الأمم المتحدة : الأمطار ستنخفض في العراق بنسبة 27% في السنوات العشر القادمات

الأمم المتحدة لرووداو: الأمطار ستنخفض في العراق بنسبة 27% في السنوات العشر القادمات
طالب حشمت

حذّر مسؤول نشاطات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في العراق من مخاطر التغير المناخي لشبكة رووداو الإعلامية، مشيراً إلى أن الأمن الغذائي العراقي مرتبط بنسبة 80% بالأسواق العالمية والتغير المناخي يمثل أكبر تهديد للعراق.

في حوار مع شبكة رووداو الاعلامية، أعلن مسؤول نشاطات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في العراق، ممونور رشيد، المتواجد حالياً في مصر للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة 27 الخاص بالتغير المناخي، أن عدد سكان العراق يبلغ نحو 40 مليون نسمة حالياً وسيرتفع في فترة السنوات العشر القادمات إلى 60 مليوناً، وعندها ستكون مشكلة المياه في العراق “أشد صعوبة”.

وأدناه نص حوار شبكة رووداو الإعلامية مع مسؤول نشاطات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في العراق، ممونور رشيد:

رووداو: كيف يؤثر التغير المناخي على قطاع الزراعة في العراق؟ وكيف يمكن للعراق أن يواجه ظاهرة الجفاف؟

ممونور رشيد: شكراً جزيلاً. أعتقد أنكم تعلمون أن العراق واحد من البلدان الأكثر تأثراً بالتغير المناخي، خاصة من جهة الأمن المائي. سيتراجع سقوط الأمطار في مناطق من العراق بنسبة 27% خلال السنوات العشر القادمات. تراجع نسبة سقوط الأمطار الذي ينجم عن التغير المناخي سيؤدي على الأغلب إلى نقص موقت في المياه، وهذا يؤدي بدوره إلى تقليص مساحات الأراضي الزراعية، حيث لن تتوفر المياه اللازمة للري ما سيؤثر بدرجة خطيرة على العراق. الدروس التي نتعلمها من الحكومات واللاعبين الدوليين تفيد بأن أمام العراق ثلاثة طرق لمواجهة هذا الخطر:

الأول: حمل مشكلة نقص المياه على محمل الجد والتزام المزارعين بالتوجيهات واستخدام النظم المتقدمة كالتنقيط والري المغطى وغير ذلك من النظم. يجب التفكير والعمل على تحديد مدى نجاح الزراعة بهذه الطرق، فهناك العديد من التقنيات الزراعية الحديثة التي نراها عن طريق الوكالات والمنظمات والتي يبدو أنها ناجحة.

الثاني: من المهم أن يعرف العراق كمية المياه الجوفية التي يملكها وكيف ينتفع منها للاستخدام وإعادة الاستخدام، بدون السماح بتبخر المياه المستخرجة وجعل هذه المياه تدور في دورات يتكرر استخدامها خلالها. يجب استخدام المياه الجوفية بصورة مخطط لها، وتحديد كمية تلك المياه التي تستخدم في أنظمة الري بالتنقيط وكمية المياه التي تذهب للاستخدام البشري. على سبيل المثال، كيف يمكن استخدام المياه التي يستعملها البشر، لتذهب بعد ذلك للاستعمال في الزراعة ثم إلى النظام البيئي، واستخدامها مرة أخرى. يجب العمل بنظم تدوير المياه.

الثالث: يمكن للعراق التحاور مع الدول المجاورة، بالاعتماد على معلومات وبيانات غزيرة، ويبح معها مشكلة تراجع مناسيب مياه نهري دجلة والفرات.

رووداو: هل هذه التداعيات الناجمة عن التغير المناخي تنطبق على إقليم كوردستان أيضاً؟

ممونور رشيد: أجل، هو نفس الشيء. فقد واجه إقليم كوردستان أيضاً الجفاف، وشاهدنا من خلال دراسات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أن العديد من مناطق إقليم كوردستان عانى من نقص في معدلات سقوط الأمطار، الأمر الذي أثر على الزراعة في تلك المناطق. علينا أن ندرك أن إقليم كوردستان هو أهم المناطق من الناحية الزراعية في العراق، وإذا استمرت تأثيرات التغير المناخي وتمسك إقليم كوردستان باستخدام الأساليب الحالية في الزراعة، من الصعب جداً أن ينجو من الآثار التي يخلفها الجفاف.

رووداو: هل تتوفر لديكم بيانات عن التصحر في العراق؟ وإذا استمر العراق على هذه الحال هل سيكون مستقراً من حيث الأمن الغذائي؟

ممونور رشيد: أعتقد أن الوضع سيسوء في حال استمر العراق على هذه الحال. في كل أزمة، وليس أزمة التغير المناخي وحدها، إذا لم يجر العمل للعثور على حلول وجرى التعامل معها على أنها أزمة عابرة، ستتحول الأزمة إلى أزمة دائمة. إذا لم يتعامل العراق مع أزمة التغير المناخي كأزمة دائمة ومستمرة، ستخرج الأزمة عن نطاق السيطرة ولن يعود حلها ممكناً. يجب أولاً إدراك حقيقة أن المياه تتناقص، والتصحر قد حدث ويحدث، وتشير بيانات منظمة نزاعات المياه إلى أن العراق عانى سنة 2021 من 25 من آثار أزمة نقص المياه، والتصحر واحد منها، وهذا يعني أن العراق يعاني من أكبر مشكلة نقص في المياه وبأعلى نسبة عالمياً.

