داعش في مشهد سقوط خلافته الأخير
داعش في مشهد سقوط خلافته الأخير


بقلم: يوسف رشيد حسين الزهيري - 16-11-2016
بعد الهزائم المريرة والضربات الساحقة التي تلقاها تنظيم داعش الارهابي في سوريا والعراق وخصوصا في المناطق التي تم تحريرها في مدينة ديالى والرمادي وتكريت وعمليات هروبه المتزامن مع اندفاع القوات الامنية وفصائل الحشد الشعبي في تلك المدن والمناطق تحت وطأة عمليات القصف الجوي وضربات القوات الامنية وتقدمها المتسارع لطرد العدو الداعشي من المدن العراقية التي تم اجتياحها في عام2014


وانسحابه مؤخرا الى اخر معاقله ومركز قوته وتنظيمه في مدينة الموصل ،تحول تنظيم مايسمى بالدولة الاسلامية داعش من حالة الهجوم الى الدفاع. وخسر التنظيم الكثير من الوهج الذي حققه خلال شهر يونيو 2014، باعلان “خلافته” وسيطرته على بنوك المدينة ومصادرها الاقتصادية لتصل موازنته السنوية الى اكثر من مليار دولار.

اليوم داعش خسر الكثير من مصادر تمويله وموارده البشرية وتدفق المقاتلين عليه، بعد فضح ممارساته الدموية. وبالتزامن مع ذلك اظهر التحالف الغربي وبضمنها دول اوربية ابرزها فرنسا وبريطانيا عمليات عسكرية وميدانية في محاربة التنظيم اوصلت التنظيم الى حالة الدفاع.

القوات العراقية هي الاخرى استعادت قدرتها العسكرية والمهنية واثبتت جدارتها باستعادة المدن التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش. والذي هو الان يلفظ انفاسه الاخيرة


في اخر محاولاته البائسة للاحتفاظ بهذه المدينة والتي تعد بالنسبة له مركز سلطته ونفوذه السياسي والاقتصادي بعد ان تم تغيير خطة استراتيجية تكتيكات المعركة وانتقاله من حالة المواجهة المباشرة على خطوطه الدفاعية التي ملئت بمئات الجثث على مشارف المدن السابقة التي تم تحريرها ينتقل الان للاحتفاظ بما تبقى لديه من مقاتلين عرب وأجانب الى خط الانتقال الى حرب العصابات والمدن بعد ان أنهى عدته وجاهزيته منذ وقت سابق لكي يخوض هذه المعركة المعقدة من التكتيكات وحفر الأنفاق السرية تحت الأرض والصعوبات والتحديات الخطيرة من قواعد هذه اللعبة الخطيرة طويلة الأمد كما هي متعارف عليها وهي حرب مختلفة تماما في قوانينها ومبادئها وكيفية الإعداد لها، فهي تعتمد على الكر والفر، وعلى إستراتيجية الضرب والانسحاب، فالهدف التكتيكي منها هو المقاومة لا تحقيق النصر، ففي حرب العصابات ليس هناك أية أهمية لفقدان الأرض أو المدينة أو القرية أو احتلالها من قبل الغزاة المحتلين او تحريرها من قبل القوات المحررة لأنها مؤقتة، بالعكس قد يكون تكتيكا لسحب القوات الغازية او المحررة إلى مقتلها، لتكون مصيدة وكمينا لاستنزافه رويدا رويدا. لكن داعش لم يمتلك القدرة على استنزاف القوات العراقية او مفاجئتها عن طريق زرع العبوات وتفخيخ الطرق والمنازل او الهجمات بالعجلات المفخخة. كون القوات العراقية امتلكت خبرة عميقة عن اساليب داعش واجبرته على التراجع والانكسار وتفكيك العبوات والمتفجرات التي تعيق تقدم القوات العراقية النظامية والغير نظامية على مستوى الحشد الشعبي الخبيرة والمطلعة على حرب العصابات والمدن وامكانيتها على معالجة اساليب العدو ووسائل تكتيكاته المكشوفة وتكبيده خسائر فادحة

ومن أهم قواعدها التخفي واستخدام وحدات القنص والانتشار في الطرق والدور والبنايات او الاندساس والاختلاط بالسكان المحليين وطبقا لقواعد وطرق حرب العصابات حيث يراعى السرية التامة، فخطط التحرك، وقواعد الانطلاق الفرعية والتبادلية فضلا عن الرئيسية بالطبع، لا يجب أن يعرفها إلا عدد قليل. كما ان مساعدة الاهالي تعتبر من العوامل المهمة في انجاح تلك المعارك المتداخلة في المدن والأحياء


ان حرب العصابات شكل من أشكال القتال بين مجموعات مسلحة وقوات نظامية ، فهي أسلوب عسكري يلجأ إليه الطرف الأضعف للتغلب على خصم قوي عندما يجد أن المواجهة النظامية ليست في مصلحته. كما هو الحال الآن في وضع داعش الارهابي عسكريا ونفسيا وتعبويا

وتتميز حرب العصابات بطابعها الفجائي المباغت، لاستنزاف العدو وجره إلى تعبئة دائمة وتكبيده خسائر فادحة بجهدٍ قليل، اذا وفرت له كل إمكانيات وقواعد نجاح حرب العصابات وديمومة تموينها وبقاءها وصمودها نفسيا وعسكريا ،كما تلجأ في بعض الأحيان إلى تخريب المنشآت والبنى التحتية الحيوية بالنسبة له. وتختلف حرب العصابات عن عمليات المرتزقة لأن دافعها سياسي وأيديولوجي، في حين أنَ عمليات المرتزقة دافعها مادي


كذلك تعتبر المفاجأة والسرعة والحسم أمور مهمة في تكتيك العصابات، ومن الضروري أن يتسلح رجال العصابات في سبيل تحقيق هدفهم السابق بالصبر التام، ولا يقبلون مطلقاً أي اقتراحات تنبع من فقدان الصبر أو تعجل الحسم العسكري.

