الرمز الروحي للملوية!!

الفكرة الروحية الكامنة في جوهر الإبداع العمراني للملوية , منها إنطلقت الثورة العمرانية التجديدية وإمتدت إلى أوربا وغيرها من بقاع الدنيا , فتجلت فنون العمارة المتوهجة في ” سر من رأى” , آنذاك.

والفكرة تلخص المحتوى الجوهري للإسلام , ومعنى الحياة وفقا لما جاء به من مفاهيم ورؤى , وخلاصتها , أن الحياة عبارة عن رحلة عاصفة فوق التراب هدفها التحرر من إمساكه بالمخلوق , والصعود إلى علياء الوجود الكوني المطلق الموشى بإرادات الخلود.

فالإنسان يولد ويسعى بإرادته , ويزداد قوة ووعيا فكريا وروحيا , ويشتد به الوعي فيتسامق ويمضي في تصاعده حتى ينطلق ويدوم في فضاءات الأبد , وبتقدم العمر يكنز طاقات تؤهله للخروج من قبضة الدنيا وسطوتها.

والملوية بتعبيراتها الإلتوائية تشير إلى أن القلة من الأنام تستطيع الإمساك بطاقات التحليق في رحاب المطلق.

فالكثرة البشرية متمثلة بالقاعدة المربعة , ومنها ينبثق إعصار الروح الذي يتفاوت المنتمون إليه بدرجاتهم , ولا يستطيع التحليق في المطلق إلا نسبة قليلة , فالبشر يتباين في قدرات سعيه إلى آفاق العلياء الدائبة الإتساع , والتواصل مع منبع أنوار الوجود السرمد.

ويمكن للصاعد على الملوية أن يستشعر ما ينساب إليه من الطاقات الفياضة المتنامية كلما تواصل في صعوده , حتى يقترب من القمة ويدخل في نفق المدرجات المتصل بفسحتها , فيستشعر بأنه يحلق في فضاءات علوية , ويتخاطب مع آفاق سماوية , فتمتليئ روحه بالتسامي والتحليق الأبعد في مديات الكون المطلق.

فصعود الملوية إطلالة روحية على الذات , وتحريرها من ضغط الجاذبية الأرضية , فيحس الإنسان بالخفة والمشاعر الندية الطربية , ولهذا تجد الأشخاص يروق لهم الطرب على قمتها , والضرب على الطبلة ” الدنبك” , وقد عهدت ذلك منذ الصبى وحتى لوقت قريب , إذ يباغتك شاب يموج طربا ومرحا وهو يجالس الكون على قمتها.

إن البعد الروحي للملوية بحاجة لمزيد من البحث والدراسة , والإمعان في الكشف عن المكنونات الخفية لصرح عمراني , لا نزال لم ندرك معانيه ورسالته الجوهرية.

فهل من قدرة على حل رموز الملتوى الصاعد؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here