ترامب أطهر من اطهركم!
ترامب أطهر من اطهركم!


بقلم: ساهر عريبي - 14-11-2016


[email protected]

في خطوة غير متوقّعة اعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن تنازله عن راتبه الرئاسي البالغ 400 ألف دولار سنويا, وهو مايعني تخليه عن مبلغ 1.6 مليون دولار هي مجموع رواتبه خلال ولايته الممتدة الى نهاية العام 2020.

قرار قوبل بإستحسان من الناخب الأمريكي الذي وعده ترامب بتحسين اوضاعه المعاشية وخاصة الطبقة الوسطى من الأمريكيين التي تعرّضت الى شيء من التهميش خلال ولايتي الرئيس باراك اوباما. لكن البعض الآخر وخاصة من أتباع المرشّحة الديمقراطية المهزومة هيلاري كلنتون, قلّل من شان هذه الخطوة معتبرا ان هذا المبلغ لا يساوي شيئا بالنسبة لثروة ملياردير مثل ترامب الذي تقدر ثروته ب 3.7 مليار دولار امريكيز

لكن هؤلاء نسوا بان العديد من الرؤساء الأمريكيين السابقين كانوا أثرياء ومنهم جورج بوش الأب والإبن وهما من أساطين صناعة النفط الأمريكية. فمثل هذا التنازل لاعلاقة له بالثروة, بل بمدى جشع الرئيس وحبه لجمع المال. ياتي هذه التنازل في وقت تعيش فيه امريكا عصرها الذهبي إذ بلغت موازنتها لهذا العام قرابة ال 4 تريليون دولار! أي 40 مرّة ضعف موازنة العراق, الذي يعاني من متاعب اقتصادية جرّاء انخفاض أسعار النفط وتفشي الفساد.

ولذا فلايوجد موجب يدفع ترامب الى التنازل عن مرتباته الرئاسية سوى زهده في مال لا حاجة له به بعد ان اغناه الله من فضله فقرّر ان يتبرع به الى جمعيات خيرية. وعند مقارنة هذه الصورة بمثيلتها في العراق, فمكن معرفة مستوى الإنحطاط والسقوط وعدم الشعور بالمسؤولية والجشع الذي طبع عليه معظم المسؤولين العراقيين وفي مقدّمتهم الثلاثي المرح نواب رئيس الجمهورية .

فهؤلاء النواب يشغلون مناصب شكلية هم ورئيسهم الذي أفقد منصب رئاسة الجمهورية لونه وطعمه ورائحته, حتى إذا حضر لم يعد وإذا غاب لم يذكر. هؤلاء النواب وحال صدور قرار المحكمة الإتحادية بإعادتهم الى مناصبهم سارعوا يحثّون الخطى للإتقاء برئيسهم والمطالبة بمستحقاتهم طوال السنتين الماضيتين, والمطالبة بمخصصاتهم الرئاسية للإعوام المقبلة, من مكاتب وسيارات مصفحة وحمايات.
لم يعلن أي منهم تنازله عن المخصصات والرواتب الماضية ولا المستقبلية, برغم أنهم كما نقول بالعراق “لانفع ولادفع” ولا فائدة منهم سوى إرهاق الموازنة العراقية. ولم يظهر أي منهم أي شعور بالمسؤولية حيال اوضاع البلاد الإقتصادية السيئة جرّاء انخفاض أسعار النفط وتفشي الفساد. ولم يكلّف أي منهم وبدلا من أن يرسلوا أبنائهم الى جبهات القتال, عناء التبرع برواتبهم لعوائل شهداء ومقاتلوا الحشد الشعبي او أي جماعات اخرى تقاتل تنظيم داعش الإرهابي.

فهؤلاء لا يرون في العراق سوى بقرة حلوب حتى إذا ما جف حليبها, هجروها واستوطنوا في بلدان غيرها, فلاعجب إن انفرجت أسارير حسين المالكي صهر رئيس الوزراء السابق, وهو يعلن بشارة عودة عمه الى منصبه واستلامه لمخصصاته بأثر رجعي, فهؤلاء همّهم المال وكما ان همّ الدواعش الجواري وحور العين.

يدّعي أحد هؤلاء النواب بانه مجاهد ويتربع على أمانة واحدا من اعرق الأحزاب الإسلامية في المنطقة ألا وهو حزب الدعوة, واما الثاني فلا يكف لسانه عن الحديث عن العراق ومستقبله واما الثالث فنصّب نفسه مدافعا عن ملايين السنّة الذين هجّروا من منازلهم علي يد تنظيم داعش الإرهابي.

وتقدّر المخصصات السنوية لنواب رئيس الجمهورية ب 50 مليون دولار ! وهو مبلغ يكفي لدفع رواتب 10 آلاف مقاتل من قوات الحشد الشعبي ولمدة عام كامل, وبمعدل 400 دولار في الشهر! لكن هؤلاء الجشعون عديموا الضمير والإنسانية لاهم لهم سوى تعزيز قدراتهم وتوريث عوائلهم, وأما المقاتلون العراقيون فيفترشون التراب في الجبهات, واما عوائلهم فلا من معيل لها وقد لبّى أبناؤها نداء المرجعية.

فهل أخطأت إن قلت أن ترامب أطهر من اطهركم يانواب رئيس الجمهورية العراقية وكل من هو على شاكلتكم؟



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google