عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (١٥)
عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (١٥)


بقلم: نــزار حيدر - 26-10-2016
عْاشُورْاءُ
السَّنَةُ الثّالِثَةُ
(١٥)
نـــــــــزار حيدر
نستطرد الحديث هنا عن السّبب الاول الذي حدا بالإمام أَميرِ المؤمنين (ع) للإصرار على إِقالة طاغية الشّام الطّليق ابْنُ الطّليق مُعاوية، الا وهو كونهُ طليقاً لا يحقُّ له ان يعتلي مثل هذا الموقع في الدّولة، حسب ما نصّ عليه الدّستور [الحديث النّبوي الشّريف].
ففي كتابٍ للامام (ع) الى الطّليق مُعاوية عندما طلب مِنْهُ ان يُقرُّهُ على الشّام بذريعةِ حقن دماء المسلمين! كتب له الامام يقول؛
وَأَمَّا طَلَبُكَ إِلَيَّ الشَّامَ، فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لاُِعْطِيَكَ الْيَوْمَ مَا مَنَعْتُكَ أَمْسِ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَكَلَتِ الْعَرَبَ إِلاَّ حُشَاشَاتِ أَنْفُس بَقِيَتْ، فَمَنْ أَكَلَهُ الْحَقُّ فَإِلَى الْجَنَّةِ ومَنْ أَكَلَهُ الْبَاطِلُ فَإِلَى النّارِ.
وَأَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِي الْحَرْبِ والرِّجَالِ، فَلَسْتَ بِأَمْضَى عَلَى الشَّكِّ مِنِّي عَلَى الْيَقِينِ، وَلَيْسَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَحْرَصَ عَلَى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى الاْخِرَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَاف، فَكَذلِكَ نَحْنُ، وَلكِنْ لَيْسَ أُمَيَّةُ كَهَاشِمَ، وَلاَ حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَلاَ أَبُوسُفْيَانَ كَأَبِي طَالِب، وَلاَ المُهَاجرُ كَالطَّلِيقِ، وَلاَ الصَّرِيحُ كَاللَّصِيقِ، وَلاَ الْـمُحِقُّ كَالْمُبطِلِ، وَلاَ
الْمُؤْمِنُ كَالمُدْغِلِ، وَلَبِئْسَ الْخَلَفُ خَلَفٌ يَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ.
وَفِي أَيْدِينَا بعْدُ فَضْلُ النُّبُوَّةِ الَّتِي أَذْلَلْنَا بِهَا الْعَزِيزَ، وَنَعَشْنَا بِهَا الذَّلِيلَ.
وفي كتاب آخر يقول له الامام (ع)؛
أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ [فِيهِ] اصْطِفَاءَ اللهِ تعالى مُحَمَّداً(ص) لِدِينِهِ، وَتَأْيِيدَهُ إِيَّاهُ بِمَنْ أَيَّدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْكَ عَجَباً، إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلاَءِ اللهِ عِنْدَنَا، وَنِعْمَتِهِ عَلَيْنَا فِي نَبِيِّنَا، فَكُنْتَ فِي ذلكِ كَنَاقِلِ الَّتمْرِ إِلَى هَجَرَ، أَوْ دَاعِي مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَالِ.
وَزَعَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ فِي الاِْسْلاَمِ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَذَكَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَكَ كُلُّهُ، وَإِنْ نَقَصَ لَمْ يَلْحَقْكَ ثَلْمُهُ، وَمَا أَنْتَ وَالْفَاضِلَ وَالْمَفْضُولَ، وَالسَّائِسَ وَالْمَسُوسَ! وَمَا لِلطُّلَقَاءِ وَأَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ، وَالـتَّمْييزَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ الاَْوَّلِينَ، وَتَرْتِيبَ دَرَجَاتِهِمْ، وَتَعْرِيفَ طَبَقَاتِهِمْ! هَيْهَاتَ لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَيْسَ مِنْهَا، وَطَفِقَ يَحْكُمُ فِيهَا مَنْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ لَهَا أَلاَ تَرْبَعُ أَيُّهَا الاِْنْسَانُ عَلَى ظَلْعِكَ، وَتَعْرِفُ قُصُورَ درْعِكَ، وَتَتَأَخَّرُ حَيْثُ أَخَّرَكَ الْقَدَرُ! فَمَا عَلَيْكَ غَلَبَةُ الْمَغْلُوبِ، وَلاَ لَكَ ظَفَرُ الظَّافِرِ!.
وَإِنَّكَ لَذَهّابٌ فِي التِّيهِ، رَوَّاغٌ عَنِ الْقَصْدِ.
أَلاَ تَرَى ـ غَيْرَ مُخْبِر لَكَ، لكِنْ بِنِعْمَةِ اللهِ أُحَدِّثُ ـ أَنَّ قَوْماً اسْتُشْهِدُوا في سَبِيلِ اللهِ مِنَ الْمُهاجِرينَ،لِكُلٍّ فَضْلٌ، حَتَّى إِذَا اسْتُشْهِدَ شَهِيدُنَا قِيلَ: سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ، وَخَصَّهُ رَسُولُ اللهِ(ص) بِسَبْعِينَ تَكْبِيرَةً عِنْدَ صَلاَتِهِ عَلَيْهِ!.
أَوَلاَ تَرَى أَنَّ قَوْماً قُطِّعَتْ أَيْديِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ـ وَلِكُلّ فَضْلٌ ـ حَتَّى إذَا فُعِلَ بِوَاحِدِنَا كمَا فُعِلَ بِوَاحِدِهِمْ، قِيلَ: الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ وَذُوالْجَنَاحَيْنِ!.
