الشعر الاسلامي وتأثيراته الروحية في الانسان ! *
الشعر الاسلامي وتأثيراته الروحية في الانسان ! *


بقلم: د. رضا العطار - 26-10-2016


تنتقل النبوئية نفسها لكي تناشد الانسان ان يكون (خليفة الله على الارض) - - وفي هذا الصدد كتب محمد اقبال من باكستان في بدايات القرن العشرين يقول :

لقد خلقت الليل يارب - - وانا صنعت المصباح
ولقد خلقت الطين - - وانا صنعت الكأس
ولقد خلقت الغابة والجبل والصحراء
وانا صنعت الممشى والحديقة والبستان

كما كتب محمد اقبال في معرض تعليقه على (الديوان الشرقي – الغربي) لمؤلفه الشاعر الالماني (غوتة) قائلا :
( يبرهن هذا الديوان عن ان الغرب الذي – قرف – من روحانيته الهزيلة الباردة، بدأ الان يبحث عن روحانية حارة حية في حضن الشرق) - - - وما رسالة غوتة، كما يراها (اقبال) إى دعوة ملحة دائمة لأيقاظ الشعوب النائمة. ولقد لعب الشاعر دائما دور الموقظ المنبه، بدأ من جلال الدين الرومي الذي يرى الحياة عملية ارتقاء من (الحيوانية) الى (الانسانية) الى الله.
كما يرى الفيلسوف الالماني (نيتشة) الانسان مسهما في عملية الخلق ومدعوا الى ان يتجاوز وضعه الانساني.
ان يقظة الشرق تضرب بجذورها في عمق التاريخ - - وستكون يقظة البشرية قاطبة.

وحينما يتأمل (اقبال) جامع قرطبة يلخص الرؤية الاسلامية للزمن ويشير الى التزاوج والاقتران بين ما هو زائل وما هو أزلي دائم، يقول الشاعر مخاطبا (قرطبة) :

اين ايامك ولياليك يا قرطبة ؟
انما ايامك ولياليك تدفق الزمن
دون ليل نهار
لقرطبة لون الازلي الابدي
انها صنيع الانسان المؤمن
يا جامع قرطبة
ان الحب منبع وجودك
ولن يقدًر للمسلم ان يزول
فدعوته تحمل في قلبها اسرار موسى وابراهيم
ان ارض المسلم لا حد لها - - وآفاقه بلا ضفاف
وما دجلة والدانوب والنيل
الا موجة من بحره الزاخر

كان (اقبال) يحلم بان يوجه قوى الحياة من الضفة الاولى الى الضفة الثانية، وها هوذا يستلهم (الرومي) فيقول : لقد اتجه الشرق بانظاره الى الله ولكنه لم ير العالم. ونفذ الغرب الى عالم المادة، ولكنه ابتعد عن الله. وما الايمان الا ان نفتح العيون على الله، وما الحياة إلا ان ننظر الى انفسنا بدون حجاب.
ان الشعر الاسلامي المعاصر يبحث عن قصيدة (الفداء) - - قصيدة توفق بين الله والتاريخ وتوحد بين الآني والازلي، وتجمع الواقع بالحلم، وتزاوج ما بين التراث والحداثة.
لقد ادرك هذا الشاعر انه اذا كان في التراث حل لمشكلات قد يتجاهلها البعض فإن القضية الواجب طرحها هي قضية المنظور الذي يأخذ بالايمان والنبوءة.
واذا سمحنا لانفسنا باستباق احداث التاريخ والسياسة وتجاوزها بنظرة مستقبلية فان هذا الشعر يقول لنا : الشرق والغرب ما هما الا عضوان في جسد واحد، فما عليهما الا ان يوطنا نفسيهما على العيش معا في مستقبل واحد. واعتقد الاسلام ذلك، واعتبره هو البداية والمنبع. لكن اوربا انكرت الاسلام الذي اوجدها.
وها هوذا الشاعر العربي يستفيد اليوم من تراثه الاسلامي، وما على الغرب الا ان يدرك انه يحتاج الى الف عام من (الاسلام) الذي جحده ليصل تراثه المسيحي بحاضره فيردم تلك الهوة السحيقة التي يجلس الغرب على حافتها نادبا همومه وضيقه وازماته.
ولقد طرح الشعر العربي – الاسلامي المعاصر قضايا ومشكلات تاريخية وسياسية قبل ان يطرحها التاريخ والسياسة.
* مقتبس من كتاب (ما يعد به الاسلام) للفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي.






Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google