حوادث المرور في العراق: ندامة العجلة في القرآن الكريم (ح 2)

الدكتور فاضل حسن شريف

الاضطراب والعجلة عكس السكينة التي هي من صفات المؤمنين قال الله تعالى “هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ” (الفتح 4)، و “فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً” (الفتح 18). فالسكينة والهدوء مطلوبة للسائق عند البدء بسياقة المركبة. فالسائق المضطرب المتعجل في اتخاذ القرارات نتيجته سلبية قد تؤدي الى حادثة مرورية. والنفس المضطربة المستعجلة عكس النفس المطمئنة “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ” (الفجر 27). فانظر إلى نفسك أيها السائق هل انت مطمئن في سياقة مركبتك. وإذا كانت نفسك مضطربة فاما ان تهدأ او اجعل نفسك تهدأ لفترة قبل السياقة.

هنالك اختلاف بين العجلة والسرعة “أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ” (المؤمنون 61) فالاسراع فعل إيجابي بينما العجلة فعل سلبي. من الامثلة الاسراع في تصليح مركبتك عند وجود اعطال ميكانيكية او الكترونية فيها. العجلة الاستعجال بالعمل قبل إنجازه بالشكل الصحيح مثل العجلة في الصلاة، بينما الإسراع الى الصلاة في موعد الصلاة لكي لا تتأخر عمل مرغوب. وهكذا الإسراع في عمل الصالحات. وهنالك قصص قرآنية توضح هذا المنهج، فموسى عليه السلام استعجل للذهاب الى الجبل تاركا 70 شخصا من قومه خلفه والمفروض أن يأخذهم معه حيث قال له ربه عاتبا اياه “وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى” (طه 83) فاجابه عليه السلام “قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى” (طه 84) ولكن كان على موسى عليه السلام أن يأخذ الوقت يأخذ معه قومه ولا يعجل ويكمل المهمة بنجاح. وقال الله سبحانه الى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم “وَلَا تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءَانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰٓ إِلَيْكَ وَحْيُهُ” (طه 114).

تكملة للآيات القرآنية في الحلقة الاولى حول العجلة قال الله تبارك وتعالى “وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ ۗ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ ۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ” ﴿الرعد 6﴾ لتكون الحوادث المرورية امثلة لك كسائق بمعرفة اسبابها لكي لا تصبح انت الضحية، و “أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ” ﴿النحل 1﴾، و “وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا” ﴿الإسراء 11﴾، و “مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا” ﴿الإسراء 18﴾ ان عقاب العجلة كسائق عند حصول حادثة ليست فقط خسارة دنيوية فان الله سبجانه يحاسبك لالقاء النفس بالتهلكة بالاضافة الى اذى الركاب الاخرين في المركبة كونك مسؤول عن ذلك، و “وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ۖ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ۚ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا” ﴿الكهف 58﴾، و “فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا” ﴿مريم 84﴾، و “وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ” ﴿طه 83﴾، و “قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ” ﴿طه 84﴾، و “فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا” ﴿طه 114﴾.

جاء في موقع موضوع: أضرار حوادث السير أضرار بشرية: تتمثّل في: 1- خسارة الأرواح نتيجة الحوادث، ويُقَدَّر عدد الوفيات سنوياً بأكثر من مليون وربع شخص، وعدد الإصابات بخمسة ملايين إصابة في السنة، وهذه أعداد رهيبة يمكن تفادي معظمها بزيادة الوعي وأخذ الاحتياطات اللازمة من كافة الأطراف. 2- أضرار صحيّة: ربما يتعرّض الشخص المصاب لعاهة دائمة تستمر معه طوال حياته، كبتر في ساقه أو يده، وربما يتعرّض لشلل في دماغه أو أي عضو من أعضاء جسده. 3- أضرار نفسية: نتيجة الصدمة التي تحصل عند وقوع الحادث، وكلما كان الحادث أشد عنفاً كانت الصدمة أكبر وأطول أمَداً. 4- أضرار ماديّة: كخسارة السيارة التي تعرّضت للحادث، والتكاليف التي يتم دفعها في إصلاحها أو حتى تبديلها، كذلك المال الذي يُنفَق لعلاج الشخص المصاب، وربما استمرّ لسنوات عديدة في بعض الأحيان. 5- أضرار اجتماعية: سواء على الأسرة؛ خاصّةً إن كان المصاب هو الأب، فتحدث فجوة كبيرة في تربية الأبناء والاهتمام بشؤون الأسرة ككل.

