أطراف في الإطار التنسيقي تدعم «التطهير السياسي» وإعادة رجالات الدولة العميقة قبل 2014

بغداد/ تميم الحسن

عقب هدنة قصيرة عادت الخلافات داخل الإطار التنسيقي بسبب محاولات تفرد جهة واحدة بالقرارات.

وتحاول تلك الجهة اعادة عقارب الساعة الى ما قبل عام 2014 من خلال السيطرة على الوظائف المهمة، لكن المشكلة في الحصص.

ويبدو أن الجهة المتنفذة داخل التكتل الشيعي وراء ما اعتبر «تطهيراً سياسياً» يجري تنفيذه منذ ايام في عدد من مفاصل الدولة.

ورغم ذلك يتلقى محمد السوداني رئيس الحكومة «اللوم» على عدم التحرك تجاه جهات سياسية معينة لم يجر «اجتثاثها» بعد.

وتثير قضايا مثل المناصب الامنية، قيمة الدينار، تغيير المحافظين، الخلافات داخل الإطار التنسيقي واتهامات متبادلة بالترويج الانتخابي المبكر.

وأمس استكملت الحكومة الكابينة الوزارية بعد أكثر من شهر على تشكيلها، وصوت البرلمان على منح الثقة لوزيري الاعمار والبيئة الشاغرتين.

واعاد البرلمان التصويت على وزير الاعمار السابق بنكين ريكاني للوزارة نفسها، ونزار اميدي لوزارة البيئة التي انفصلت مؤخرا عن وزارة الصحة.

وكانت عملية توزيع الوزارات على القوى السياسية قد انذرت بدخول الإطار التنسيقي الشيعي في ازمة بسبب الخلاف على المناصب.

واليوم تتكرر هذه الخلافات، حيث تكشف مصادر مطلعة لـ(المدى) عن «تعرض السوداني الى ضغوطات من قبل دولة القانون لإحداث مزيد من التغيير في المناصب».

وتتضمن هيكلية الدولة أكثر من 10 آلاف منصب يعرف بـ «الدرجات الخاصة» اغلبها تدار بالوكالة منذ أكثر من 10 سنوات.

وكان السوداني قد طرح رأيه في طريقة استبدال المناصب، وهو يؤيد فكرة التريث ودراسة كل موقع قبل التغيير، بحسب ما تقوله المصادر.

وتضيف تلك المصادر المقربة من «الإطار» والتي طلبت عدم الاشارة الى هويتها: «تحاول الاطراف التي تضغط على رئيس الحكومة اجراء ما هو أشبه بالتطهير السياسي في تلك المناصب».

وتدور تسريبات عن تغيير 900 منصب دفعة واحدة جرى الاعداد له خلال الايام الماضية، اغلبها في المفاصل الامنية.

وتتحدث المصادر عن «دفعات جديدة من التغييرات ستظهر خلال ساعات في وزراتي الدفاع والداخلية».

ويبدو بحسب خريطة التغييرات أن هناك استهدافا لفريق مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة، حيث تم ابعاد المستشارين الذين عملوا معه قبل التوجه لباقي الموظفين الكبار.

ولاحقت هيثم الجبوري الذي عمل متأخرا مع الكاظمي تهمة التورط فيما عرفت بـ»سرقة القرن»، وتم عزل احمد ابو رغيف الذي عينه الكاظمي في لجنة خاصة لمكافحة الفساد.

كما طالت الملاحقات رائد جوحي والذي اسند له رئيس الوزراء السابق في فترة تصريف الاعمال (آخر سنة من عمر الحكومة) منصب رئيس جهاز المخابرات.

وبطبيعة الحال ان الفراغ الذي أحدثته سلسلة الابعاد للموظفين الكبار يجري حولها تنافس شديد خصوصا في المناصب الامنية.

المصادر تشير الى ان «نوري المالكي رئيس الوزراء يرفض بشدة تولي عصائب اهل الحق منصب المخابرات او الامن القومي».

وكان السوداني قد حاول ان ينهي احلام الفصائل في المخابرات حين عين نفسه مشرفا على الجهاز الشهر الماضي.

لكن هذا، وفق ما تقوله المصادر، «لم ينه التنافس على الجهاز او على الامن الوطني»، مبينا ان «المالكي في هذه النقطة يدعم توجهات السوداني».

وقبل أكثر من اسبوع اكد رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي انه: «يجب اعطاء حكومة محمد شياع السوداني مهلة ستة اشهر على الاقل للقيام بعملها ثم تقييمها».

