معركتنا القادمة
معركتنا القادمة


بقلم: علي شايع - 13-11-2016
بينما ننعم بأخبار انتصارات أبطالنا في قتالهم بمواجهة فلول الإرهاب، ترد أخبار داخلية أخرى مختلفة تعكّر الصفو أحياناً، لأنها تتعلق بملف الفساد وتداعياته، فقبل أيام صرح عضو في لجنة النزاهة النيابية بـ «أن أغلب مكاتب المفتشين العموميين في مؤسسات الدولة زادوا الطين بلة، لأنهم رفعوا نسب الفساد بالمؤسسات التي أوكلت لهم مراقبة عملها.»
هذا الخبر المحزن والفجائعي، أسوأ منه اقتراح السيد النائب بضرورة استقدام مستشارين قانونيين أجانب لأجل مراقبة عمل المؤسسات الحكومية وملاحقة الفاسدين فيها، والتحقيق بمئات الملفات المشبوهة المؤجلة. إن حجم الفساد والإفساد في الدولة غير مسيطر عليه، هذا ما أكدته لجنة النزاهة البرلمانية غير مرة، ولعلّ من المهم الإشارة إلى إنها وقبل بدء كل سنة مالية كانت تشير بدقّة إلى إن ما تم صرفه بموازنات مالية حكومية للمؤسسات والوزارات زاد من حجم نسبة الفساد، حيث يجري تحويله لمشاريع وهمية تخص جهات متنفذة.
الكثير من التصريحات المتعلقة بالفساد تتطلب انتباهاً حكومياً يوازي خطر هذه الظاهرة، فمن يعاين التصريحات المتعلقة بمئات المشاريع الوهمية سيستغرب من عدم فتح تحقيقات عاجلة للنظر بتلك القضايا، وبالأخص ما يتعلق بحسابات الميزانية السنوية، إذ يضمن الدستور وقانون الدولة وضع الوزارات نهاية كلّ عام لكشوف تفصيلية بحسابات ميزانيتها المصروفة والمتبقي منها، وبموازاة تقارير مفصلة عن المشاريع الموكلة لها، وبشفافية ووضوح وإعلان، لإطلاع رقابة
الدولة وبرلمانها.
وبالتأكيد إن جميع الملفات المالية لا تسقط بالتقادم، وعلى الوزارات التعهد بوضع أرشيف إلكتروني للوثائق، يتم جمعه من المؤسسات والدوائر، يحفظ في كل وزارة، وربما يكون من مسؤولية رئاسة الوزراء الاحتفاظ بنسخة منه وفرض الرقابة والمتابعة لمحتوياته وتحديثها باستمرار. أيضا على الحكومة الشروع بمنح الدعم التام لعمل الصحافة الاستقصائية لأهمية دورها الفاعل في كشف الفساد، وللأسف مثل هذا الدور يواجه الإهمال والتجاهل، أو التغافل، ولعلّ تسمية «الصحافة الاستقصائية» مجهولة للكثيرين، في حين كان هذا النوع من العمل الصحفي يؤسس ويشكّل لرأي عام في العديد من الدول التي تجعل من مؤسساتها مركزاً سهلاً لجمع المعلومات وقاعدة لبيانات يمكن الإطلاع عليها وفق سياقات معتبرة وترخيص حكومي. عمل الصحافة الاستقصائية يوجب معايير تحريرية دقيقة للتعامل مع ملفات الفساد، فالإنصاف والدقة والتحري السليم بجمع الوثائق والمعلومات لابد من توفرها لإنجاز العمل، وتلك الشروط تحتاج إلى كوادر متمرسة، ومن المؤسف أن لا تسهم الدولة بجعل هذا الاحتياج الهام جهداً أساساً في مواجهة الفساد، تسخّر خلاله الإمكانات لتمكين الصحفيين من أداء عملهم وتوفير الحماية الكافية والضمانات القانونية التي تحصنهم.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google