جيوش إلكترونية تدخل على خط «انتزاع الدرجات الخاصة» وإجبار على الاستقالات

بغداد/ تميم الحسن

بدأت المضايقات تلاحق موظفين محسوبين على التيار الصدري رغم تجنب رئيس الحكومة محمد شياع السوداني على ما يبدو كسب عداوة التيار في الوقت الحالي على الاقل.

ويقود حملات طرد الصدريين من المناصب جناحين داخل الإطار التنسيقي، وسجلت اولى الحالات في احدى الوزارات السيادية.

وتجري هذه التصفيات ضمن الصراع الشديد على الدرجات الخاصة، حيث وصل التنافس داخل «الإطار» نفسه.

ويتم الحديث عن «انتزاع مناصب بالقوة» عبر وسائل متعددة مرة بالتهديد ومرة بتحريك دعاوى قضائية، ومرة اخرى باستخدام «السوشيال ميديا» لمهاجمة المسؤولين.

وحتى الان جرى تحريك نحو 7 مفاصل مهمة ضمن عشرات المؤسسات والهيئات المستقلة التي يتوقع ان يبدأ الزحف نحوها تدريجياً.

ويزعم الإطار التنسيقي الذي شكل الحكومة الجديدة بان التيار الصدري كان قد ازاح باقي القوى الشيعية عن صدارة عرش الدرجات الخاصة (تقدر بأكثر من 10 آلاف درجة) في السنوات الثلاث الأخيرة، وسيطر على 60% من تلك المواقع مقابل 30% لدولة القانون و10% لباقي القوى السياسية.

ويقول نائب صدري سابق في حديث لـ(المدى) طلب عدم كشف اسمه ان: «مضايقات بدأت تلاحق موظفين من التيار الصدري ومن خارج الإطار التنسيقي بعد نحو شهر من تشكيل الحكومة».

وكان محمد السوداني، بحسب مقربين من رئيس الحكومة، قد «تجنب اثارة غضب الصدريين»، رغم تعرضه لضغوط في تدوير المناصب الخاصة.

ويؤكد النائب السابق ان «وزارة النفط التابعة لدولة القانون شهدت اولى تلك التحركات، وقريبا سوف تصدر اوامر باستبدال مناصب مهمة».

وكانت وزارات مثل التربية، الداخلية، الثقافة، والصحة قد اعلنت بشكل مبكر من تشكيل الحكومة حملات لاستبدال الموظفين الكبار.

كما لحقت محافظة بابل التي انتزعت عصائب اهل الحق مؤخرا، منصب المحافظة فيها من تيار الحكمة، بسيل التغييرات في المناصب.

وبعد شد وجذب استمر لعدة ايام بين العصائب ودولة القانون من جهة والحكمة من جهة اخرى تم تكليف وسام اصلان بمنصب محافظ بابل خلافا للسابق علي علاوي.

وعلاوي كان قد تم تكليفه اثناء فترة تصريف الاعمال للحكومة السابقة (السوداني ألغى قرارات تلك المرحلة في 1 تشرين الثاني الماضي).

وسبق ان كلف حسن منديل في زمن حكومة عادل عبد المهدي السابقة، وهو ضمن تيار الحكمة، لإدارة المحافظة ثم عاد مرة اخرى عقب انهاء تكليف علاوي على امل الاستمرار في المنصب.

ومنديل جاء تكليفه نهاية 2019 بعد صدور احكام قضائية ضد محافظ بابل السابق كرار العبادي الذي أشيع حينها بانه كان مقربا من رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي.

لكن على ما يبدو ان كفة العصائب قد فازت في بابل، فيما منحت في وقت قريب احدى الهيئات المستقلة الى تيار الحكمة فيما بدا وكأنه تعويض.

وتم تعيين احمد الفتلاوي القيادي وعضو المكتب السياسي في تيار الحكمة بمنصب رئيس الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات.

ورئيس الهيئة السابق هو عقيل الخزعلي عضو حزب الدعوة، والذي كان قد شغل سابقا منصب وكيل أقدم وزارة الصحة، والداخلية، ومحافظ كربلاء.

وكان تيار الحكمة بزعامة عمار الحيكم قد نفى أكثر من مرة اشتراكه في الحكومة، فيما لم يعلق الحزب على حصته من الهيئات المستقلة.

وعن ملف المحافظين، يقول النائب الصدري السابق ان «شهر العسل مع محافظي ذي قار والنجف قد ينتهي قريبا، فالإطار التنسيقي لن يبقى ساكتا لفترة طويلة على هذه المناصب».

وكان السوداني قد تراجع عن اقالة المحافظين الأخيرين المحسوبين على التيار الصدري لتجنب الصدام مع التيار.

وبدأ بالمقابل الصراع على المناصب الخاصة يتجاوز الذريعة السابقة والمتعلقة بإلغاء قرارات حكومة مصطفى الكاظمي في السنة الاخيرة (فترة تصريف الاعمال).

