واشنطن تسعى لتوسيع العلاقات التجارية والنفطية مع العراق وإيران تضع العصي في العجلة

بغداد/ تميم الحسن

تحاول طهران اعادة مسك زمام الامور في العراق، فيما تمارس ضغطا لعرقلة سير التحقيقات بخصوص مقتل المواطن الامريكي وسط الكرادة الاسبوع الماضي.

يأتي ذلك في وقت يرجح فيه وصول مسؤول ايراني رفيع الى بغداد لبحث تصاعد العلاقات العراقية – الامريكية وقصف كردستان وحادثة الاغتيال الاخيرة.

مقابل ذلك تندفع الولايات المتحدة بقوة تجاه تعزيز العلاقات مع العراق خصوصا بزيادة التعاون في مجال التجارة وصناعة النفط.

وتتزاحم الملفات الخارجية مع القضايا الداخلية، إذ مازالت صراعات المناصب تتزايد ويعيش الإطار التنسيقي توتراً بسبب استمرار سكوت زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

ويقول مصدر مقرب من الحنانة حيث مقر الصدر في النجف باتصال مع (المدى)، ان “زعيم التيار الصدري مازال في مرحلة المراقبة ولاتوجد مؤشرات على تدخل قريب”.

ويشير المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه الى ان الصدر: “لن يغامر مرة اخرى بدماء الشباب، فالمجموعة التي تحكم البلاد الان يمكن ان تستخدم السلاح بسهولة”.

وكانت اخر مواجهة بين اتباع الصدر وجهات مسلحة داخل المنطقة الخضراء نهاية آب الماضي، قد انتهت بمقتل نحو 50 شخصاً من الطرف الاول بحسب رواية التيار الصدري.

وبين المصدر في النجف ان “الإطار التنسيقي قلق الان من سكوت زعيم التيار، وأرسل لنا رسائل يحاول معرفة رأي الصدر في قرارات الحكومة الأخيرة”.

وتدفع اجنحة داخل “الإطار” الى مواجهة الصدريين بملف الوظائف والتي تعرف بـ”الدرجات الخاصة”.

وكشفت اوساط صدرية في وقت سابق لـ(المدى) عن تعرض موظفين صدريين واخرين معارضين للإطار التنسيقي الى مضايقات.

وأمس قرر محمد السوداني انهاء تكليف مشرق الفريجي من منصب مدير عام الدائرة الفنية في وزارة الاعمار.

والفريجي هو شخصية معارضة ورئيس حزب نازل اخذ حقي الذي شارك في الانتخابات الاخيرة بعد ان لعبت حركته دورا في تظاهرات تشرين 2019.

بالمقابل قرر السوداني اعادة علي المؤيد لمنصب رئيس الجهاز التنفيذي لهيئة الإعلام والاتصالات وهو مقرب من تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم.

وهذا هو المنصب الثاني في الحكومة لتيار الحكمة بعد تكليف عضو الهيئة السياسية للحكمة احمد الفتلاوي برئاسة هيئة التنسيق بين المحافظات.

وقال بيان لهيئة الاعلام ان “علي المؤيد باشر مهام أعماله رئيساً للجهاز التنفيذي لهيئة الإعلام والاتصالات، بعد إصدار رئيس مجلس الوزراء أمراً بإعادة تكليفه برئاسة الجهاز التنفيذي”.

واوضح البيان أن أمر إعادة تكليف علي المؤيد، جاء بعد صدور قرار من المحكمة الإدارية في 6 تشرين الثاني 2022، الذي نص على إلغاء قرار سابق لمجلس المفوضين في 24 نيسان 2022، وإعادة المؤيد إلى منصبه.

وكان مجلس مفوضي هيئة الإعلام والاتصالات قد قرر في شهر آذار 2022 إعفاء رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة علي المؤيد من منصبه.

وأصدر رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي أمرا في شهر أيار من العام 2021 بتكليف علي المؤيد برئاسة الهيئة، بدلا عن المهندس عادل سلمان.

وتسبب التدافع على المناصب الخاصة الى تجاوز فترة تصريف الاعمال في السنة الاخيرة من حكومة الكاظمي والتي اعتبرهتا الحكومة الجديدة غير قانونية والغتها جميعها مطلع الشهر الحالي.

كما انتقلت دائرة الصراع على الوظائف الرفيعة والتي تقدر بأكثر من 10 آلاف درجة الى داخل الإطار التنسيقي.

