الكراسي الثملة!!

تبدو السلطة وكأنها الصهباء المعتقة في ظلمات النفوس , عندما يحتسيها الشخص يُصاب بالإدمان عليها , وأحيانا تبدو كالأفيون ما أن تُحقن به أول مرة حتى تدمن عليه.
وسبب الإدمان ما تستحضره حالة الثمول من مشاعر وأحاسيس وتدعيات ذات تأثير نفسي وعقلي خلاب.
فما تفعله خمور الكراسي بالأشخاص صناعة ” سلطات مغيبة عن الوعي” , كالمثمول تتقطع أواصر التفاعل عنده ما بين مراكز الدماغ العلوية والتحتية , فيكون ما فيه متحررا من قبضة الأعلى.
وهذا يفسر الإنقطاع الواضح بين مراكز السلطة وعموم الشعب , فالمثمول لا يرى ما حوله ويغطس بما فيه.
ومن فواجع الشعوب أن تُبتلى بقيادات أسكرتها الكراسي , وغيّبت وعيها وأبعدتها عن الواقع , وكأنها تسبح في فضاءات خارج الجاذبية الأرضية.
فعوالم السلطة وما يدور خلف الكواليس لا تقترب من عالم الشعب وحياة الناس اليومية.
وقد تحقق العمل بموجب هذا القانون المروع في بعض المجتمعات , التي جيئ بأشخاص من خارج البلاد لا يعرفونها ولا تعرفهم , وبنيت لهم صوامع مسوّرة ومحمية , وذات خدمات لا مثيل لها في الواقع المجتمعي فيعيشون حياة مخملية , والشعوب في قهر وحرمان وإستلاب , وتكون التفاعلات ضد الشعب لأنها بأمر العدو الذي سيقضي على وجودهم الخيالي.
فهم كالذي يبني قصورا شاهقة ومن حوله العشوائيات.
والمشكلة أن الحياة المخملية الثرية تبلد الإحساس وتجرد الأشخاض من آدميتهم , وتضفي عليهم خصائل التوحش والعدوان , فكل منهم في عرينه ومن يقترب يُلقى في السعير.
إنها لعبة كيد الشعوب والنيل من إرادتهم , وتمرير آليات إفتراسهم وسرقة أموالهم , بإسم الدين , والديمقراطية والحرية وما يتصل بها من الموضوعات , والنشاطات المضللة المخادعة الساعية لإمتصاص ثروات الشعوب.
فهل سيستفيقون من سكرة السلطة وخمرة الكراسي , أم سيدوم العَمه في دياجير الغفلة والإنبهار والكمون خلف أسوار الوجيع؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here