يوم بكـيت عـلى العـراق !
يوم بكـيت عـلى العـراق !


بقلم: خالـد الـقـشـطـيني - 23-10-2016
لا أدري ما الذي أعـطى العـراقـيـين هذه الروح المتطـرفة ! هل التربة الغـرينية ؟ هل النفط الذي تسبح فـيه ؟ هل مياه دجلة والفرات ؟ هل الـتـفاوت الشديد في الحـرارة بـين الصيف والشتاء .. الليل والنهار؟ فـلهـذا التطرف جـذور قـديمة ..!

سمعـنا أنه عـندما بنى عـبد الملك بن مروان المسجـد الأموي ، جاء بعـمال سُخـرة للعـمل فـيه . أمَرهم بأن ينـقـل كل واحد منهم قـطعة حجـر للبناء . لاحـظ أن واحدا منهم يقوم بنـقـل حجـرَين إثـنين . تعجّـب من أمره فإستوقـفه وسأله : من أي بلد أنت ؟ قال أنا من العـراق .. قال : يا سبحان الله ! أنـتم يا أهل العـراق تـتطرفـون حـتى في عـمل السخـرة !

شكّل اليهـود الجـناح اليساري المتطرف في أيام العـهـد الملكي ، أصبح الكـثير منهم شيوعـيـين وماركسيـين ، تولى إثـنان منهم قـيادة الحـزب الشيوعي ، ودفعا الثمن بحـياتهما ... يهـودا و ساسون دلال ..... آل دلال من العـوائل الغـنية .

لاحـظ شرطيّ أنّ ساسون وهـو في طريقه إلى المشنـقة كان يلبس حـذاءا إسفـنجـيا غاليا .. قال له :

( تـدّعي بالشيوعـية ولابس قـندرة إسفـنج ) ؟ !

أجابه : ليش ؟ هي الشيوعـية بالقـندرة أو بالرأس ؟

أعـدموه ، ورحـلت أسرته مع بقـية اليهـود إلى إسرائيل ..!

أصبح الأمر بـيدهم هـناك ، فإذا بهم ينـقـلبون من التطرف اليساري إلى التطرف اليميني ... إنهم يشكـلون الآن عـمدة حـزب الليكـود ، حـتى ذلك الماركسي القـديم ، ساسون صوميخ ، وقـف يدافع عـن مجـزرة غـزة ويـبررها ...!



كـذا هو الأمر مع شيعة العـراق ، كانوا في أيام الخـير يشكـلون مع اليهـود والكـرد ، لحمة العـمل اليساري ، منهم تحَـدّر جعـفـر الشبـيـبي ومحمد صالح بحـر العـلوم وجعـفـر أبو التمن ومحمد مهدي والجواهـري ، الذي كان يقسم بالثورة الحمراء والثوار (الثورة البلشفـية) ... وتولى حسين الشبـيـبي سكرتارية الحـزب الشيوعي وشنـقـوه ...!

آل الأمر إلى أيديهم اليوم ، وإذا بكل ذلك التطرف اليساري ينقـلب إلى تطرف يميني ... أصبحَـت الفـتاوى الدينية مصدر السلطات ، يستـشيرها أولـو الأمر في الصغـيرة والكـبـيرة ...!

ترى عـلى شاشات التلفـزيون كل أولئك اللبراليـين والماركسيـين والوجـوديـين والملحـدين يرفـعـون أذرعهم عاليا ويلطمون عـلى صدورهم بحـرقة وحماس ... حـتى سمعـتُ أن أحـد قادة الحـزب الشيوعي ذهب إلى حج بـيت الله الحـرام ... أين ذهـبَـتْ كلمات كارل ماركس عـن أفـيون الشعـوب ؟

هنا في لندن ، ذهـبْـتُ لحـضور حـفـلة للترحـيـب بفـريق كـرة القـدم الفائز بـبطولة آسيا ... ذهـبنا لنـفـرح بهم ، وما أقل ما يفرحـنا في العـراق اليوم أي شيء ... وقـف اللاعـبون عـلى المنصة وأخذ الميكـروفـون أحـد الشعـراء وإنطلق ينـشد بُكائية عـن شهـداء آل البـيت .

دعاني أحـد الأصدقاء لوليمة عشاء في بـيته بأحد أحـياء لندن .. عـرفـته في القـديم يساريا متطرفا غارقا في الديالكـتيكـية والبروليتارية والداروينية ... تـناولنا العـشاء وأكـلنا التمن والتبسي وشربنا اللبن الشنينة .. وإذا بأحـد الحاضرين ، أساتـذة وأطباء وأكاديميـين ، يقـف بـينـنا ويـبدأ بصوت رخـيم يرتل التعازي والمَقاتل ... لم تمضِ غـير دقائق قـليلة حـتى وجـدتُ سائر الحاضرين يطأطـئون رؤوسهم ويدفـنون وجوههم في أيديهم ويـبدأون في البكاء ... ولم تمر دقـيقة أخـرى حـتى تـدفـقـت الدموع من عـيني أنا أيضا ، ورحـتُ أشاركهم في البكاء ..!

بكـيت وبكـيت ... بكـيت عـلى العـراق ..!!



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google