الأنبار.. البحث عن خارطة طريق لإعادة التوازن الى المعادلة المختلة

حامد شهاب

منذ فترة ليست بالقصيرة ، وأنا أتابع بإهتمام بالغ ، جدل الصراعات التي تدور رحاها بين القوى السياسية الفاعلة في محافظة الأنبار ، وخارطة الصراع التي تحتدم بين أطرافها المتناحرة ، وهي تتوزع في الأغلب بين تيارين متباينين ، يبدوان أحيانا ، متناقضين كليا في التوجهات والأهداف ، يسعى كل واحد منهم الى أن تكون له الغلبة في تقرير مستقبل الأنبار والتحكم بمقدراتها !!
وتؤكد نخب الأنبار وكفاءاتها وقيادات قواها السياسية ، ونوابها، أنها تقدر عاليا التحركات الهادفة لإستعادة هيبة الأنبار ومكانتها ، وهم يتابعون ما سيؤول اليه التحرك الجدي لزعامات ورموز أهل الأنبار لإستعادة دورهم ومكانتهم ، وما سيسفر عنه من نتائج إيجابية على مستقبل هذه المحافظة ، التي تعد مركز إستقطاب أقليمي ودولي، يرتقي الى الأهمية الجيبولتيكية القصوى التي تمتاز بها تلك المحافظة ، وكل واحد من تلك القوى المحلية والخارجية تريد أن تترك بصماتها ، ليكون لها مكان ووجود مستقبلي يؤمن مصالحها !!
وندرج في أدناه أبرز ملاحظاتنا ومؤشرات ما رصدناه ، من حوارات في القنوات الفضائية ، وما تحدث به سياسيون وكفاءات من الأنبار ونخبه عبر مؤتمرات وندوات وإجتماعات ووسائل تواصل إجتماعي ، وما يجري في الأنبار من أحاديث عن صراعات وتحركات مختلفة ، بين قواها السياسية ، وما ستؤول اليه من نتائج ، وكالآتي :
1. يؤكد متابعون للشأن العراقي وشخصيات سياسية وعشائرية ونواب وباحثون من مراكز دراسات ، على مستوى عال من المهنية والحرفية ، أنهم يرون أن هناك مسارات أحوال محافظة الأنبار وقد توزعت بين توجهين إثنين، أحدهما يريد الإستحواذ الكلي والشمولي على مقدرات ومؤسسات محافظة الأنبار وأقضيتها ونواحيها ، ليكون هو (الحاكم الأوحد) ، وهم يوجهون أصابع الإتهام بالتحديد الى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وحزبه تقدم في الأنبار، ويتهمونه بـ (الإستفراد بسلطة القرار)، مقابل جهات سياسية أخرى أطقلت على نفسها ( تحالف الأنبار )، وهي قوى معارضة وليدة ، وجدت أن من مصلحة الأنبار إيجاد مرتكزات قوة تعيد لتلك المحافظة مشاركة كل قواها السياسية والعشائرية ومن يمثلون نخبها وكفاءاتها، يؤكدون أنهم يرفضون الوصاية من أية جهة كانت على مقدراتهم، يمكن أن يرسموا خارطة طريق جديدة ، في مواجهة ما يسمونه (دكتاتورية) و(سلطة أحادية) لم تترك لهم كما يقولون، دائرة أو مؤسسة أو حتى جامعات ووظائف عليا أو وظائف دولة عادية ولو في حدنها الأدنى ، وأراض ومنافذ ، الا وسيطرت عليها ، وبقي الآخرون يتفرجون، وليس لهم نصيب في إدارة سلطة القرار في تلك المحافظة، التي عانت ،كما يؤكدون، من إستفراد بالسلطة والقرار، وتلك الجهات التي توجه اليها هذه الإتهامات، لم تترك للآخرين فرصة أن يجدوا لهم مكانا، وكأنهم غرباء عن تلك المحافظة، وهو ما يستدعي، من وجهة نظرهم، إقامة تكتل سياسي معارض يضع حدا لتلك الهيمنة ، لكي لاتصل الأمور الى حد إنفلات أوضاع المحافظة ، والوقوف بوجه محاولات قوى خارجية ، تريد الإستفادة من دعم أطراف بعينها، في محافظة الأنبار، أو محسوبين عليها، لتكون لها الغلبة، وهي من تفرض إرادتها على أبناء الأنبار ورموزهم، شاءوا ام أبوا !!