والضرورة بتهيئة المناخ السكاني و تعويد القطاع العريض من السكان المحليين على التعاطف مع رجال العصابات، سواء بأدنى درجات التعاطف، وهي عدم الإبلاغ عنهم، أو بأعلى هذه الدرجات وهي تموينهم، وإخفاؤهم، وتضليل القوات المعادية عنهم. وقد استخدم داعش في الموصل كل الوسائل الأمنية لمصادرة الهواتف النقالة وأجهزة الانترنت والاتصالات الأخرى من الأهالي ومطاردتهم ومداهمة البيوت خشية منه من تسريب الاهالي معلومات عن مواقع تواجدهم ومعلومات اخرى تمس امن داعش وتحركاته بينما اعتمد الجانب العراقي على اعتماد مشروع اعلامي وطني

ويتم تثقيف السكان على هذا التعاطف، أولا بالعمل السياسي والإعلامي النشط، وثانيا بالحرص التام على السلوك المثالي في التعامل مع هؤلاء السكان، وثالثا بإنزال العقاب الصارم بالخونة من هؤلاء السكان. وعلى اوجه المقارنة بين القوات العراقية المندفعة للتحرير بكل شجاعة واقدام وبكل تعامل انساني واخلاقي مع السكان المحليين وتوفير لهم الدعم والمعونات والمساعدة وبين التنظيمات الارهابية المدافعة عن اوكارها ونفوذها في المدينة فهنالك فارقا شاسعا من حيث القوة التكتيكية والعسكرية المهاجمة وبين الزمر الارهابية المذعورة والمتشرذمة وبين تعاطف السكان مع القوات العراقية ونفورهم من تنظيم داعش والذي يتكبد خسائر كبيرة ويشهد تراجعا وانحسارا اكثر الى عمق المدينة ويلجأ الى اعتماد القوة البشرية السكانية وتحويلها بشكل قسري الى دروع بشرية او قيامه بحملات الاعدام والتعذيب للسكان لضمان تعاونهم معه او لجوءه الى محاولات التفخيخ للدور والطرق والجسور واعمال الحرق للثروة النفطية لتوفير غطاء التمويه تحت حصار مطبق عليه تفرضه القوات العراقية الصلبة مما يقلب معادلات مراهناته وخططه التي اعدها مسبقا ورهانه الخاسر على السكان المحليين الذي بات اليوم يرفض وجوده فكرا وكظاهرة مسلحة في المدينة بل يتم قتل الكثير من افراد التنظيم من خلال بعض السكان الغاضبين بسبب سياسة داعش الارهابية في المدينة وان أغلب سكان المدينة باتوا قاب قوسين أو أدنى من كسر جميع قوانين التنظيم الجائرة والتي فرضها التنظيم بالقوة على المجتمع الموصلي واستخدم اساليب العنف والتعذيب بشتى الأساليب تحت ذريعة الدين


ان ازمة الخناق التي تتعرض لها داعش في الموصل وخناق الطوق العسكري للقوات العراقية والتي فرضته من عدة محاور وسيطرتها على اهم المناطق والطرق الرئيسية والضربلت الجوية لمواقع تواحد التنظيم التي فقدت سيطرتها وقدرتها من حيث التمويل والدعم وفقدانها لعامل الصمود النفسي وفشل اخر أوراقها في الاحتفاظ بهذه المدينة بعد مقتل ابرز قادتها ومقاتليها في المعارك الاخيرة

وان سيطرة تنظيم داعش على الموصل باتت تشهد تراخيا واضحا، وضعفا كبيرا في الإدارة والتخطيط للمعركة والمحاسبة المجتمعية من قبل اللجان التي باتت غائبة على مشهد المجتمع الموصلي وذلك بعد رحيل جميع قيادات الصف الأول عن المدينة، وفقدانه السيطرة عليها إضافة إلى حديث التنظيم نفسه لأهالي المدينة عن مرحلة ما بعد خروجه من الموصل وتوعده للخونة المتعاونين مع القوات العراقية وحسب ما تشير المصادر الاخبارية والاستخبارية إن كبار قيادات داعش تركوا مدينة الموصل ورحلوا مع عائلاتهم إلى سوريا وليبيا، فيما بقي القادة الصغار يديرون شؤون المدينة والتهيؤ للفرار خلفهم متنكرين بزي النساء مع العوائل النازحة او مواجهة قوات الحشد الشعبي ضمن محور الجانب الغربي المتهيأ للانقضاض على اي داعشي فار بأتجاه سوريا

بقلم: الكاتب يوسف رشيد حسين الزهيري



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google