أعتقد أن نمواً في السكان سيحصل على مدى السنوات العشر القادمات، فعدد سكانه يبلغ الآن 40 مليوناً وربما سيبلغ حينها 60 مليوناً، ما سيعمّق المشكلة. سيؤدي هذا إلى تخلف النمو في القطاع الزراعي عن النمو في القطاعات الأخرى، لأن المياه تتناقص وسيعزف المزارعون عن الزراعة، وجنباً إلى جنب ضعف القطاع الزراعي سيضعف اقتصاد البلد، ولن يعود قادراً عن دعم القطاع الزراعي، في حين أن 80% من الأمن الغذائي العراقي مرهون بالأسواق العالمية. البيانات تظهر لي أن العراق عاجز عن الاعتماد على الغذاء المنتج محلياً، ولا يمكنه أن يهمّش القطاع الزراعي، وعليه أن يضمن تقدم قطاعه الزراعي ليتمكن بحلول العام 2050 من تأمين الغذاء لـ50% من سكانه على الأقل.

رووداو: باعتقادك كم سيكون عدد الذين سيحتاجون إلى معونات غذائية في السنوات العشر القادمات؟

ممونور رشيد: هذا يعتمد على اقتصاد البلد وعلى إنتاج الغذاء. كان العراق السلة الغذائية لكل العرب، لكنه بات يستورد الغذاء من الخارج. إذا قام العراق بتنويع اقتصاده، ولم يعتمد فقط على عائدات القطاع النفطي ونوّع عائداته لكي يكون القطاع الخاص قوياً يأتي بالعائدات، عندها ستزداد فرص العمل، وينتعش الاقتصاد، ولن يكون العراق بحاجة إلى معونات غذائية. لكن إن استمر على نهجه الحالي، سيكون هناك أربعة ملايين شخص بحاجة إلى معونات غذائية. أرجو أن لا يحدث هذا، لأن الحكومة العراقية تعمل على هذا التهديد، وأنا متفائل لأن الشعب والحكومة واعيان، وسينوعون الاقتصاد ويحولون دون وقوع هذا.

رووداو: ما هي مساحة الأراضي الزراعية التي تتناقص سنوياً بسبب التغير المناخي؟

ممونور رشيد: البيانات التي حصلنا عليها من الأقمار الاصطناعية تشير إلى أن 3% من أراضي العراق مهددة بالتصحر، وبعض الإحصائيات يشير إلى تلف 16% من الأراضي العراقية بسبب الجفاف، لكن التغير المناخي الآن يشير إلى أن النسبة هي 3%، أي أن النسبة لا تتجاوز 9%. هناك أسباب أخرى أدت أيضاً إلى إتلاف الأرض، والتغير المناخي ليس السبب الوحيد.

رووداو: هل نزح أي من السكان بسبب التصحر؟

ممونور رشيد: تشير إحصائيات منظمة الهجرة الدولية إلى أن ذلك قد حصل. كان هناك نزوح، وخاصة من مناطق الأهوار، لأن أغلب مساحاتها قد جف ما دفع السكان للتوجه إلى المدن بحثاً عن فرص عمل، وقد أشارت دراسات منظمة الهجرة الدولية إلى ذلك.

رووداو: ما مدى مسؤولية العراق عن التلوث البيئي؟

ممونور رشيد: السكان أم الحكومة؟ أود الإشارة إلى أن مهمة الحكومة في كل مكان هي رسم السياسات وإصدار القوانين. فمثلاً، لا توجد هنا وسائط للنقل العام، وكل شخص مضطر لاستخدام سيارته الخاصة في تنقلاته. أنا من بنغلاديش ويبلغ تعداد سكان بنغلاديش 200 مليون نسمة، لكن وسائط النقل العام متوفرة عندنا. السيارات واحدة من العوامل الرئيسة لتلويث البيئة، كذلك هناك إنتاج الغازات الساخنة من الحقول النفطية وهي من الأسباب. لدى الحكومة العراقية رؤية واضحة لحل مشكلة الغازات الساخنة التي تنتجها حقول النفط، وتنوي حلها بحلول العام 2030. سيكون ذلك جيداً في حال تم إنجازه. لا ينبغي التطلع إلى الحكومة وحدها من أجل الحل، فجميعنا نتقاسم المسؤولية بالتساوي.

رووداو: ماذا سيكون تأثير مؤتمر التغير المناخي للأمم المتحدة على التغير المناخي في العراق؟

ممونور رشيد: يسعى العراق لطرح أزمة مياه مناطق الأهوار وتراجع الزراعة وآثاره على حياة العراقيين على طاولة البحث. هذا المؤتمر مهم جداً للعراق، لكي يبيّن أنه متأثر بالتغير المناخي، فالعراق بحاجة إلى المساعدة الدولية ليواجه التغير المناخي. للعراق موقع قوي في بيان الطاقة المتجددة ويخطط لتقليص انبعاث غاز الميثان بنسبة تتراوح بين 1 و2% بحلول العام 203، وقد أعلن أنه في حال تلقيه المساعدة الدولية يستطيع تقليص ابنعاث الميثان بنسبة 15%. كذلك، أعلن العراق عن مشروع إنتاج 12 غيغاواط من الطاقة النظيفة، وهذا جيد جداً للعراق المشارك في هذا المؤتمر، لأنه سيكون بحاجة إلى مساعدة ومشاركة الآخرين، وبهذا يستطيع أن يبيّن بأن لديه خطة لمواجهة ظاهرة التغير المناخي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here