2. إن واحدة من المرارات التي لايود لرموز الأنبار ربما الإفصاح عنها علنا ، لكنهم راحوا يتداولونها في مجالسهم الخاصة، أن مركز المحافظة وشخصياتها المرموقة ورموزها المؤثرة ينبغي أن يكون لهم حصة الأسد في رسم معالم مستقبل المحافظة ، وليس من المنطقي من وجهة نظرهم ، ان يأتي آخرون من أقصى أطرافها ، وممن ليس لهم تاريخ معروف ، وجاءوا في غفلة من الزمان، كما يؤكد أغلبهم، ليكونوا هم الأسياد، ومركز المحافظة بكل ثقل رموزها الكبيرة، يبقون على الحافة أو على قارعة الطريق، وكأنهم هم الغرباء، ومن إستقووا بالغير على أبناء جلدتهم وهم من المغمورين ، وإذا بهم بين ليلة وضحاها يفرضون هيمنتهم على مقدراتها، ويريد أن يصلوا الى مرحلة إصطناع (زعامة موهومة) ليكون من يتحكم بسلطة القرار الاتحادية هو المهيمن ، ومن له الحق في أن يتجاوز كل تلك الرموز، وهو يعترف بأنهم لن يكونوا أكبر منه من حيث الدرجة والمقام الإعتباري، وهم الرموز الشامخة عبر سني التاريخ ، التي شهد لهم القاصي والداني أنهم أعلام الأنبار ورموزها وشخصياتها المهابة ، هي من لها الحق أن تقرر مستقبل المحافظة ، وليس الهامشيين ومن جاءوا من أقاصيها ، ليفرضوا هيمنتهم على سلطة القرار وكل معالم الدولة ومؤسساتها، ويمارسون أقصاء وتهميشا لم تشهده المحافظة منذ عقود طويلة، ولهذا تحركت كل تلك القوى لتعيد الإعتبار لمنازلها الرفيعة، بعد إن وجدت أن معالم طغيان رهيبة ، كما يصفونها، تجاوزت كل إعتبارات المكانة ومراتب الشرف ، وإذا بها لاتعترف برمز أو شيخ عشيرة أو قامة أو مثابة ، دكت ركائزها الغائرة في تربة الانبار وفي أعماقها، وهم أشبه بنخيل الأنبار الشامخ ، وليس بمقدور ريح عابرة أن تهز قلاعهم وتهوي كراماتهم الى حيث لايتمنى أهل الأنبار أن تكون مكانتهم ، وقد عانت من حالات تحلل وفوضى وضياع إعتبارت الكثيرين، في وقت يريد الطرف الآخر أن تضيع دماؤهم بين القبائل!!
3. يتحدث الكثيرون من أهل الأنبار ، وبشكل شبه يومي ، وعبر فضائيات ووسائل أعلام وتواصل إجتماعي عن تفشي الفساد في مؤسسات الدولة في الأنبار الى مديات مروعة، وهم يتحدثون في الإعلام عن حالات تزوير كثيرة بمعاملات تقاعد وضريبة ، وعن تصاعد الرشى في كل دوائر محافظة الانبار ، وأصبحت تلك السلوكيات الخطيرة تنخر في جسد المحافظة، وإن الجهة السياسية التي تهيمن على تلك الدوائر والمؤسسات ، كما يؤكدون، هي من تشجع مظاهر الفساد او تغض النظر عن مرتكبيها ، ولا تحاسب المتورطين بها ، بل وتحميهم ، ولم يعد بمقدور أهل الانبار تحمل تبعات تلك الظاهرة التي إستفحلت بدرجات خطيرة ، تهدد مستقبل المحافظة وسمعتها في الصميم!!
