حجز الأموال المنقولة و غير المنقولة دائما و أبدا في كل الأحوال *؟!!
بقلم مهدي قاسم
لفتت نظري أثناء صدور أحكام قضائية في المحاكم العراقية مسألة تضمين تلك الأحكام حكما جانبيا أو فرعيا والذي يقتضي ب” حجز الأموال المنقولة و غير منقولة ” دائما وفي كل الأحوال ، بغض النظر عن طبيعة الجنحة أو الجريمة المرتكبة ، بينما ومن خلال عملي في جهاز القضاء الهنغاري لمدة ثلاثين عاما ، لم ألتق مع هكذا أحكام إلا في حالة سرقات كبيرة أو اختلاسات ضخمة لأموال الدولة ، أو المال الخاص ، و ذلك بهدف أن تكون ضمانة لعملية تعويض محتملة عن الضرر المالي المتسبب من خلال تلك السرقة أو الاختلاس ، و كذلك في حالة ثبوت التورط في عملية ارتكاب جريمة المتاجرة بالمخدرات والأموال الكبيرة الناتجة عن تلك المتاجرة غير المشروعة ..
و هذا يعني بكل وضوح أنه من المفترض أن الحكم الفرعي الصادر في حجز الأموال المنقولة و غير المنقولة ، لا يُصدر ولا يُثبت دائما وفي كل الأحوال في سياق صدور الأحكام و عمليات الإدانة القضائية إلا في حالات معينة ومحدودة جدا ، إما في حالات جُنح وجرائم أخرى ــ لنقل مثل ارتكاب جنحة تلفيق و إفتراء أو قدح و تحقير و توجيه إساءة مخلة بالكرامة ، فهي لا تستوجب حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لمتهم ما، لعدم وجود صلة مباشرة أو مبررة بين حكم رئيسي وبين حكم فرعي الذي يتضمنه قرار الحكم ..
أما إذا كان المقصود من حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة ، هو ضمان نفقات المحكمة ، لنقل ــ مثلا ــ أتعاب المحامي المنتدب من قبل الدولة للدفاع عن المتهم الذي لا يملك مالا كافيا لتوكيل محامي على نفقاته الشخصية ــ وكذلك أتعاب خبراء ــ في العدل الطبي و النفساني ــ ومتخصصين تقنيين ، أو خبراء وثائق رسمية والخ ، فهو الأمر هو الآخر لا يستوجب حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة أنما ــ بعد تحديدها و إقرارها من قبل المحكمة كنفقات مترتبة من جراء أو موجبات جلسات المحاكمة الضرورية التي لابد منها لتكون إجراءات المحاكمة قانونية تماما ــ فتُفرض المحكمة على المتهم إما دفع النفقات في وقت محدد أو دخول الحبس كمدة إضافية تحددها المحكمة بكذا يوم مقابل كذا مبلغ ــ حسب حجم المبلغ في حالة عدم تسديد نفقات جلسات المحاكمة من قبل المُدان..
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط