رئيس الحكومة يقطع نصف طريق التعهدات مع السنة و4 مطالب للكرد

بغداد/ تميم الحسن

تبدو ردود واشنطن على الفصائل المدعومة من طهران ستبقى خارج الاراضي العراقية التزاما بالاتفاق مع رئيس الحكومة محمد السوداني الذي يمضي بدوره بإرضاء شركائه بالداخل.

وقرر السوداني الغاء التصاريح الامنية في المناطق الساخنة، فيما تنتظر بغداد وصول وفد كردي لتنفيذ البنود التشريعية والتنفيذية ضمن الاتفاق السياسي.

بالمقابل يعتقد ان الهجوم الاخير على الحدود مع سوريا والذي استهدف فصائل تابعة لإيران اول رد على مقتل ستيفن ترول، المواطن الامريكي الذي اغتيل الاسبوع الماضي وسط بغداد.

ويقول مسؤول محلي في القائم الحدودية مع سوريا في حديث مع (المدى)، ان “طائرات قصفت شاحنات تهريب النفط من العراق الى سوريا قرب بلدة البو كمال الحدودية”.

وتقوم فصائل في الانبار منذ عام 2016 (اثناء تواجدها بذريعة محاربة داعش) بتهريب السلاح والنفط والسكراب الى سوريا ولبنان.

واكد المسؤول الذي طلب عدم الاشارة الى هويته ان “الضحايا ويقدر عددهم بنحو 20 شخصا هم في الغالب من فصائل تابعة لطهران ومعروفة في الانبار”.

ورفض المسؤول تحديد هوية تلك الفصائل لكنه اشار الى ان “الهجوم جاء بعد 24 ساعة من مقتل المواطن الأمريكي في الكرادة”.

وكان باحثون في الشأن الامني رجحوا في وقت سابق خلال أحاديث لـ(المدى)، ان ترد واشنطن على مقتل “ترول” عاجلاً ام آجلاً، سواء في الداخل او خارج العراق.

وسبق ان أعلن محمد السوداني رئيس الحكومة، فتح تحقيق بالحادث الذي جرى الاسبوع الماضي ضد مواطن امريكي يعمل في منظمات الاغاثة في العراق.

وسربت معلومات لـ(المدى) عن نتائج اولية للتحقيق، عقب الحادث الذي نفذ بواسطة مجهولين أطلقوا الرصاص على سيارة الضحية ما ادى الى مقتله في الحال، بان الفاعلين “موالين لطهران”.

وجاء القصف المجهول لفصائل عراقية – ايرانية في منطقة البو كمال السورية القريبة من العراق ضمن سياسة “عقابية” استخدمتها واشنطن في السنوات الاخيرة.

وقبل الانتخابات الاخيرة (جرت في 10/10/2021) كشفت (المدى) عن مطالبات عراقية بان تبقي الولايات المتحدة عمليات الرد على الفصائل خارج الحدود.

وتبدو واشنطن بحسب مصادر سياسية قريبة من مكتب السوداني، “ملتزمة بعدم اثارة المشاكل في الداخل وتصفية المليشيات خارج الاراضي العراقية”.

وتسبب اعتراف واشنطن النادر قبل 3 سنوات بقصف مقرات حزب الله في القائم، اقصى غربي العراق، باقتحام الفصائل السفارة الامريكية في بغداد عام 2019، ثم طلب البرلمان اخراج القوات الامريكية (الانسحاب الثاني اكتمل نهاية 2020 بحسب بيان حكومي).

وتوجه الاتهامات في مقتل “ترول” مرة اخرى الى كتائب حزب الله وعصائب اهل الحق، خصوصاً وان الفصيلين لديهم تهديدات سابقة باستهداف القوات الامريكية.

واكد القيادي في حركة العصائب سعد السعدي في اول رد على الاتهامات: “ليس للعصائب أو اي فصيل مقاوم آخر أية علاقة بعملية اغتيال المواطن الأمريكي، ونحن لا نستهدف المدنيين، وهذا العمل مدان من قبلنا”.

وبيّن السعدي وهو عضو المكتب السياسي للعصائب في تصريحات صحفية أن “عملية اغتيال المواطن الأمريكي تحمل أهدافا سياسية، فهي تريد إيقاع الحكومة الجديدة، برئاسة محمد شياع السوداني في حرج، ومحاولة إثارة الرأي الداخلي والخارجي ضدها بسبب هذا الخرق الأمني”.

وبحسب تقرير لوكالات امريكية، قالت إن “الميليشيا التي نفذت هذا الهجوم (اغتيال ترول) هي بلا شك منبثقة عن واحدة من أكبر المليشيات الشيعية المدعومة من إيران، مثل عصائب أهل الحق أو كتائب حزب الله”.

وبينت تلك التقارير ان طريقة الاغتيال تشبه طريقة تلك الفاصل: “حيث تدعي جماعات لم تكن معروفة من قبل هجمات على المصالح الأمريكية، ويبقى الجميع يتساءلون من هي هذه المجموعة. ويتم ذلك لتوفير الإنكار المعقول للميليشيات الأكبر من أجل تقليل حجم الهجمات الانتقامية”.

