كلمة تأبين وطنية
كلمة تأبين وطنية


بقلم: رفعت الزبيدي - 25-10-2016
عُرف المغفور له د.أحمد الجلبي من خلال مشروع المؤتمر الوطني العراقي الموحد عام 1992 ومنه أعطيت لكلمتي التأبينية بالعنوان الوطني. كثير من الأخوة القرٌاء يجهلون بعض الحقائق عن الراحل وهنا مع الظروف القاهرة التي يمر بها الوطن والذي يكاد أغلب المخلصين والمثقفين يُجمعون على أن مشكلة العراق يتمثل في غياب الشخصية الوطنية التي تجمع أبناء الوطن الوحد ومن مختلف مكوناته . في مقدمة الكلمة لابد من توضيح نقطة مهمة الى الرأي العام تتعلق بمواصفات الشخصية الوطنية وماهو المحك الأساسي لها؟ الشخصية الوطنية هو من يتحدث الى الراي العام بخطاب جامع ويطرح مشروعه الوطني الجامع والمحك هو الاقتراب من هموم وتطلعات الشعب والأستعداد على التضحية بكل مايملك حين تستدعي الظروف الى ذلك. هذا مختصر بسيط جدا بالاضافة الى العقل القيادي الذي يستطيع من خلاله تحقيق مشروعه على أرض الواقع. في هذه المقدمة لابد لي من المصارحة أكثر بعيدا عن المزايدات والمجاملات الشخصية لمن عملوا مع الدكتور أحمد الجلبي رحمه الله. ومن خلال عملي لبضعة أعوام كنت مراقبا للحدث المهم عام 1992 عام تأسيس المؤتمر الوطني العراقي الموحد وبعده انبثاق مؤسساته الاعلامية ، المقروءة ( صحيفة المؤتمر ) المسموعة ( اذاعة صوت العراق ) المرئية ( قناة هيئة الارسال العراقية ) أستطيع القول أنه من النادر جدا أن يكون للجلبي رجال اوفياء او رجال استوعبوا المشروع الوطني الذي أراد تحقيقه خلال مرحلتي المعارضة ومابعد العام 2003. وهذا يعود لأسباب عديدة منها الانتهازية ، ضعف الشخصية ، عدم الخبرة ، الارتباط بأجندة حزبية او اقليمية باعتبار أن المؤتمر الوطني لم يكن حزبا سياسيا انما شراكة وطنية بين مختلف الاحزاب والقوى السياسية والاجتماعية . القلة القليلة من المخلصين الى مشروع الدكتور الجلبي او شخصه انفضوا عنه مكرهين او مختارين وهذا أيضا له أسبابه الخاصة والعامة . موضوع النقد هنا يتحول الى ادانة مباشرة الى القوى السياسية المنضوية تحت خيمة المؤتمر الوطني الذين تأثروا بالعامل الاقليمي المعارض لمبدأ الفدرالية بعد مرحلة نظام صدام حسين باعتبار أن في الدول المجاورة ( ايران، تركيا ، سوريا ) توجد اقليات وقوميات منها الكردية والعلوية في تركيا والعربية ايضا في ايران فان قبلت ايران مثلا بالمشروع الوطني للمعارضة العراقية عام 1992 هذا يعني عليها ان تُقر بالفدرالية للكرد والعرب في ايران وهكذا بالنسبة لتركيا وسوريا. لذلك مُنع الراحل الجلبي من الدخول الى اقليم كردستان العراق عن طريق الاراضي التركية والسورية . القوى السياسية ( الاسلامية الشيعية خصوصا ) مارست أبشع اساليب النفاق للألتفاف على مشروعية الدكتور الجلبي باعتباره القيادة البديلة لصدام حسين . بما فيهم عبد العزيز الحكيم والسيد مقتدى الصدر. أما حزب الدعوة فهذا لوحده يمثل نموذجا للنفاق والتآمر بكل اشكاله من أجل السلطة التي أساء استخدامها نوري المالكي في ادارته الفاشلة للحكومة . الان قد يسأل سائل ماهو الدليل على ان الدكتور الجلبي يمثل الشخصية الوطنية الناجحة ؟ أجيب بالعودة الى الأعوام التي تلت تأسيس المؤتمر الوطني وكان الجلبي يترأس اللجنة التنفيذية التي هي أشبه بحكومة مصغرة تضم أحزابا مهمة في المعارضة آنذاك . في تلك الفترة تأسست وفود للمعارضة وقامت بالتحرك على الدول الأقليمية والدائمة العضوية والتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بشؤون الاغاثة الانسانية وحقوق الانسان للضغط عليهم باتجاه تبني قرارات تُجرم نظام صدام حسين واركان نظامه آنذاك وقد حققت تلك الوفود نتائج ناحة في زياراتها حتى الى دول الخليج واذكر أنه خلال العام 1993 طرح المؤتمر الوطني العراقي الموحد مشروع قرار حظر الطيران جنوب العراق لتقديم الاغاثة الى أبناء الاهوار من ثم تهيئة الاجواء لجعل الجنوب برمته منطقة آمنة على غرار اقليم كردستان العراق ولكن السعودية رفضت المشروع بقوة . في موازاة ذلك تبنت الامم المتحدة تجريم نظام صدام حسين مستندين في ذلك على جرائم حلبجة والانفال وقمع انتفاضة العام 1991 وهذا في رأيي الشخصي يُفترض أن يكون له استذكار سنوي حين نتحدث عن رحيل الدكتور احمد الجلبي رحمه الله بالاضافة الى تأسيس مكاتب داخل المؤتمر الوطني هي مكتب الاغاثة ، مكتب حقوق الانسان ، مكتب العلاقات الوطنية ، مكتب العلاقات العربية والدولية وتبنى استقبال الجنود الهاربين وضمهم الى جيش التحرير الوطني التابع للمؤتمر وفتح مكتب للعشائر واستقبال العوائل النازحة من مناطق النظام وكذلك العوائل التي تعود من ايران للالتحاق بالمؤتمر الوطني. أما نقدي الثاني فهو لمن عملوا مع الفقيد الراحل، فهناك صفحات مشرقة ومضيئة من أنشطة الفقيد للأسف لم يتحدثوا عنها وكل ما أقراه هو أحاديث انشائية لاقيمة لها امام منجزات الفقيد العزيز. هنا اجيب على السؤال الذي طرحته وهو المحك الذي يبين فيه صدق الانسان في عمله ، وهذه المعلومة قليل من الرأي العام يذكرها لكنني أعيدها لهم بامانة . ففي العام 1994 عام الاقتتال الأخوي بين الحزبين الرئيسيين الديمقراطي الكردساتني والاتحاد الوطني كانت للدكتور أحمد الجلبي مواقف مضيئة في وقف الاقتتال والاشراف على وقف اطلاق النار وتبادل الاسرى والممتلكات. بل جازف كثيرا في حياته وأذكر جيدا أن المصور التلفزيوني الاخ محسن دزئي الذي كان يرافقه اثناء زياراته عاد في احدى المرات الى التلفزيون لبث وقائع زيارات الجلبي الى مناطق القتال فقال لي الاخ محسن نصا ( كاك سرمد الدكتور موطبيعي بالليل وجازف يريد يتأكد ماكو قتال وصلنا الى السيطرة وفتحوا النار علينه همزين مامتنه مايعرفون هذا الجلبي ) بل حتى أن احدى المرات وفي الليل كُلفتُ انا ايضا الى احدى المناطق الساخنة لايصال رسالة لأحدى القيادات العسكرية الكردية وعدت الى مصيف صلاح الدين في وقت متاخر وبقي هو في المناطق الساخنة. ما أحوجنا وبعد أن تهيج بنا الذكريات الى أن نكتب بضمير حي عن هذه الشخصية القيادية. في الشتاء القارص في مصيف صلاح الدين كان يتجول ويلتقي بالقيادات والشخصيات والوفود بل حتى في مجال الاعلام كان محترما لهذه المهنة العظيمة ففي أحدى تغطياتي لكلمته الموجهة التي كُلفت بالحضورأثناء تسجيلها طلب حضور المرحوم صباح سلمان وكان حينها مستشارا اعلاميا له ، سأله كيف أبدو امام الكاميرا أي أنه يستأنس برأيي أصحاب الخبرة الاعلامية ، وكان يهتم كذلك كيف نوصل بثنا الاذاعي والتلفزيوني الى أبعد نقطة ممكنة تحت سيطرة نظام صدام حسين آنذاك. ان تأبيني الوطني للدكتور احمد عبد الهادي الجلبي يأتي من وجهة نظر عملية تحليلية مبسطة لبعض الوقائع ولكن التأبين هذا وان كان غير مكتمل أجده توبيخا ونقدا لكل الكيانات السياسية الفاشلة التي حرمت العراق من شخصية قيادية لو قُدٌر له ان يقود العراق عام 2003 لتجنب أهل العراق الخسائر بدمائهم واموالهم وأرضهم بل اعراضهم التي أنتهكت وهذا هو العار الذي سيطارد كل من حكم العراق بعد العام 2003 . رحمك الله أبا هاشم ومعذرة أني لم اكمل كلمتي التأبينية ربما في المستقبل اقول الكثير في معرض الحديث عن الشخصية الوطنية والمشروع الوطني وأنت أهل لهما.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google