4. ربما يشعر البعض أن التوجهات السلبية لدى ساسة أهل الأنبار وبعض رموزها تجاه الحلبوسي وحزب تقدم ، مبالغ فيها كثيرا، وهي ليست بتلك الدرجة من الخطورة ، لكن هناك ظاهرة تباعد وتنافر في التوجهات ، دون وجود من يلتفت لها ممن يتحكم بسلطة المحافظة ، ولا يعير إهتماما بما يكفي لمعاناتهم وكثرة ماتحدثوا عنه من محن وتحديات تواجههم ، وهم يأملون أن يلتئم شمل الجميع بما يؤدي الى الحفاظ على وحدة الكلمة ، لكي لاتأخذ تلك الصراعات والمناوشات الكثير من جرف الانبار، وتجد فيها قوى من خارج المحافظة فرصة لتمزيق أوصالها ، وان الإعتراف بالخطأ فضيلة إن وجد من يدرك مخاطر إستفراده بالقرار دون مسوغ ، ومن المعروف أن أهل الانبار ينفرون ، منذ أزمان طويلة ، من أية محاولات من أشخاص في السلطة ، ليتحكموا بهم على هواهم، ومواقفهم بهذا الصدد معروفة منذ أقدم الأزمنة ، إذ هم قوم أشداء ولن يرتضوا لكائن من يكون أن يسلبهم إرادتهم أو يحاول فرض الهيمنة عليهم، بأية طريقة كانت!!
5. ومع كل الإشكالات التي تحدث بها الكثير من أهل الانبار ، ممن لهم تأثير في الرأي العام ، فأن الحلبوسي ، كما يؤكد الكثيرون، تبقى له السيطرة شبه الكاملة لسنوات مقبلة ، فأهل الأنبار يريدون شخصية قوية تواجه التحديات التي تعاني منها محافظتهم ، وبخاصة تحدي داعش والجماعات المسلحة ، وهم يرون أن الوقفوف مع جهة دون أخرى ربما يفقد الأنبار قوة وقوفها بوجه تحديات داخلية وأقليمية ، وهو مايزال يشكل الرقم الصعب، بغض النظر عن كل مايقال ، كونه يمتلك مايسميه بعض نواب المكون السني بقدرات فرض السيطرة والدكتاتورية التي تحفظ لأهل الانبار بعض هيبتهم ، التي فقدوها في سنوات إحتلال داعش لمحافظاتهم، كما أن محافظة الأنبار تواجه تغيير ديموغرافيا خطيرا ، وإن لم تتم مواجهته بقوة وبتضامن شعبي وحزبي من كل الجهات فإن مستقبل المحافظة يكون على المحك، وربما يتعرض للإهتزاز مرة أخرى، ولديهم من تجارب التهجير والنزوح والتشرد والقتل والإعتقالات والتغييب، مايشكل هاجسا مخيفا، مايزال أهل الانبار يتذكرون مآسيه ، وهم لايريدون تكرار تلك الأيام القاسية والمريرة التي عاشوها في حقبة إحتلال داعش لمحافظاتهم!!
6. ترى البعض من شخصيات الأنبار أنه بدل الحديث ، وبهذا الزخم الكبير عن قوة الحلبوسي (الغاشمة) ، وقدرته على الهيمنة والتسلط ، كما يدعون، فمن الأولى للشخصيات والرموز المؤثرة أن تظهر مقدرتها على المواجهة والمنافسة الشريفة له من خلال الإنتخابات، ومن خلال منجزات تتقدم بها، أمام جمهورها ، ليكون لأهل الانبار المبرر لإختيارهم لهم كرموز مؤثرة وفاعلة ، كما أن هناك من يعتقد أن البعض ربما لديه عقدة عدم إمساكه بزمام السلطة في المحافظة ، أو خسر كرسيه في مقاعد المحافظة ، لأنه لم يحسب أو يحسم دوره ومكانته بين أهل الأنبار، وهناك من يتهم نواب المكون السني ونواب الأنبار ، ربما على وجه التحديد ، بأنهم لم يروا منهم ما يشكل دعما قويا لمكانة محافظتهم، وفضل الكثيرون منهم الإختباء لسنوات داخل البرلمان والحصول على المغانم والمكتسبات بأية طريقة، ولم يقدموا لجمهورهم ما يلفت إنتباهه لهم، أو هم لايجدون مكاسب يمكن أن يذكروا بها هؤلاء النواب طوال مسيرتهم في البرلمان، وبقي البعض ممن إنضم مع جماعات معارضة يبحث عن الظهور الإعلامي بأية طريقة ، ويسعى آخرون للحط من قدر البعض الآخر ، ممن يرى أنه ينافسه على المكانة او المقعد الإنتخابي او الحكومي، وبإسلوب يفوق الوصف والتصور في الحط من قدر الآخرين، وهو ما لايخدم أهداف وتوجهات ومصالح المكون السني ، الذي يريد أن يرى قيادة قوية تمسك بزمام الأمور وتقدم لهم خدمات ، ويلمس أهل الانبار على وجه الخصوص معالم تقدم ونهوض وخدمات، قدمت خلال تولي الحلبوسي مقاليد السلطة والقرار،لايمكن إنكارها في كل الأحوال!!
