سفر ايوب قصيدة الموت

استحضر النبي ايوب عليه السلام الذي يضرب به المثل بالصبر في الديانة الثلاث. ليرسم بكلماته وجهه على الورق ويحكي ببساطة مذهلة. الما معقدا فاتك بجسده فافقده القدرة على الحركة حتى مات. اليكم حكاية الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب واخر قصائده. سفر ايوب. قصيدة الموت لك
الحمد مهما استطال البلاء
ومهما استبد الالم
لك الحمد ان من الرزايا عطاء
وان المصيبات بعض الكرم الم تعطني انت هذا الظلام
واعطيتني انت هذا السحر
فهل تشكر الارض القطر المطر
وتغضب ان لم يجدها الغماء. هكذا شكى الشاعر العراقي بدر شاكر السياب المه ووجعه بعد ان استشرى المرض في جسده وافقده قدرته على الحركة قبل ان يفارق الحياة شابا تاركا وراءه ار ارثا شعريا كبيرا خلد اسمه حتى اليوم. في واحدة من اروع ما كتب وابدع فيها. قصيدته سفر ايوب. التي تصنف ضمن اجمل قصائد الشعر الحديث. روى فيها الشاعر قصة المه الكبير ووجعه. فرسم وهنه الجسدي على شكل ابيات. ضمن مجموعة شعرية تتكون من عشر قصائد عمودية بلا وزن ولا قافية. حكى فيها ببساطة مذهلة وعمق مخيف الما شديدا قاسيا شل حركته واقعده في مكانه. ففي عام الف وتسعمائة واحدى وستين بدأت صحة السياب بالتدهور حيث شعر بثقل في الحركة والام


‏ شديدة في اسفل ظهره. ومع الايام تطور مرضه وتحول الى حالة ضمور في جسده وقدميه. وبدت عليه اعراض الشلل واضحة. واصبحت حركته صعبة للغاية. وهنا بدأت رحلة السياب في البحث عن العلاج بين بيروت ولندن وباريس. لكن مرضه لا علاج له. اذ اكتشف اخيرا انه يعاني من مرض في جهازه العصبي. فشلت كل المحاولات في علاجه. استحضار ايوب الرمز. تزامن مرض السياب مع حالة مادية سيئة. ليزداد وضعه سوءا من كل الجهات. نفسيا وصحيا وماديا. خاصة في السنوات الثلاث الاخيرة من حياته. ليستحضر في مجموعته الشعرية الاخيرة ايوب النبي الذي يرمز في كل الاديان الى الصبر. فربما كان السياب يريد اخبارنا بمدى سوء حالته. ومع ذلك كانت كلمات قصيدته كلها حمدا لله وشكرا له على عطاياه. ومما جاء فيها. تمزق جنبي مثل المدى. ولا يهدأ دهاه عند الصباح. ولا يمسح الليل اوجاعه بالرداء. ولكن ايوب ان ورغم الامه واوجاعه كان تأدب الشاعر مع الله عز وجل مبهرا وفاتنا. فببساطة شديدة وصف المصائب التي هو فيها بانها كرم من الله. واشبع قصيدته بمعاني الرضا بالقضاء والقدر. مهما استطال البلاء ومهما استبد الالم. فنجد في قصيدته البعد الروحاني الخلاب. كل ما ياتي من الله تعالى هو شكل من اشكال الكرم الالهي. وكل جرح هو منحة. هكذا امتلأت حروف قصيدته بالعشق الالهي قائلا. اشد جراحي واهتف بالعائدين. الا فانظروا واحسدوني. فهذه هدايا حبيبي. وان مست النار حرجتي. توهمتها قبلة مني مجهولة اللئيم. فالله تعالى في كلماته هو المحبوب الاسمى. وبلائاته هدايا بل وهدايا ثمينة. حتى انه صورها


‏ على انها امر يحسده عليه الغير. لك الحمد ان الرزايا ندى. وان الجراح هدايا الحبيب. اضم الى الصدر باقاتها. هداياك في خافقي لا تغيب. نهاية مؤلمة مع الاسف لم يجد السياب علاجا لمرضه. وعام الف وتسعمائة واربعة كانت رحلته الاخيرة في امل اخير. قصد فيها الكويت ليتلقى العلاج في المستشفى الاميري الذي تكفل بعلاجه مجانا. لكن مرضه انذاك قد وصل الى مرحلة خطيرة فبقي في المشفى الى حين وفاته في العام نفسه. عن عمر ناهز ثمانية وثلاثين عاما. لينقل جثمانه الى البصرة. حيث دفن في مقبرة الحسن البصري

عمار عصام

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here