وكانت مجموعة تطلق على نفسها “سرايا اهل الكهف” قد تبنت عملية الاغتيال، انتقاما لمقتل الجنرال الايراني قاسم سليماني (قائد فيلق القدس)، وابو مهدي المهندس (رئيس هيئة الحشد).

إدارة التفاهمات

واغضب الحادث الإطار التنسيقي الشيعي الذي كان قد بدأ للتو عقد شراكة مع الولايات المتحدة مقابل التعهد بإيقاف استهداف المصالح الاجنبية في العراق.

ويدير محمد السوداني رئيس الوزراء التفاهمات مع واشنطن بتفويض من حلفائه الشيعة، حيث بدأ هو الاخر بتنفيذ تعهدات قطعها مع “الإطار” للشركاء السنة.

وقرر السوداني ايقاف ما يعرف بـ “التصريحات الامنية”، وهو شرط تم وضعه بعد انتشار “داعش” في 2014 مقابل اكمال المعاملات في المناطق الساخنة (الانبار، نينوى، صلاح الدين، كركوك، ديالى، وبعض مناطق بغداد).

ويقول احمد البدراني وهو ناشط في الموصل بحديث مع (المدى) ان “التصريح الامني كان يتسبب بتعطيل المعاملات وخاصة ملفات التعويض لعدة سنوات”.

وبين البدراني ان الحصول على التصريح الامني “أنشأ عصابات تأخذ رشاوي مقابل الحصول على التصريح”.

وجاء هذا الاجراء ضمن اتفاق سابق بين رئيس الوزراء والإطار التنسيقي والقوى السنية مقابل دعم حكومة السوداني.

وتحدث السوداني يوم الجمعة الماضي عما بدا وكأنه اشارات على اعادة التحقيقات في القضايا التي تعرف بـ “المخبر السري”.

وقال رئيس الحكومة وفق بيان لمكتبه ان على “من تعرض لأية صورة من صور التعذيب، أو الانتزاع القسري للاعترافات، تقديم شكواه الى مستشار رئيس مجلس الوزراء لحقوق الانسان، معززةً بالأدلة الثبوتية”.

وكانت القوى السنية قد طالت في مرات سابقة اسقاط التهم التي جاءت عن طريق “المخبر السري” والتي اعتبرت اغلبها كيدية، كما انتقدت “انتزاع الاعترافات بالتعذيب”.

ويبقى امام تعهدات الحكومة في الشق السني- التنفيذي هو اخراج الفصائل من المدن الغربية، ويعتقد بحسب مراقبين بانها قد تكون اصعب بنود الاتفاق وقد تطيح بالسوداني.

لكن على الجانب الاخر تبدو بعض اجراءات السوداني قد تكون غير مقبولة لدى الكرد، حيث طالبت عضوة مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي فيان دخيل، مجلس الأمن الوطني بالتراجع عن قرار إلغاء التدقيق الأمني في المناطق المحررة، واصفة ذلك بـ “الكارثة الكبيرة”.

وقالت دخيل في مؤتمر صحفي بمبنى البرلمان ان التدقيق الأمني “مهم جداً ومتبع في كل دول العالم”، متسائلة عن كيفية إلغائه في دولة مثل العراق قد “عاث الإرهاب فيه بالقتل والخطف”.

واضافت موجهة كلامها الى رئيس الحكومة: “ذا تم إلغاء التدقيق الأمني، ماذا سنقول لآلاف الإيزيديين والضحايا المقتولين على يد الإرهاب، ماذا سنقول للمقابر الجماعية”.

يأتي ذلك في وقت تنتظر بغداد وصول وفد كردي برئاسة مسرور بارزاني رئيس حكومة كردستان، بحسب النائب شوان الدوبرداني.

وقال دوبرداني في حديث لـ(المدى) ان “الوفد سيناقش تنفيذ بنود الاتفاق السياسي بشقيه التنفيذي والتشريعي”.

وبين النائب عن الحزب الديمقراطي ان “الشق التنفيذي يتضمن اعادة التطبيع في سنجار وتطويع 2500 من الاهالي في القوات الامنية واعادة البناء للنازحين، اضافة الى تنفيذ المادة 140 المنصوص عليها في الدستور”.

واوضح النائب ان المادة الاخيرة تتضمن: “اعادة التطبيع في المناطق المتنازع عليها واعادة الاوضاع قبل عمليات التعريب التي جرت في عام 1968، ثم اجراء الاحصاء، والاخير هو تنفيذ استفتاء المناطق الواقعة خارج حدود الإقليم”.

اما الشق التشريعي فأكد الدوبرداني، أن الوفد “سيناقش تنفيذ الموازنة والمتعلقة برواتب الاقليم والبيشمركة وحصة كردستان من التمويل، ومدة تنفيذه في الاتفاق 3 أشهر كأحد اعلى، وبعدها قانون النفط والغاز ومدة التنفيذ في الاتفاق 6 أشهر”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here