7. من خلال أحاديث الكثير من أهل الأنبار وتصريحات معارضيها ، تظهر أنه ليس ليس لديهم ملاحظة سلبية على عمل المحافظ الحالي كشخص ، وهم يشيدون بدوره عبر سنوات مضت ، لكنهم يؤكدون أن الرجل يبدو لهم وكأنه مسلوب الإرادة ، ومكبل، ويتحكم (الحزب الحاكم) كما يصفونه ، بمقدراته ، وليس بمقدور المحافظ أن يستوعب معاناة أهل الأنبار، أو يحل مشاكلهم ومعاناتهم مع دوائر الدولة ضمن المحافظة ، وكثرة سفراته خارج المحافظة ، ولا يتواجد فيها ربما لساعات في الإسبوع، وما تقدمه له الكثير من الشخصيات والرموز من معلومات وشكاوى عن تدهور أحوال المحافظة ، لايجد آذانا صاغية في أغلب الأحيان، كما يقولون!!
8 . ينبغي أن يدرك طرفا الصراع في الأنبار أن تلك المحافظة تشكل مركز التنافس الدولي ، كونها تشكل محور التقاء طرق المواصلات وطريق الحرير المستقبلي ، الرابط بين الصين ودول المنطقة ، بإتجاه سوريا والخليج وتركيا والعالم الغربي، وقد وهب الله محافظة الأنبار بثروات وكنوز من الخيرات ، ما تزال غير مكتشفة حتى الآن ، تتمثل في وجود كميات كبيرة من الغاز وحتى النفط فيها بكميات كبيرة، ويمكن أن تكون تلك المحافظة مستقبلا بديل الغرب والعالم الصناعي وزاده الذي يوفر له سلته الغذائية ، كونها تمتلك مياها وصحار واراض صالحة للزراعة بآلاف الكيومترات والدونمات من الاراضي الصالحة للزراعة ، ويمكن أن تدخل ميدان الصناعة والتجرة الدولية ، لتنهض الأنبار وتكون إحدى القلاع المهمة في رسم معالم العراق الجديد ، وهي محل إهتمام كل دول العالم بغربه وشرقه، والكل يحاول أن يجد له موطيء قدم في الأنبار، لتكون له القدرة على أن يجد له مكانا بين معالم تقدمها المستقبلي ، بالرغم من أن أطماع بعض دول الجوار وهي إيران هي الأكثر ظلامية تجاه أهل الانبار، وهي تخطط للإستحواذ على مقدرات محافظتهم ، وبخاصة في أطرافها الغربية ومراكز النفوذ في داخلها، وتعمل على إستمالة شخصيات ورموز من أهل الانبار ليكونوا أحد أدواتها للهيمنة والتغيير الديموغرافي المرتقب ، وهي تحاول (إختراق) جهات في المعارضة ليكونوا أدوات مرتقبة ، يؤدون أدوارا تخدم أجندة إيران وتوجهاتها وأطماعها المستقبلية ، وهو ما يعد واحدا من أكثر المخاوف التي ينظر اليها أهل الأنبار على أنها (الخط الاحمر) الذي لاينبغي السماح له أن يبلغ مدياته الخطيرة، إن بقي الكثير من أهل الانبار غافلين عما يجري التخطيط له من تآمر شرس يستهدف ترويضهم وازاحتهم عن سلطة القرار ، من خلال أعوان قبلوا ان يكونوا أدوات لتنفيذ المخطط الإيراني، وبعضهم للأسف الشديد في أعلى سلطة القرار، أو ممن محسوبون على قوى معارضة ، ولهذا يعبر أهالي الأنبار في كل مؤتمر أو تجمع أو مناسبة عن مخاوفهم مما يحاك لتلك المحافظة من نوايا ومخططات لاتريد الخير لأهل الانبار، وتريد تشتيت قواهم وشملهم، لتكون الصراعات ، من وجهة نظرهم، هي الكفيلة بتمزيق وحدة أهلها وكلمتها العليا، لكي لاتقوم للأنبار قائمة بعد اليوم ، لكل نباهة أهل الأنبار وقدرتهم على إكتشاف تلك المؤامرات والخطط الجهنمية قبل بلوغ أهدافها ، لقادرة على كبح جماح نزعات وتوجهات شريرة تستهدف وجودهم ودورهم العربي العراقي الأصيل، وهم الذين سطروا في التاريخ العراقي والعربي ما يرفع رأس كل شرف في العراق والمنطقة الى السماء!!
