اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر عن القرآن الكريم من سورة يونس (ح 91)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب الطهارة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: ماذا للميت في الدنيا بعد موته؟ انَّ معنى كتاب العلم يشمل كلَّ العلوم المطلوبة للشرع المقدَّس، وغير المحرَّمة فيه. ولا يختصُّ بعلوم الشريعة والتفسير ونحوها، بل يشمل علوم اللغة والتأريخ والعلوم الطبيعية والعلوم الطبية وغيرها. الجانب الثاني: إن لم يكن الكتاب في العلم، وإنما كان كتاب صناعةٍ كتعليم النجارة أو البناء مثلاً، أو كان كتاب فكاهةٍ لترويح النفس بغير الباطل، فهل يكون خارجاً عن تطبيقات الحديث الشريف؟، ومن ثمَّ لا ينفع الميت بعد موتِه؟ ويمكن أن يجاب على ذلك بأسلوبين: الأسلوب الأول: إنَّ معنى العلم أوسع مما نظنّ، فالصناعات على اختلافها، وسائر الخبرات الإختصاصية وغيرها هي نوعٌ من العلم، ولا يمكن أن تنتج إلا بعلم، وليس في الحديث الشريف تقييدٌ يخرجها. نعم، لو كان الكتاب من قبيل الفكاهة أو تعليم الألعاب المسلية أو نحوها مما ليس علماً جزماً، لم يكن مندرجاً في الحديث من هذه الناحية. الأسلوب الثاني: إنَّ في الحديث قرينةً واضحةً على تعميم المعنى لكلِّ انتفاع، سواءٌ كان علماً أم لم يكن علماً، بل سواءٌ كان كتاباً أم لم يكن كتاباً، بل كان آلةً أو ظرفاً أو بناءاً أو فرشاً. وتلك القرينة أمران: أحدهما: قوله: ينتفع به. فالمدار هو النفع لا غير، كما هو المفهومُ من الخبر. وثانيهما: قوله: صدقة جارية، لو استطعنا غضَّ النظر عن أرباحها، ونظرناها كشيءٍ نافعٍ ليس إلا. وإنما النظر إلى أرباحها كأهمِّ الأساليب للإنتفاع منها. دلَّ الكتاب والسنة على وجود بعض الأعمال الصالحة للمؤمنين في الآخرة، كذكر الله سبحانه، قال تعالى: “وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” (يونس 10)

جاء في منتدى جامع الأئمة في خطب الجمعة للسيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: ان الفرح والسرور له اسبابه الدنيوية واسبابه الاخروية. اما اسبابه الدنيوية فواضحة كحصول الصحة بعد المرض او الثروة بعد الفقر أو قرب الشخص القريب او الحبيب بعد بعده وهكذا. وهذا النوع من الفرح وإن كان جائزا فقهيا ومتعارفا متشرعيا واجتماعيا إلا أنه مرجوح اخلاقيا وفي الحكمة: (لا تفرح بما اتاك من الدنيا ولا تحزن عما فاتك منها). والفرح بالأسباب الاخروية فهو صحيح ومشروع قال تعالى : “قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ” (يونس 58) وقوله “مِمَّا يَجْمَعُونَ” يعني مما يجمعون من اموال الدنيا وبهارجها وشهواتها التي تكون سببا لفرح اهل الدنيا واهل الغفلة والغرور بل هي ملغاة ومبدلة بالأسباب الاخروية للفرح وهي تلقي فضل الله ورحمته كما سمعناه في الآية الكريمة: “قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ” (يونس 58). والاسباب الاخروية للفرح قد لخصتها الاية الكريمة بوضوح وهي فضل الله ورحمته فإذا حصل الفرد على شيء من فضل الله ورحمته فرح وجاز له الفرح، كما لو وفق الى طاعة واجبة أو مستحبة او الى اي شيء مرضي لله سبحانه، او وفق الى ترك معصية كاد أن يقع فيها فتمت له السيطرة عليها وتركها كما لو حدثته نفسه بشهوة جنسية محرمة او سرقة او كذب او غيبة او غير ذلك فتركها من اجل رضا الله سبحانه وتعالى، فإنما ذلك فضل من الله وحسن توفيق يجب أن يشكر الله تعالى عليه، وأنه لم يوكله الله إلى نفسه فيتورط في الحرام. وعلى اي حال فتتلخص الاسباب الاخروية للفرح بما يناله العبد من الكمال او يعطى درجاته وكله منوط برضا الله تعالى وحسن توفيقه. وكذلك الحزن الاخروي فان اسبابه واضحة وهي كل ما يرتبط برضا الله سبحانه ويتلخص ان الفرد يحزن لحصول النقص او المصيبة في الدين او الطاعة او وقوع الالم والشدة في بعض اولياء الله سبحانه وتعالى. وفي الرواية في وصف الشيعة: (انهم يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا).

جاء في كتاب رفع الشبهات عن الانبياء عليهم السلام للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم : قال تعالى: “وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ” (يونس 99). هل حصل الإكراه من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟. وكيف كان نوع الاكراه؟. ولماذا لم يلتزم صلى الله عليه واله وسلم : “لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ” (البقرة من الآية 256)؟ الجواب: بسمه تعالى: لم يحصل ذلك إطلاقا ً إلا ما حصل من الحروب النبوية. والاية لا تريد بيان ذلك ولا الاحتجاج عليه وإنما الذي يظهر منها: ان النبي صلى الله عليه واله وسلم لمدى حرصه على إيمان الناس، كان يود لو كانت له فرصة أكراه الناس على الإيمان. فهي تنفي ذلك وان يبعد النبي ذلك عن ذهنه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here