قراءه نقديه للفراغ التشريعي.. والحصانه القانونيه المطلقه للمركز الوظيفي لرئيس مجلس القضاء الاعلى وعدم جواز مساءلته عن اخطائه..؟

قراءه نقديه للفراغ التشريعي.. والحصانه القانونيه المطلقه للمركز الوظيفي لرئيس مجلس القضاء الاعلى وعدم جواز مساءلته عن اخطائه..؟

بقلم
أ. د جلال الزبيدي
حقوقي واستاذ جامعي

عادة في النظم البرلمانيه يحتل مجلس القضاء الأعلى مكانآ محوريآ وأستثنائيآ كونه المحرك للوظيفه القضائيه وعنوانآ للسلطه القضائيه كما هو الحال بالعراق..؟ وبسبب هذه الاهميه الحيويه لمفاصل هذه الدراسه القانونيه وحساسيتها السياسيه. سنتوخى المهنيه الاحترافيه الحياديه في مقاربتنا القانونيه بالتصدي للقةصور والشغور التشريعي الذي يواكب المركز القانوني لرئيس مجلس القضاء الأعلى بالعراق. بغض النظر عن شاغلي هذا المنصب القضائي متوخين الفائده والامانه العلميه للخروج من هذا الترهل والعوار التشريعي وبعيدآ عن الشخصانيه والحسابات السياسيه الضيقه..؟
لقد اشارت أدبيات الفقه الدستوري المعاصر وتطبيقاته في الدول البرلمانيه أن طبيعة ومفهوم (الحصانه القانونيه) انه لا يوجد مفهوم لتأبيد للحصانه كما ولا يعني ان القانون لايطبق بحق من منح هذه الحصانه. بل يسري القانون عليه وعلى غيره فلا احد فوق القانون أن كان رئيسآ او نائبآ او قاضيآ..؟ لان الحصانه كما يقول القانون الدستوري( للقضاء وليس للقضاة) ..؟ وهذا ما =كرسته الماده 88 من الدستور العراقي النافذ حيث قالت (القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون….)كما ان الاتفاقيه الدوليه (أتفاقيه بنغالور)
لتنظيم السلوك القضائي اشارت لمجموعه من الحتميات القضائيه وفي مقدمتها التأكيد على (التزام القاضي الحياد والاستقلاليه والنزاهة اثناء تأدية وظيفته القضائيه بدون تحيز او محاباة سياسيه او دينيه او عرقيه وان يكون فوق الشبهات)..؟
المسأله المثيره للانتباهاَ امامنا حقآ انه عند استقراء الدستور العراقي لسنة2005 والاطلاع كذلك على قانون َمجلس القضاء الاعلى رقم45 لسنة2017 على جميه القوانين ذات الصله لا نجد تحديد او تعريف او مفهوم للمركز القانوني لرئيس مجلس القضاء الاعلى بغض النظر عن كون رئيس مجلس القضاء الأعلى هو نفسه ايضآ رئيسآ لمحكمة التمييز الاتحاديه..! خاصة ونحن ننطلق هنا من كون رئيس مجلس القضاء الاعلى يقود جهازآ اداريآ وماليآ وقضائيآ واسعآ فهو يقوم بادارة شؤون الهيئات القضائيه وقواعد سير العمل فيها واقتراح الموازنه السنويه للسلطه القضائيه واقتراح تعيين الادعاء العام وغيرها. وهنا نرى ان رئيس مجلس القضاء الاعلي عندما يباشر هذه النشاطات هو ليس بجهة قضائيه ولا يخضع لقانون التنظيم القضائي بدلالة الماده 90و91 من الدستور العراقي النافذ.. وهكذا نجد ان رئيس مجلس القضاء الاعلى يقوم بوظيفتين واحده ذات طابع اداري والاخرى ذات طابع قضائي والسؤال الذي يؤرق الكثير من الحقوقيين من هو الذي يمتلك الولايه القانونيه لمسائلة رئيس مجلس القضاء الأعلى في حالة ارتكابه تجاوزات واخطاء عند قيامه بذات الانشطه الاداريه او القضائيه خاصة كونه يمثل السلطه القضائيه المستقله والتي تراعي فيها مبدأ الفصل بين السلطات..السؤال الذي لم أجد له اجابه لا في الدستور العراقي ولا في قانون مجلس القضاء الاعلي رقم 45لسنة 2017 ولا في قانون مجلس النواب ولا في اي وثيقه قانونيه رسميه تؤسس لولايتها الدستوريه على الرقابه نشاطات واعمال رئيس مجلس القضاء الأعلى وذلك في حالة ارتكابه جريمه اواخلاله بسير الوظيفه العامه او في حالة الانتهاك الجسيم للدستور.. وهنا نستغرب ان المشرع الوطني ترك لنا فراغآ وربما لغمآ قانونيه لا يمكن السكوت عنه ويجب اعادة النظر به بشكل عاجل احترامآ لمبدأ سيادة حكم القانون. وذلك اسوة بالسلطه البرلمانيه في محاسبتها لرئيس مجلس لنواب والتي اشارت فيها الماده 12من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة2022 بالقول(لمجلس النواب اقالة اي عضو من هيئة الرئاسه وفق القانون).. كما ان محاسبة رئيس الجمهوريه وردت ايضآ في الماد61/سادسآ/أ من الدستور حيث قالت يمكن (مساءلة رئيس الجمهوريه بناء على طلب مسبب بالاغلبيه المطلقه لعدد اعضاء مجلس النواب).. كما اشار النظام الداخلي لمجلس النواب ايضآ الى امكانية محاسبة رئيس مجلس الوزراء وذلك في الماده 64/ثانيا من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة2022 حيت قالت انه يحق (لمجلس النواب وبناءآ على طلب خمس أعضائه طرح سحب الثقه من رئيس الوزراء).. هذه منظومه من القوانين التي تسمح بمساءلة رئيس الجمهوريه وكذلك رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب..الا انه لا توجد اي احكام دستوريه او قواعد قانونيه تشير لمساءلة رئيس مجلس القضاء الاعلي في حاله ارتكابه جريمه او الاخلال بسير الوظيفه العامه ورفع الحصانه عنه للتحقيق في حالة وقوع الجرائم الجسيمه اسوة برؤوساء السلطات التنفيذيه والبرلمانيه الذين ايضآ هم يتمتعون بالحصانه القانونيه لكنهم بنفس الوقت يخضعون للرقابه وللمساءلة القانونيه.. فلا احد فوق القانون مهما كان منصبه وجل من لا يخطأ..!!
واخيرآ ان سكوت المشرع عن مساءلة رئيس مجلس القضاء الأعلى في حالة ارتكابه جريمه يعاقب عليها القانون او في حالة الانتهاك الجسيم للدستور يكرس للاسف قصور وفراغ قانوني جسيم يجب تداركه..لانه لا توجد حصانه مطلقه امام القانون..!! كما ولا توجد في النظم البرلمانيه المعاصره ان المسؤول مصون وغير مسؤول..؟؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here