9. إن أشد مايخشاه أهل الانبار ، ضمن مخاوفهم التي يعبرون عنها ، أن هناك ولاءات من بعض ممن أسموا انفسهم بالزعامات أو هكذا يمنون أنفسهم ، من أطراف أقليمية أو دولية ، وهم يسايرون رغبات تلك الدول ، وهي متغيرات لصالح شخصيات إرتضت لنفسها ان تبدل جلدها بحسب المصلحة الشخصية وتغير نتائج الانتخابات ، فعندما تكون المصلحة أن يتم التعامل مع المشروع الايراني لأغراض تحقيق مكاسب شخصية يكون هؤلاء أمناء في الدفاع عن ولاءاتهم ، واذا ما شعروا أن المصلحة تقتضي تغيير الولاءات لأطراف أخرى، فسرعان ما يتم نزع الجلود والأقنعة ولبس وجوه جديدة، طالما يحقق له الولاء فرصة التحكم في سلطة القرار، ولن يهمهم ضياع مستقبل الرموز الكبيرة في الأنبار ، التي حاول البعض سرقة أضواءها، ليكونوا هم في الواجهة ، بالرغم من أن أهل الانبار يرفضون محاولات من هذا النوع، وهم واعون لما يجري من تبديل الأدوار في الولاءات بين يوم وآخر، وهي ظاهرة أدت الى أن ينبري رموز من أهل الانبار لكي يعيدوا التوازن الى معادلة محافظتهم، قبل أن تتدهور أحوالها، وهم عازمون على إظهار وحدة توجهاتهم ، لكي ينتقلوا بمحافظتهم الى ما يتمنون لها من عزة ورفعة وكرامة، لتعود للأنبار هيبتها ، كما كانت، وتعود مثاباتها ترفرف أعلامها وتزهو بهم بين مدن الدنيا ، على أنهم الفرسان الشجعان والأبطال الميامين الذين يعترف بهم وبأدوارهم الجبابرة والطغاة ، من دول كبرى ، جربت أهل الأنبار، بأنهم الرجال الأشداء الذين أذاقوا العدا مر الهوان!!
10. إن الحديث عن مخاطر إتشار المخدرات في الانبار ، من دول الجوار، وإن كانت لها أهمية قصوى لمحاربة مظاهرها ، لكن الأنبار إتخذتها بعض الجهات الأقليمية لتكون ممرا لمخدراتها، وتستغل ربما بعض ضعاف النفوس ومن فقراء الحال، لتجندهم ضمن توجهاتها التي تشارك بها جماعات وقوى مسلحة تهيمن على مقدرات الأنبار ، وبخاصة على حدودها الغربية ، وهي من تشجع مظاهر التجارة بهذا الوباء ، لكي لايبقى الإتهام موجها اليها في محافظات الجنوب فقط، على أنها الحاضنات الأولى لتجارة المخدرات، فشباب الانبار هم أبناء عشائر أصلاء ، ولهم إرتباط صميمي مع قيم دينهم وأعرافهم العشائرية، تمنع الإنجرار في محاولات من هذا النوع، وإن ما يتم الحديث عن أن الأنبار تأتي في مقدمة من يتم تهريب المخدرات عبرها، أمر غير صحيح بالمرة، ولادخل لأهل الانبار في تلك التجارة المخربة للمجتمعات، والتي تتورط فيها جهات ومخابرات أقليمية ، وهي من ترعى شبكات التهريب، بعد إن وجدت أن مراكز جنوب العراق قد جوبهت ، ومن ثم محاصرة أنشطتها الأجرامية، وهم الآن يبحثوا عن منافذ آخرى، مثل الأنبار، بهدف تسقيط دورها ومكانتها، وتخريب توجهات وتفكير شبابها ورجالاتها ، وما دروا أن أهل الأنبار وشبابهم سيقفون بقوة بوجه كل محاولات لكي تجد تلك الظاهرة لها مكانا بين أوساط مجتمعهم!!