وسرب نواب مقربون من “الإطار” معلومات عن استبعاد محمد الدراجي من منصب رئاسة هيئة التصنيع الحربي رغم ان الاخير مرشح شبل الزيدي رئيس كتائب الامام علي احد ابرز فصائل الحشد.

بين المعسكر الشرقي والغربي

في ملف السياسة الخارجية، فان هناك تعتيما كبيرا يجري على التحقيقات التي أعلنها السوداني بخصوص مقتل الناشط الامريكي في مجال الاغاثة ستيفن ترول الذي قتل في الكرادة قبل أكثر من اسبوع.

وتقول مصادر مطلعة لـ(المدى) ان “طهران التي يعتقد بانها متورطة في حادث الاغتيال تمارس ضغوطا لتمييع التحقيقات”.

وكانت مجموعة تطلق على نفسها “سرايا اهل الكهف” قد اعلنت مسؤوليتها عن الحادث ثأرا لمقتل الجنرال الايراني قاسم سليماني رئيس فيلق القدس، وابو مهدي المهندس رئيس الحشد، بحسب بيان نشرته عدد من الوكالات الاخبارية.

ويوم السبت الماضي قال رئيس الحكومة إن بغداد لديها من الخيوط ما يوصلها إلى من يقف وراء عملية اغتيال المواطن الأمريكي ستيفن ترول.

وقال السوداني خلال لقائه عددا من المحللين السياسيين إن “مقتل المواطن الأمريكي ستيفن ترول جريمة توقيتها مقصود ويقف خلفها من يسعى لاختبار الحكومة”.

وأضاف “لدينا من الخيوط ما يوصلنا إلى الجناة وأتابع شخصيا سير التحقيقات”.

وتشير المصادر المطلعة على نقاشات القوى السياسية ان “طهران غير راضية عن تقرب الحكومة الجديدة من الولايات المتحدة وتريد تصدير الازمات وافتعال المشاكل لتكون هي المتحكمة”.

وتؤكد المصادر ان “الولايات المتحدة تريد محافظة العراق على تصدير النفط، كما تسعى الى زيادة التعاون التجاري ورفع عدد الشركات العاملة في مجال الصناعة النفطية”.

بالمقابل ان طهران زادت وتيرة التهديدات للعراق، بحسب ما تقوله المصادر، بعد ان هاجمت بلدة قرب اربيل اول من أمس، ويتوقع ان تتصاعد التهديدات.

واكدت وزارة الخارجية ردا على الهجوم الايراني، بان بغداد ستتخذ إجراءات دبلوماسية عالية المستوى ضد طهران.

وقالت الوزارة في بيان، إنها “تُدينُ بعباراتٍ شديدةٍ ومُكَرَّرة، ما أقدم عليه الجانب الإيرانيّ من قصفٍ مدفعيٍّ وبالطائرات المُسيَّرة، على عددٍ من مناطق إقليمِ كُردستانِ العراق، والتي أوقعت العديد من المواطنينَ الآمنين بين شهيدٍ وجريح”.

وأضافت أن “هذا النَهج الأُحاديّ، العدائيّ، لن يكونَ عاملاً للدفعِ بحلولٍ تُفضي للاستقرار، وسبَقَت مواقفنا لتؤشِّر على خطر هذا التجاوز السافر على سيادة العراق وأمن مواطنيه، وما يعكسه من تهديدٍ مُستَمِر سيتسبب بإرباكِ المنطقة ويرفع مستوى التوتر فيها”.

وأشار البيان إلى أن “وزارة الخارجيَّة ستتَخذ الإجراءات الدبلوماسيَّة عالية المستوى في هذا الجانب، غير متوانيةٍ عن حفظ وصون سيادة العراق، وبما يُعَزِّز أمنَ شعبه”.

وجددت قوات الحرس الثوري الإيراني قصفها الصاروخي على مقار تابعة للأحزاب الكردية المعارضة للسلطات الإيرانية في بلدة كويسنجق 60 كلم شرق أربيل عاصمة إقليم كردستان.

ودان رئيس حكومة إقليم كردستان القصف الإيراني ويعتبره انتهاكا للسيادة، في حين أعلن مسؤول عن مقتل شخص وإصابة 8 آخرين في الهجوم الصاروخي.

بالمقابل ان منصات اخبارية مقربة من الإطار التنسيقي قد سربت انباء عن زيارة اسماعيل قاآني (خليفة سليماني) الى العراق بالتزامن مع تطورات حادثة الاغتيال وقصف كردستان.

واشارت تلك الانباء الى احتمال لقاء قاآني برئيس الحكومة لمناقشة قضية القصف الذي جرى يوم الاثنين الماضي على بلدة في كردستان.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here