إستعمار ما بعد الحداثة!!

إذا إفترضنا الإستعمار نشاط إقتصادي يهدف لأخذ ثروات الآخرين , والإستثمار فيها لتأمين مصالحه وحاجاته الدنيوية المتنامية , فأن آلياته تبدلت , إذ كان مباشرا وفقا لمناهج الإغارة والغزو , التي مضت عليها البشرية لعصور خلت , حتى تغيرت رؤيتها تدريجيا منذ الحرب العالمية الأولى في القرن العشرين , وتطورت أكثر بعد الحرب العالمية الثانية.

ومناهج الإستعمار ما إنتهت , وإتخذت أساليب متعددة ومعاصرة , وما دامت الغاية واضحة , فأنها تبرر ألف وسيلة ووسيلة.

وفي العقود السبعة الماضية تنوعت الوسائل المؤدية إلى ذات الغاية , وهي إستلاب ثروات الشعوب وحرمانها من التمتع بما عندها من الخيرات , وفي بعضها تحقق إبادة معين وجودها المادي والمعنوي , لتتحول إلى تابع قابع في أحضان الأسياد المهيمنين على مصير البلاد والعباد.

والعديد من الوسائل فعلت ما فعلته في واقعنا من تدمير وتخريب وإفقار وتهجير , فعائدات النفط يجب أن ترقد في بنوك الدول الغربية , لكي تضع يدها عليها وتستعملها لبناء بلدانها وترفيه مواطنيها , وعندما يطالب بها أصحابها تبتكر عدة وسائل لمصادرتها.

بعض الدول الصاعدة رأت أنها ستكون ذات سطوة في الدول التي ستقرضها مالا , وتبين بعد أن تراكمت الديون , أن من العسير على الدولة المدينة إسترداد أموالها , بل أن الدول التي أعطتها المال أخذت تفتش عن وسائل لإعدام المديونية , وذلك بإذكاء النزاعات والحروب وتحويلها إلى غنائم.

ويذكر أن مصر باعت بالدين القطن لبريطانيا في النصف الأول من القرن العشرين , وعندما تجمعت أموال كبيرة عند بريطانيا لمصر , ونشب العدوان الثلاثي أسقطتها بريطانيا وإعتبرتها غنيمة حرب.

فهكذا تجري الأمور في دنيا الغاب الدولي , فالكل يسعى للحصول على غنيمة حرب , وبعض دول الأمة أصبحت غنيمة للذين يسلبون ثرواتها ويودعونها في البنوك الأجنبية , وهم لا يملكونها , ومرهونون بها , فيتحقق إستعبادهم وتمرير الأجندات بواسطتهم , ولا يستطيعون فعل شيئ , وعندما تكون الأموال كبيرة , يجري التخلص منهم , والإستحواذ على ما أودعوه في البنوك الغادرة.

فأية لعبة هذه , ومَن لا يرى أن الإستعمار فاعل في دولنا عليه أن يأتينا بخبر يقين!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here