وقال المالكي في تصريح متلفز هو الاول بعد تشكيل الحكومة ان: «الامريكان لديهم قلق من سيطرة الميليشيات على الحكومة وارسلت رسائل لهم انه لا يمكن ان يكون ذلك، ولدى الامريكان قناعة والرضا على الحكومة»، لافتا الى: «ان اتفاق الإطار الستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة يحكم العلاقة معها».

وشدد رئيس ائتلاف دولة القانون على انه: «لا يجوز اعطاء الوزارات الامنية او المخابرات او جهاز الامن الوطني لأي حزب لديه فصيل مسلح، لان اية مخالفة ستضر بالعملية السياسية».

لكن يبدو أن هذه التصريحات قد اثارت حينها غضب قيس الخزعلي زعيم العصائب، والذي فضل توجيه اللوم الى السوداني عوضا عن المالكي.

وقال الخزعلي في لقاء تلفزيوني ان: «رئيس الوزراء ملزم بالرجوع إلى الإطار التنسيقي»، لافتا إلى أن الأخير يعتبر بدرجة مدير عام في تمشية أمور الحكومة، أما الأمور الأمنية والاقتصادية والسياسية الستراتيجية فلا بد من رجوعه فيها إلى الإطار، بحسب الاتفاق.

وأوضح الخزعلي أن «نظامنا برلماني، ورئيس الجمهورية فيه غير منتخب من الشعب، حتى يتحمل المسؤولية أمام شعبه، إذن فعلى رئيس الوزراء عدم الانفراد بقرار الدولة، بل الرجوع إلى الإطار التنسيقي ويكون هو جزءا من القرار في اتخاذ القرار، والمقصود بالقرارات، الستراتيجية السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية».

بالمقابل فان اتفاق المالكي مع رئيس الحكومة محدود جدا، حيث يتعرض السوداني، بحسب ما يقوله سياسي مقرب من مكتب رئيس الحكومة في حديث لـ(المدى) إلى: «اللوم على عدم ابعاد اتباع التيار الصدري».

ويضيف السياسي الذي طلب عدم نشر اسمه ان «دولة القانون تستعجل استبدال موظفي التيار، إذ يرغب الائتلاف باستبدال هيكلية الدولة او ما تعرف بالدولة العميقة واعادتها الى ماقبل فترة حيدر العبادي (رئيس الحكومة بين 2014-2018)».

وتزعم أطراف شيعية ان حزب الدعوة الذي يرأسه المالكي قد تراجعت حصته في الدرجات الخاصة خلال السنوات الثلاث الاخيرة الى 30% مقابل 60% للتيار.

وكان المالكي في اللقاء التلفزيوني الاخير قد انتقد رئيس الحكومة بسبب ما اعتبره «تراجعا عن اقالة محافظي البصرة والنجف».

وسبق ان أعاد رئيس الحكومة تكليف المحافظين الاخيرين المنتميين الى التيار الصدري بعد يوم من ابعادهما، وفسر هذا الاجراء حينها بانه مغازلة لزعيم التيار مقتدى الصدر.

لكن بالمقابل فان دولة القانون تتوقع ان تحصل على ما بين 4 الى 6 محافظين في حال استبدال الإدارات المحلية، وبقاء بعض المحافظين في مناصبهم يعيق تلك الطموحات.

وفي نفس المقابلة الاخيرة كشف رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي، عن نية السوداني تغيير كل المحافظين خلال الشهرين او الثلاثة القادمة.

وبحسب معلومات حصلت عليها (المدى) آنذاك ان اعلان المالكي الأخير جاء «بعد ضغط من رئيس دولة القانون على رئيس الحكومة في ملف المحافظين».

في تلك الاثناء تكشف المصادر الشيعية القريبة من «الإطار» ان بعض الاطراف في التحالف تعتقد ان «السوداني يضع في حسابه الترويج الانتخابي المبكر في بعض القرارات».

وترى تلك الجهات ان رئيس الحكومة: «يقدم تعيينات بعيدة عن رأي الإطار التنسيقي من اجل الدعاية، ووقوفه الاخير بين اكداس الاموال في قضية سرقة القرن لم تكن بريئة».

لكن هذه التهمة تلاحق ايضا دولة القانون، حيث تتهم من أطراف اخرى داخل «الإطار» بانها تسعى للترويج الانتخابي خصوصا في قضية تغيير سعر صرف الدولار.

وتسرب دولة القانون انباء عن وجود «لجنة من القانونيين داخل الحكومة لدراسة تغيير سعر الصرف»، كما كان المالكي قد اقترح قبل نحو شهر ان «يصبح سعر الصرف 1375 ديناراً بدلاً من 1450 ديناراً؛ حتى ندفع الضرر عن المواطن وعن الاقتصاد الوطني».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here