11 . يعتقد الكثير من أهل الأنبار ومن نخبها وكفاءاتها أن مايجري الحديث عنه عن تضييق على الحريات وتدهور حرية التعبير في الانبار أمر خطير ، وبخاصة للنخب والكفاءات وحتى للمواطنين بشكل عام، وهناك أحاديث عن تعرض الكثيرين الى إعتقالات وأحكام ، على خلاف ما أقره الدستور وحقوق الانسان والحريات الشخصية، لمجرد منشور في الفيس بوك أو حضور تجمع سياسي، ومن المعروف أن أهل الانبار ، طوال حياتهم، صريحون مع الجميع، وربما لايسكتون عن الخطأ والسلوكيات المرفوضة ، وهم يعدون اي تضييق على الحريات تعديا عليهم ، وينبغي أن يتم وضع حد لمظاهر التضييق على الحريات من أي نوع ، إلا تلك التي تسير بإتجاه الفوضى والفلتان، فهذا ما لايقبل به أهل الأنبار ويقفون بوجهه وبقوة ، لكنهم يريدون ضمان التعبير عما يبدون من وجهات نظر يرونها تخدم محافظاتهم وتطور مجتمع محافظتهم ، بما يرتقي الى مصاف العالم المتمدن والمتحضر في كل بقاعه، ومع هذا يبدو الحديث عن تضييق الحريات في الأنبار مبالغ به كثيرا هو الآخر، وليس بتلك الطريقة السوداوية والظلامية التي تظهر في الإعلام من شخصيات محسوبة على المعارضة في الأنبار، وما يسمونه بتكميم الأفواه بشكل يدعو للقلق في تلك المحافظة!!

وما نريد التوصل اليه في خاتمة هذا الإستعراض الحيوي والمهم ، هو أن تعود الأنبار الى حالة توازنها ، وتسعى لإستعادة دورها ومكانتها على مر التاريخ، وهو ما تتفق عليه الآن أغلب زعامات الانبار ورموزها ونخبها وكفاءاتها ، برغم كل إختلافاتهم وتوجهاتهم ، وهم الآن يضعون معالم (خارطة طريق) لتدعيم نهضتها وشموخها وكبريائها، وكيف لا وهم أصحاب العقول النيرة ومن خبروا حكم الدول وبناء مؤسسات الدولة العراقية طيلة حقبها المضيئة ، وما إن تم تجاوز رموزهم ودورهم ومكانهم حتى ضاع العراق وضاع مستقبله، وهم يسعون الى إعادة وإستعادة دورهم، والتاريخ صفحاته المشرقة يقف معهم وكل أخيار العراق والعرب، يتطلعون الى أن يكون أهل الأنبار هم الأمل المرتجى ليعود للعراق وجهه الطبيعي الأصيل ، وتعود الكرامة والسيادة الى أرضه وسمائه والكرامة لشعبه، وليبقى العراق أبيا رافع هاماته الى حيث ترفرف أعلام العز ورايات الكرامة والسيادة، وأهل الأنبار هم من تعلق عليه حرائر العراق وكل شرفائه الآمال بعودة فجرهم العراقي الأصيل ، ليعود العراق كما كان البلد المهاب القوي الأمين.. بعون الله وهمة رجاله الأشاوس الميامين.. وإن الله على نصرهم لقدير!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here