؤمنون به والمذهب الذي تؤمنون به فانه لاحظوا، فانه ليس هناك مذهب ولا دين يجيز شرب الخمر والسرقة والغش والظلم والاعتداء وتمرير المصالح الدنيوية وتفضيل الانانية، حاشا لله وحاشا لأديان الله كلها من هذه الامور، وانا قلت في خطبة سابقة ما مضمونه السؤال عما إذا كان عيسى عليه السلام ، شارب خمر او سارق او ظالم أو أناني او كان موسى كذلك او كان ابراهيم كذلك او كان محمد صلى الله عليه وآله، كذلك، حاشاهم جميعا طبعا. او كان سليمان الذي بنى هيكل سليمان المقدس في نظر اليهود كذلك؟ لا طبعا حاشاهم جميعا من كل ذلك، أم كانت هل كانت نساؤهم سافرات ومتعاملات مع الرجال بالسوء والفتنة؟ يضعن المكياج في الشوارع والمشارع ويسرن في الأسواق ويطمعن في زخارف الدنيا ويشربن الخمر ويعشن على الربا ويكذبن ويأكلن لحم الآخرين بالغيبة والبهتان؟ حاشا لاولئك من ذلك.

والملحوظة الأخيرة أنه لا ينبغي أن ييأس الفرد من نفسه ومن توبته باعتبار انه متمرس كثيرا في اصناف الحرام او عائش على المال الحرام فيكون يائسا من رحمة الله، لا، لا يجوز، فكأنه يرى أنه لا مجال لان تقبل توبته او يكون مشمولا لرحمة الله ، كلا ثم كلا ، لمثل هذه الفكرة ، لا تيأسوا من رحمة الله التي وسعت كل شيء فان الله واسع الرحمة سريع الرضا عطوف رؤوف باسط اليدين بالعطاء والسخاء فيجب ان لا نقنط من رحمة الله أو نيأس من عفوه وانما اللازم هو حسن الظن بالله والمبادرة الى طاعة الله ورضا الله وإنما الذي ينبغي ان يفكر فيه الفرد انه لو بقي لاحظوا، انه لو بقي على حاله من العصيان ولو ليوم واحد او ساعة واحد فضلا عن الكثير فإن الله تعالى شديد العقاب ومنتقم وانما يجني الفرد على نفسه ويكون من الهالكين والخاسرين ممن خسروا أنفسهم فبادروا رحمكم الله الى طاعة الله الذي يذكر الذاكرين ويشكر الشاكرين ويزيد في ثواب المطيعين فإن هذا هو الطريق الحق وما بعد الحق إلا الضلال.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here