لماذا تهاجم دول أوروبية استضافة قطر كأس العالم؟


الكثير من الأوروبيين لم يتقبلوا فكرة حصول دولة مسلمة وعربية على استضافة هذا الحدث الكروي العالمي الذي يعتبرونه حكرا عليهم.

مع اقتراب انطلاق بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022، تتعالى أصوات مسؤولين وإعلاميين ورياضيين في بريطانيا و فرنسا و ألمانيا و الدانمارك لمهاجمة قطر، والمطالبة بمقاطعة كأس العالم، مرة بحجة الدفاع عن حقوق العمال الأجانب، ومرة أخرى بحجة حماية المثليين جنسيا، ووصل الأمر إلى قيام بعض المطارات الأوروبية بالتضييق على سفر المشجعين إلى الدوحة.

وقد بلغت حالة الهستيريا الغربية إلى حد قيام صحيفة “لوكانار إنشينيه” الفرنسية بنشر كاركتير يصور لاعبي المنتخب القطري لكرة القدم على أنهم “إرهابيون”.

الحملة الشرسة والمتواصلة ضد قطر، دفعت وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى وصف انتقاد استضافة بلاده كأس العالم لكرة القدم بـ”النفاق”، مؤكدا أن الأسباب التي تساق لمقاطعة كأس العالم لا تمتُّ للمنطق بصلة.

وقال الوزير القطري في مقابلة مع صحيفة “فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج” الألمانية، إن قطر واجهت حملة ممنهجة ضدها على مدى 12 عاما منذ اختيارها لاستضافة كأس العالم، وهي حملة لم تواجهها أي دولة أخرى حظيت بحق استضافة هذه البطولة.

وإذا أردنا البحث عن أسباب منطقية للهجوم الأوروبي على قطر، فعلينا البداية من بريطانيا، فقد مثلت صحفها وتحديدا “الغارديان” رأس الحربة في هذه الحملة، فقد تبنت هذه الصحيفة حملة لطلب سحب ملف استضافة قطر كأس العالم، بدعوى “الفساد” الذي طال تقديم ملفها قبل أن يبرئها تحقيق أشرفت عليه لنحو عامين لجنة الأخلاق في الفيفا من هذه التهم.

وبعد فشل الحملة الأولى، أطلقت الغارديان حملة جديدة وهذه المرة تحت شعار التعاطف مع العمال الذين يعملون على تشييد الملاعب التي ستقام عليها فعاليات كأس العالم لعام 2022، حتى إنها زعمت أن 6500 عامل من هؤلاء العمال لقوا حتفهم أثناء تجهيز البنية التحتية لمنشآت كأس العالم دون أن تقدم دليلا على ذلك.

أما فرنسا التي قررت عدد من بلدياتها مقاطعة بث مباريات كأس العالم في قطر وعدم عرضها على شاشات كبيرة في الميادين العامة، فقد رفعت إلى جانب التضامن مع العمال شعار الحفاظ على البيئة، معتبرة أن تبريد منشآت كأس العالم سيؤدي لانبعاثات كربونية عالية.

ولكن فرنسا، والكلام هنا للرئيس التنفيذي لبطولة كأس العالم ناصر الخاطر، تتجاهل نقطتين، الأولى أن تدفئة الملاعب الأوروبية في فصل الشتاء تنتج انبعاثات كربونية أعلى، والثانية أن قطر تستخدم الطاقة الشمسية في تبريد الملاعب، وهو ما يعني أن ملاعب المونديال صديقة للبيئة على عكس الملاعب الأوروبية.

لم تمنع الهجمة الشرسة على قطر من ظهور أصوات أوروبية عقلانية، وعلى رأسها وزير الخارجية الألماني السابق زيغمار غابرييل، الذي انتقد في تغريدة على تويتر ما أسماها الغطرسة الألمانية في التعامل مع قطر، مؤكدا أنه في الوقت الذي تشيد فيه الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية كل يوم بالإصلاحات التي حققتها قطر، ننتقدها نحن الألمان فقط كل يوم.

وفي اعتقادي، فإن أخطر ما في هذه الانتقادات الأوروبية هي اعتقاد الكثير من المسؤولين الغربيين أنهم يمتلكون قوانين ومبادئ مميزة يجب أن تطبق ولو بالإكراه في كل بلدان العالم، بغض النظر عن الاعتبارات الدينية والثقافية والاجتماعية في البلدان الأخرى.

وبعض النظر عن الأسباب، فالأكيد أن كثيرا من الأوروبيين لم يتقبلوا فكرة حصول دولة مسلمة وعربية على استضافة هذا الحدث الكروي العالمي الذي يعتبرونه حكرا عليهم.

والأكيد أن هذه الدعوات الحاقدة والاستعلائية ليس لها صدى أو تأثير حقيقي على أرض الواقع، فقد جرى بيع جميع تذاكر مباريات كأس العالم، حيث بيعت 3 ملايين تذكرة، في حين تم تسجيل نحو 40 مليون طلب لشراء التذاكر لهذه البطولة.

وختاما، فإننا نحن العرب ندعم قطر في مواجهة الحملات الغربية غير المبررة، وواثقون من قدرتها على تنظيم نسخة فريدة ومميزة من كأس العالم تليق بتراثنا وثقافتنا العربية.

عبد الرحمن أبو الغيط

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here