وَلَوْ لاَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ مِنْ تَزْكِيَةِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ، لَذَكَرَ ذَاكِرٌ فَضَائِلَ جَمَّةً، تَعْرِفُهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعِينَ.
فَدَعْ عَنْكَ مَنْ مَالَتْ بِه الرَّمِيَّةُ، فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا، وَالنَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا.
لَمْ يَمْنَعْنَا قَدِيمُ عِزِّنَا وَلاَ عَادِيُّ طَوْلِنَا عَلَى قَوْمِكَ أَنْ خَلَطْنَاكُمْ بَأَنفُسِنَا، فَنَكَحْنَا وَأَنْكَحْنا، فِعْلَ الاَْكْفَاءِ، وَلَسْتُمْ هُنَاكَ! وَأَنَّى يَكُونُ ذلِكَ كَذَلِكَ وَمِنَّا النَّبِيُّ وَمِنْكُمُ الْمُكَذِّبُ، وَمِنَّا أَسَدُ اللهِ وَمِنْكُمْ أَسَدُ الاَْحْلاَفِ، وَمِنَّا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمِنْكُمْ صِبْيَةُ النَّارِ، وَمِنَّا خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينِ وَمِنْكُمْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ، فِي كَثِير مِمَّا لَنَا وَعَلَيْكُمْ!.
أَمّا السّبب الثّاني؛ فإِنَّ الطّليق مُعاوية لم يُبايع علياً للخلافةِ، مُتذرَّعاً بحججٍ شتّى! فكيف يُمكن ان يكونَ واليهُ على مصرٍ من أَمصارِ المسلمين؟! فعدم مبايعتهِ لهُ يعني أَنّهُ لم يعترف بهِ حاكماً أَعلى للدّولة فكيف يُعقل ان يكونَ والياً لحاكمٍ لم يعترف بولايتهِ الدُّستوريّة والقانونيّة ناهيكَ عن الشّرعيّة؟!.
في كلِّ دُول العالَم لا يُستوزَر أَبداً من يرفض الدُّستور مثلاً او لا يعترف بشرعيّة الحاكِم! لانَّ فاقِد الشّرعية لا يمنحْها لأَحدٍ، أليس كذلك؟! فكيف أراد الطّليق مُعاوية أَن يُقرُّهُ الامام (ع) على ولايةِ الشّام وهو بالأساس لم يعترِف بشرعيّةِ سُلطَتهِ؟!.
أراد إِمضاءً على سُلطةٍ شرعيّةٍ [وِلايةِ الشّامِ] من حاكمٍ لم يُقِرُّ لهُ بشرعيّةِ ولايتهِ!.
لقد دعا الامام (ع) هذا الطّليق الى بيعتهِ في أَوّل كتابٍ بعثهُ لهُ بعد بيعةِ المسلمينَ لهُ بالخلافةِ قائلاً لهُ؛
مِنْ عَبْدِ اللهِ عَلِيّ أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ:
أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ عَلِمْتَ إِعْذَارِي فِيكُمْ، وَإِعْرَاضِي عَنْكُمْ، حَتَّى كَانَ مَا لاَ بُدَّ مِنْهُ وَلاَ دَفْعَ لَهُ، وَالْحَدِيثُ طَوِيلٌ، وَالْكَلاَمُ كَثِرٌ، وَقَدْ أَدْبَرَ مَا أَدْبَرَ، وَأَقْبَلَ مَا أَقْبَلَ، فَبَايِعْ مَنْ قِبَلَكَ، وَأَقْبِلْ إِلَيَّ فِي وَفْد مِنْ أَصْحَابِكَ، وَالسَّلاَمُ.
ولقد ردَّ الامامُ (ع) على الطّليق مُعاوية بتشكيكهِ في بيعةِ النّاس لهُ بالخلافةِ في رسالةٍ بعثها اليهِ يَقُولُ لهُ فيها؛
إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْر وَعُمَرَ وَعُثْمانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ، وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالاَْنْصَارِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُل وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لله رِضىً، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْبِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَاخَرَجَ منه، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى.
وفي كتابٍ آخر لهُ كتبَ عليهِ السّلام؛
لاَِنَّهَا بَيْعَهٌ وَاحِدَةٌ لاَ يُثَنَّى فِيهَا النَّظَرُ، وَلاَ يُسْتَأْنَفُ فِيهَا الْخِيَارُ، الْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ، وَالْمُرَوِّي فِيهَا مُدَاهِنٌ.
ولهذَين السَّببَين وغيرهما كان قرار الامامِ (ع) حاسماً، فكتبَ إلى جرير بن عبدالله البجلي لمّا أرسلهُ إلى مُعاوية؛
أَمَّا بَعْدُ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي فَاحْمِلْ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْفَصْلِ، وَخُذْهُ بَالاَْمْرِ الْجَزْمِ، ثُمَّ خَيِّرْهُ بَيْنَ حَرْبٍ مُجْلِيَةٍ، أَوْ سِلْمٍ مُخْزِيَةٍ، فَإِنِ اخْتَارَ الْحَرْبَ فَانْبِذْ إِلَيْهِ، وَإِنِ اخْتَارَ السِّلْمَ فَخُذْ بَيْعَتَهُ، وَالسَّلاَمُ.
٢٥ تشرين الاول ٢٠١٦
لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google