كما اشار سياسي مطلع في حديث مع (المدى)، الى ان طرق «تغيير المناصب بدأت تأخذ اسلوباً جديداً، وهو اسلوب الاستقالات الغريب على منظومة الادارة في العراق».

ويقول السياسي وهو مستشار في أحد الاحزاب الشيعية ان «هذا الاسلوب يبعد الحرج عن السوداني الذي لا يستعجل تغيير المنصب، وكان قد وضع لجنة لاستبدال الدرجات الخاصة».

وبدأ التغيير حسب اسلوب الاستقالات مع رئيسة هيئة الاستثمار سها النجار التي كلفت بالمنصب في ايلول 2020 بعد نحو 5 أشهر من استلام الكاظمي للحكومة.

وعين بدلا عنها سلار محمد امين، والاخير وهو رئيس الهيئة السابق، وكانت انباء قد نشرت بخصوصه في تشرين الاول 2020 عن اعتقاله اثناء محاولة هروبه من بغداد بعد صدور مذكرة قبض ضده.

وبنفس الطريقة أعلن علي جواد الساعدي مؤخرا استقالته من هيئة النزاهة، وتم تعيين مرشح سابق مع منظمة بدر بزعامة هادي العامري.

وكلف حيدر حنون رئيس استئناف ميسان ومرشح خاسر في انتخابات 2018 مع تحالف الفتح بإدارة الهيئة، فيما نفى مجلس القضاء تورط الاول في قضايا فساد بحسب معلومات تم تداولها مؤخرا.

وقال القضاء في بيان رداً على تلك الاتهامات انه «تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي اتهامات غير صحيحة تجاه حيدر حنون زاير الذي تم تعيينه رئيسا لهيئة النزاهة».

وأضاف البيان أنه «نود ان نبين ان حيدر حنون شغل منصب رئيس استئناف ميسان قبل تعيينه بمنصبه الجديد ومن غير المعقول ان يعين مجلس القضاء الاعلى رئيس استئناف عليه ملاحظات سلبية بخصوص نزاهته لذا فان ما يثار بحقه غير صحيح».

ويقول المستشار السياسي لاحد الاحزاب الشيعية ان الاسلوب الذي اتبع مع رئيس هيئة النزاهة «كان عبر استخدام الجيوش الالكترونية للضغط عليه من اجل الاستقالة».

والساعدي كان قد اشار في خطاب الاستقالة الذي نشر على عدد من وسائل الاعلام، الى تعرضه الى «ضغوط» ومحاولات «تشويه» للمؤسسة.

وضمن موجة الاستقالات، أعلن في وقت لاحق عبد الحسين هنين وهو مستشار في رئاسة الوزراء استقالته من المنصب دون اعطاء توضيح.

وهنين الذي كلف بالمنصب منذ حكومة عبد المهدي، كان قد طرح اسمه في التشكيلة الحكومية الاخيرة لإدارة وزارة الكهرباء قبل ان يذهب المنصب الى زياد علي.

من جانب اخر يشير المستشار في الحزب الشيعي الى ان الصراع على هذه المناصب وصل الى «داخل الإطار التنسيقي مثلما جرى مع محمد صاحب الدراجي».

وأعلن مصطفى سند النائب القريب من «الإطار» اول أمس عن ان المحكمة الاتحادية قد انهت تكليف الدراجي في رئاسة هيئة التصنيع الحربي.

والدراجي وهو صدري سابق ونائب لاحق عن تحالف الفتح، تم تكليفه بإدارة الهيئة في نيسان 2021 (بعد نحو سنة من استلام الكاظمي للحكومة).

ويقول المستشار السياسي ان «الدراجي هو ضمن كتائب الامام علي التي يقودها شبل الزيدي شريك الاطاريين، ورغم ذلك تم ابعاده عن المنصب».

وظهر الدراجي في ليلة تسريب معلومات عن انهاء تكليفه مؤكدا استمراره بالمنصب، لكنه بالمقابل اشار الى ان هناك قضايا مرفوعة ضده.

وقال الدراجي في لقاء مع احدى المحطات الفضائية القريبة من «الإطار»: «لم استلم حتى الان اي شيء مكتوب عن انهاء تكليفي ومازالت رئيس هيئة التصنيع العسكري».

واضاف: «اقام نائب رئيس الهيئة وهو موظف فساد دعوى ضدي مع وكيله امام القضاء الاداري وتم رد الدعوى يوم 26 ايلول الماضي».

ثم عاد الدراجي ليرد على الشكوى ضده في المحكمة الاتحادية: «القضية ليست من اختصاصها وان حدث هذا فانها سابقة خطيرة ومحاولة لضرب الدولة».

واكد الدراجي ان «المحامي قال لي بان قرار المحكمة الاتحادية لم يصدر حتى الان وسيصدر قريبا».

ثم بعد ذلك علق وكيله وهو علي فخري عبد الحمزة بحسب ما نقلته القناة نفسها -الذي اتهمه الدراجي اثناء اللقاء بانه «فاسد»- ووصف محمد الدراجي بانه «رئيس الهيئة السابق».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here