إنها کتلك الايام فعلا

محمد حسين المياحي

تمکن النظام الايراني من قمع العديد من الانتفاضات والحرکات المعادية ضده، جعلته يعتقد بأنه البعبع الذي لايمکن قهره وإن سيبقى بمثابة القدر الذي لايمکن تغييره لإيران والشعب الايراني، ومن المفيد هنا أن نلفت النظر الى إن تمکن النظام من قمع العديد من الانتفاضات قد أوصلت للأسف بلدان المنطقة والعالم الى ثمة قناعة بإستحالة إسقاط هذا النظام وهذه القناعة کانت سببا في دفع النظام يتغول أکثر ليس على الشعب الايراني بل وحتى على شعوب المنطقة والعالم، وهذا ماجعل النظام يوحي بأن بقاءه ليست مجرد فرضية بل إنه أمر واقع وعلى الجميع تقبله، لکن يبدو إن ماقد أوحى به النظام للمنطقة والعالم من قوة خارقة ومناعة غير عادية يمتلکها أمام الانتفاضات والتحرکات الشعبية قد تبددت وتلاشت أمام إنتفاضة 16 أکتوبر2022، وأصبح أفراد الحرس والبسيج والقوات الامنية بمثابة جرذان مذعورة أمام الغضب الشعبي العارم الذي لايتوقف إلا بإسقاط النظام.
کل ماقد أوحى ويوحي بها النظام على مر 4 عقود من نظريات وفرضيات بشأن قوته ومناعته قد أصبح قاعا صفصفا أما إرادة الشعب الايراني، ولاسيما بعد أن تمکن الشعب الايراني من خلال هذه الانتفاضة إن الانتفاضات السابقة التي إندلعت بوجه النظام لم تکن مجرد أرقام عبثية بل إنها کانت بمثابة خطوات بإتجاه إرسال هذا النظام الى ذات المزبلة التي تم إرسال سلفه نظام الشاه إليها، وإن الملاحظة المهمة التي لابد هنا من أخذها بنظر الاهمية والاعتبار، هي إن الدور الذي لعبته المقاومة الايرانية في تنظيم وتوجيه عملية الصراع والمواجهة الشعبية ضد النظام على مر ال43 عاما المنصرمة، کان لها على الدوام الحضور والتأثير في معظم الانتفاضات والتحرکات الشعبية دونما إستثناء وإن حضورها الاستثنائي والنوعي في الانتفاضة الحالية تأکيد عملي بأن عملية الصراع والمواجهة بين الشعب والمقاومة الايرانية من جهة وبين النظام القائم في طهران، قد دخلت المرحلة الاخيرة الحاسمة وإنها کتلك الايام التي کانت تمهد لسقوط نظام الشاه!
ومن دون أدنى شك فإن تقييم وتقدير الموقف الحالي بعد أکثر من 78 يوما من الانتفاضة الحالية العارمة يعطي أکثر من إنطباع بما ندرجه أدناه:
ـ أصبح الشعب الايراني الان وأکثر من أي وقت آخر واثقا من قدرته بإسقاط هذا النظام.
ـ تم خلق الوحدة والتقارب بين الناس، وتم فضح الدعاية الحكومية التي تبث الفرقة بين الناس، كما يهتفون “الأكراد والبلوش إخوة، متعطشون لدماء المرشد (خامنئي)”ومثل دعاية الانفصال العرقي. لا يوجد هناك أي خلاف وتفرقة بين الإيرانيين في الداخل والخارج. كل شعب إيران من مختلف الأعمار والطبقات والأديان والمذاهب والأعراق الترك والفارس والبلوش والعرب والكرد وغيرها، وصلوا جميعا إلى فكرة الوحدة تحت اسم إيران والإيرانيين وشعار الموت لخامنئي.
ـ الشباب لا يخافون وصوتهم مسموع أعلى من صوت القمع وهم مستعدون لدفع ثمن حريتهم وبلدهم وحتى اليوم قدموا أكثر من 660 شهيدا و 30 ألف اعتقال.
ـ لم يعد خداع النظام ودجله يخدع أحدا، ومن الأمثلة على ذلك جريمة شاهجراغ التي قال الجميع إنها من عمل النظام نفسه.
ـ إحياء القيم الوطنية والإنسانية بين الناس وهم يفتخرون بشهدائهم.
ـ لقد أجبرت انتفاضة الشعب الإيراني العالم على الإعجاب بهم ودعمهم ليكونوا في الجانب الصحيح من التاريخ.
ـ مع تزايد عدد الشهداء والسجناء، بلغت كراهية الناس للنظام ذروتها.
ـ توصل الناس إلى استنتاج مفاده أن هذا النظام لا يفهم إلا لغة القوة والحزم، ولهذا السبب وضعوا سحق قوى القمع على أجندتهم في هذه الانتفاضة العارمة.
ـ ساعة بساعة، جدار الاختناق يضرب، ومراكز الانتفاضة ووحدات المقاومة تتوسع وتتحول إلى وحدات أكبر.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here