عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (٢٨)
عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (٢٨)


بقلم: نــزار حيدر - 17-11-2016
عْاشُورْاءُ
السَّنَةُ الثّالِثَةُ
(٢٨)
نـــــــــزار حيدر
لماذا خاطبهُم الحُسين السّبط (ع) بقولهِ {كُونوا أَحراراً في دُنياكُم}؟.
لانَّ الحريَّة وحدَها تكفي لتُجنِّب الانسان عن إِرتكابِ الجريمةِ، طبعاً بشرطِها وشروطِها!.
فالفاسد والفاشل المُتشبِّث بموقعهِ والإرهابي القاتِل، وأَمثالهم، عبيدُ الشَّهَوَات بمختلف أَشكالِها، ولو كانوا يمتلِكونَ حُريَّتهم، لما ارتكبوا معصيةً او جريمة تضرُّ الصّالح العام.
يكفينا ان نقولَ للفاسدينَ والفاشلينَ كونوا أحراراً في دُنياكُم لتكفّوا عن أفعالِكم وجرائمِكم بحقِّ العراقيّين! والّا فأَنتم عبيدُ الدُّنيا والدّينُ لعِقٌ على أَلسنتِكم، على حدِّ وصفِ سيّد الشُّهداء (ع)!.
والّا؛ بالله عليكَ كيف تُفسِّر لصوصيّة الوزير الّذي يدّعي أَنَّهُ لا يحضر الى وزارتهِ يوميّاً قبل أَن يتوضَّأ؟! وكيفَ تُفسِّر تشبُّث آخر بالسّلطة فيرفع شعار [بعد ما ننطيها] وهو يدّعي انتماءهُ للحُسين السِّبط (ع)؟!.
نعودُ الى أَصلِ الموضوع ونتساءل؛ كيف؟! كيفَ يُمْكِنُ أَن تحمي الحريَّة لوحدِها المرء من إِرتكابِ الجريمة؟! ليُخاطبهم الحُسين السّبط بهذا النّداء؟!.
إِنَّ بوِسعِ الانسانِ أَن يحمي حريَّتهُ وإرادتهُ اذا أَراد، كونها لا أَحد له الحقّ في أَن يعتدي عليها ويتجاوزها ويقمعَها وبالتّالي يُلغيها في شخصيَّة المرء، ولو كان لأَيّ أَحدٍ الحقّ في ذلك لسقطت المسؤوليّة عن الانسان في تلك اللّحظة، اذ ستتعارض وقتها مع حقّ هذا الآخر في التَّجاوز على الحُريَّةِ! وهذا أَمرٌ مُحال، لقاعدة عدمِ اجتماعِ النَّقيضَينِ!.
ولذلك فَلَو أَعدنا قراءة آي الذّكر الحكيم بهذا الصّدد فسنجد انَّ الله تعالى يتحدّث عن المسؤوليّة بعد حديثهِ عن حريَّة الاختيار والذي يأتي بعد الحديثِ عن إيضاحِ الله تعالى للطُّرق المُتناقضة ونِهاياتها ونتائجها التي يجنيها العبادِ، بكلِّ وضوحٍ.
ففي آيّةٍ يَقُولُ تعالى {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} وفي أُخرى يقولُّ عزَّ مَن قائل {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} من دون ان يتركَ عبادهُ في حيرةٍ من أَمرهم لا يعرفونَ النّتائج المترتّبة على الاختيار! وإِنّما حدّد في آياتٍ عديدةٍ، وكما ذكرتُ، نِهايات كلّ طريقٍ، فقالَ تعالى {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ* وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ* وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ* فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ* ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ* وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ* عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ* مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ* يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ* بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ* لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ* وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ* وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ* وَحُورٌ عِينٌ* كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ* جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا* إِلاَّ قِيلا سَلامًا سَلامًا* وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ* فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ* وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ* وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ* وَمَاء مَّسْكُوبٍ* وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ* لّا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ* وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ* إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء* فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا* عُرُبًا أَتْرَابًا* لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ* ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ* وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخِرِينَ* وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ* فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ* وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ* لّا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ* إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ* وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ* وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ* أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُون* قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ* لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ* ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ* لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ* فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ* فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ* فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ* هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ* نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ}.
ومن أَجْلِ أَن يكونَ العبدُ حُرّاً ليتحمّل مسؤوليّتهُ في الدُّنيا وبالتّالي يتحمَّل مسؤوليَّة إِختيارهُ لأَحدِ الطَّريقَين في الأُخرى، رفضَ المُشرِّع أَن يتجاوزَ أَحدٌ على حريَّة العِباد، وإِنّما حصر مسؤوليّة الرُّسل والانبياء والمُصلحين بالتَّذكيرِ فقط ومن ذلك تذكيرهُم بمنسيِّ نعمتهِ تعالى على عبادهِ، كما يَقُولُ أَميرُ المؤمنينَ (ع) {فَبَعَثَ فِيهمْ رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِياءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ، وَيُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ، وَيَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بَالتَّبْلِيغِ، وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ، وَيُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ} دون السّيطرة والسَّطوة، فقال تعالى {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ* لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} وكان يهدِّئ من رُوع الرَّسول الكريم إِزاء رسالةِ التّبليغ فقال له {طه* مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ* إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ} وقوله {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}.
وهو المنهج الذي التزمَ بهِ كلّ الرُّسل والأَنبياء عليهم السلام كما في قولهِ تعالى {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ}.
١٧ تشرين الثّاني ٢٠١٦
لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google