استمرار جهود مكافحة المخلفات الحربية: 20 مليون لغم ما زال موجوداً

ترجمة: حامد احمد

بينما يستعد الموقعون على اتفاقية حظر الألغام والمواد المتفجرة للاجتماع في الذكرى الـ 25 للاتفاقية، ما يزال الآلاف في بلدان الشرق الأوسط يتعاملون مع الصدمات اليومية التي تسببها الألغام.

وفي العراق الذي يعتبر من أكثر المناطق تلوثاً بالألغام والمخلفات الحربية على مدى أربعة عقود من حروب ونزاعات، فان هذا الإرث ما يزال يهدد أرواح العديد من المدنيين في البلد ويتسبب بوقوع اعداد كبيرة من الخسائر بين جرحى وقتلى خصوصا في المناطق الشمالية والجنوبية من البلد.

وذكر تقرير لموقع (ذي ناشنال) الاخباري ترجمته (المدى)، ان “الاتفاقية التي تحظر استخدام وتخزين وإنتاج او نقل الألغام المضادة للأشخاص قد تم التوقيع عليها ومصادقتها من قبل أكثر من 130 بلداً”. وأشار التقرير، إلى “تدمير أكثر من 55 مليون لغم مضاد للأشخاص في مستودعات مخزونة وان عمليات حثيثة تجري لإزالتها من مناطق ملوثة بها”.

وأفادت آخر إحصائية وردت في تقرير رصد حوادث الألغام الدولي لعام 2022 بأن أكثر من 200 شخص قتلوا أو جرحوا في العراق خلال العام 2021 جراء الألغام والمخلفات الحربية.

رحمة وليد، تطوعت للعمل ضمن فريق لإزالة الألغام على مدى عام لحد ما تعرض فريقها المكون من تسعة اشخاص لانفجار قنبلة في تموز بضواحي مدينتها الموصل. قالت وليد، “كنت على وشك ان اخرج من السيارة عندما سمعت صوت شيء ضرب العجلة، حاولت ان اسيطر على نفسي ولكن خدرا مفاجئا امتد في كلتا قدمي، ناديت على الجميع للتوقف والخروج ولكن حصل الانفجار الذي تسبب بجرح سبعة أعضاء ونجى اثنان بدون أي ضرر، كلنا كان مضرج بالدماء.”

وتقول وليد بان الحادث والصدمة الناجمة عنه جعلتها غير قادرة على مواصلة عمليها الجوهري بإزالة الألغام.

وتضيف قائلة، “ما يزال صوت الانفجار يدور في اذني كلما وضعت رأسي على الوسادة، في بعض الأحيان ارتعد وكلما أتذكر الحادث أشعر بتنمل وخدر في قدمي.” عقود من الحروب والمعارك تركت العراق ليكون من بين أكثر بلدان المنطقة تلوثاً بالألغام والمخلفات الحربية غير المنفلقة. واستنادا لوزارة البيئة فانه خلال الفترة ما بين 2004 و2021 جرح او قتل 34 ألف و208 مدنيين، تقريباً جراء الألغام والمخلفات الحربية.

وتقول مصادر رسمية عراقية ان المتفجرات والالغام موزعة على مساحة تقدر بحدود 6,022 كم في البلد.

وأضافت المصادر، أن 53% منها قد تمت ازالتها، وما تزال مساحة بقدر 2,761 كم ملوثة بالألغام والمخلفات الحربية غير المنفلقة، وتشير التقديرات الى ان 20 مليون لغم ما يزال موجودا في البلد.

من جانب آخر يسلط مكتب الأمم المتحدة لإزالة الألغام، (يونماس)، جهوده بالتعاون مع منظمات دولية أخرى متخصصة بهذا المجال في مساعدة الجانب العراقي بجهود إزالة الألغام وتدريب الكوادر المحلية وتثقيف الأهالي وتوعيتهم بكيفية التعامل مع الأجسام الغريبة التي يعثرون عليها في مناطقهم.

وكان تنظيم داعش الإرهابي قد عمل على زرع مناطق واسعة من الأراضي والأحياء التي كان يسيطر عليها في الموصل والانبار وصلاح الدين بالألغام والعبوات الناسفة التي تتسبب بوقوع خسائر بين المدنيين وتعيق اعمال الترميم وإعادة الاعمار وغالبا ما تكون موجودة في الطرقات او في الحقول الزراعية والابنية المتروكة وبين الأنقاض.

وضمن المساعدات الدولية المقدمة للعراق في هذا المجال أوضح بيان لمكتب (يونماس) التابع للأمم المتحدة في 19 تشرين الثاني عن تلقيه مساعدة من بلجيكا بقدر 2 مليون يورو لجهوده بإزالة الألغام في العراق وسوريا وكذلك تبرع من فرنسا بقيمة 500 ألف دولار للمساعدة بإزالة الألغام والمخلفات الحربية في محافظة البصرة التي تعاني من مخلفات حربية يرجع تاريخها لحقبة الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي.

وذكر البيان ان المساهمة الفرنسية ستدعم العمليات المستمرة لإزالة الألغام في منطقة شط العرب قرب مدينة البصرة والتي ستمكن من المضي بمشاريع البنى التحتية وتعزيز التنمية الاقتصادية الاجتماعية في المنطقة.

وقال مدير برنامج (يونماس) في العراق بيهر لودهامر، ان هذه المساهمة تؤثر بشكل إيجابي على السكان المحليين في البصرة وتعزز جانب التنمية الاقتصادية في البصرة ومنطقة شط العرب حيث ستعمل على توفير أراضي جاهزة للزراعة وتنمية الإنتاج الاقتصادي.

وذكر مكتب (يونماس) لمكافحة الألغام في العراق ببيانه انه بحلول عام 2021 تمكن من تنظيف مساحة تقدر بحدود 5 ملايين متر مربع من الألغام.

وأشار، إلى إبطال مفعول 9 آلاف قطعة من المخلفات الحربية والالغام، لافتاً إلى أن هذه الجهود ما تزال مستمرة في العراق.

ويعمل المكتب أيضا بالمساعدة في بناء قدرات محلية التي تعمل في الوقت الحالي بشكل نشط وفعال على المستوى الوطني لضمان استمرارية تحقيق نتائج مرضية في هذا المجال.

يشار إلى أن وكيل وزارة البيئة جاسم الفلاحي ذكر في وقت سابق، “كان هناك سقف زمني بموجب التزاماتنا الدولية؛ أن يكون عام 2018 اعلان العراق خاليا من الألغام”. واستدرك الفلاحي، “بسبب تحدي عصابات داعش الإرهابية ونشرها الواسع للعبوات الناسفة طلبنا التمديد وحصلنا على التمديد لغاية العام 2028 ليكون العراق خاليا من الألغام”.

وأعرب عن أمله، بأن “تكون إرادة ورؤية وطنية لحسم هذا الملف المهم الذي لا يؤثر على حياة الناس وعودتهم الآمنة الى أراضيهم فحسب وإنما يؤثر بشكل كبير على تشجيع الاستثمار ودخول الكثير من الشركات المستثمرة”.

عن موقعي (ذي ناشنال) و(ريليف ويب)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here