كيف تاب ابونؤاس واهتدى في آخر عمره ؟

كيف تاب ابونؤاس واهتدى في آخر عمره ؟ *
د. رضا العطار

وعندما دب الشيب في ابي نؤاس ووقف بنفسه على الاعتاب الاخيرة للحياة، صحى من غفلته وبدأ يخاف من عاقبته و من يوم الحساب. فأهتدى بنور البصيرة واصبح متصوفا يقضي نهاره كله وليله معظمه متعبدا زاهدا ورعا، فسرعان ما ظهر في جبينه اثار السجود واصبح ملتحيا، يحمل المصحف في يد والمسبحة في الاخرى، يتضرع الى ربه ليغفر له ذنوبه و معاصيه التي اثقلت ظهره. فهجر المحرمات والموبقات، وفي مقدمتها الخمرة، معبودته واكسير حياته. حتى انه لم يعد يقرض شعر الفسق والفجور، وترك شعر الخمر والغزل، بعدما كان سلطانه عبر الدهور، بشهادة النقاد العرب، وبدا يكتب في الزهديات والتصوف والابتهال. من قبيل:

اخي ما بال قلبك ليس ينقى * * * كأنك لا تظن الموت حقا

الا يابن الذين فنوا وبادوا * * * اما والله ما ذهبوا لتبقى

ما للنفس عندك من مقام * * * اذا ما استكملت اجلا مسمى

وما احد بزادك منك احظى * * * ولا احد بذنبك منك اشقى

ومالك غير تقوى الله زاد * * * اذا جعلت الى الشهوات ترقى

ويضيف :

ليس غير الله يبقى * * * من علا فالله اعلى

كل مدخر سيفنى * * * كل مذكور سينسى

كل ناع فسينعى * * * كل باك فسيبكى

ان شيئا قد كفيناه * * * له نسعى ونشقى

ان للشر وللخير * * * لسيما ليس تخفى

كل مستخف بسر * * * فمن الله بمرأى

لاترى شيئا على الله * * * من الاشياء يخفى

وعندما توفي ابو نؤاس وجاء القوم، وحملوا نعشه، وجدوا تحت فراش موته القصيدة التالية، وقد كتبها في ايامه الاخيرة :

يارب ان عظمت ذنوبي كثرة * * * فلقد علمت بان عفوك اعظم

ان كان لا يرجوك الا محسن * * * فبمن يلوذ ويستجير المجرم

ادعوك ربي كما اثرت تضرعا * * * فاذا رددت يدي فمن ذا يرحم

مالي اليك وسيلة الا الرجاء * * * وجميل عفوك، ثم اني مسلم

· مقتبس من ديوان ابو نؤاس لعمر الطباع

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here