جاء في موقع الجزيرة: ويعدّ 2021 من أكثر الأعوام الذي شهد ارتفاعا بالحوادث المرورية التي تفتك بأرواح العراقيين، إذ سجل 8286 حادثا مروريا، توفيّ على إثرها 2152 شخصا، لتتفوق هذه الماكينة على ضحايا العمليات الإرهاب وحالات العنف والانتحار، بمعدل 22 حادثا في اليوم تودي بحياة 6 أشخاص يوميا. وارتفعت الحوادث المرورية عام 2021 بنحو 44% عن 2020 الذي سجل 4666 حادثا مروريا تسبب بوفاة 1552 شخصا، في حين ارتفعت نسبة ضحايا الحوادث بنسبة 30%. وفي مقارنة بسيطة أجرتها الجزيرة نت بين ضحايا الحوادث المرورية وأعمال العنف التي وصلت لنحو 596 ضحية خلال 2021، وضحايا الأعمال الاجرامية والحالات الأخرى، فإن نسبة نسبة فواجع الحوادث المرورية تفوّقت على الأعمال الأخرى بنحو 3 أضعاف. وبحسب تقارير سابقة، شنّ تنظيم الدولة 230 عملية خلال 2020، بلغت خسائرها نحو 812 بين قتيل وجريح ومختطف. وقد نفذ التنظيم خلال الأشهر العشرة الأولى من 2021 نحو 170 عملية استهدفت المدنيين وعناصر الأمن، ووصلت خسائرها نحو 837 حالة بين قتيل وجريح ومختطف أيضاً. مثلث الحوادث: يلقي مدير إعلام مديرية المرور العامة العميد الدكتور زياد القيسي باللائمة في وقوع الحوادث المرورية على ما أسماه مثلث الحوادث المرورية: السائق الذي بإمكانه أن يقضي على معظم المشكلة بالتزامه بقواعد سير المرور، إلى جانب كل من المركبة والطرق. ويقول القيسي -في تعليق على زيادة الحوادث المرورية- إن عدم التزام السائق بالنظام المروري وقواعد السير، السرعة المُفرطة والاجتياز الخاطئ من جهة اليمين، بالإضافة لاستخدام الهاتف النقال، عدم وضع حزام الأمان، عدم الامتثال للإشارات المرورية، كلها أسباب رئيسية للحوادث. ولا يُبرئ مدير الإعلام ساحة المركبة من المسؤولية، إذ يُشير إلى أن صناعة السيارات الوقت الحالي مُختلفة عمّا كانت في السابق، فهي ليست بالمستوى المطلوب من حيث المتانة، وأغلبها تتميّز بالخفة والسرعة، وعند وقوع الحادث يكون التأثير السلبي أكبر على راكبيها. وتأتي الطرق السيئة والتخسفات الموجودة وغير المُعبّدة منها، وغياب السياج الأمني فيها، لتزيد من احتمال وقوع الحوادث. ويزيد القيسي من انتقاده لسائقي المركبات بأن قسما منهم لا يستخدم عند عطل السيارة شروط الأمان والمتانة ومنها وضع مثلث الإشارة عندما يقوم بالوقوف على المسار الأيمن، بالإضافة إلى استخدام الضوء العالي الذي يُصيب السائق المقابل بعدم القدرة على الرؤية. ويعدّ الشاعر الشعبي المعروف سمير صبيح أحد أبرز ضحايا الحوادث المرورية، حيث توفي في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على طريق بغداد الكوت، وهو أحد أبرز الطرق التي تشهدُ حوادث مرورية فاجعة باستمرار.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here