ترامب ... ولاية ثانية في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية
ترامب ... ولاية ثانية في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية


بقلم: البروفيسور الدكتور خليل شمه - 17-11-2016
الموقف من العراق

على العكس من الملايين ومن بين القلة القليلة توقعت فوز دونالد جون ترامب في الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل ايام في الولايات المتحدة الأمريكية،. في كانون الثاني 2017 سيدخل البيت الأبيض كـرئيس رقم 45 لأمريكا. ففوزه لم يمثل لي مفاجأة وذلك نظرا لهشاشة المنظومة السياسية وضعف الادارة الامريكية بعد انهيار المعسكر الاشتراكي في ادارة الازمات الدولية. ومن جانب آخر نجد ان الاحباط والامتعاض عند الفرد الامريكي ويأسه من السلوك السياسي التقليدي للقادة الامريكيين في تقديم صورة تحاكي دور ومكانة امريكا على صعيد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية. عليه سيجد ترامب فرصة آخرى في تقديم نفسه كرامبو امريكا الحقيقي لأنقاذها من الصورة النمطية التي درجت على تقديمها الادارات الأمريكية طيلة العقود الأخيرة للفوز في الانتخابات الرئاسية عام 2020 .

وقبل ان نقدم ترامب وعلاقته بالمشهد السياسي في العراق تحديدا، علينا الاشارة الى جملة من عناصر القوة التي أدت الى فوزه في الانتخابات الرئاسية ...

- فوزه كرئيس للولايات المتحدة الامريكية فاجئ الواهمين بعالم ديمقراطي شفاف، ولكنه لم يفاجئني كسياسي يؤمن بالواقعية الحالية المعولمة. فقد سبق وان توقعت فوزه وذلك للبرغماتية التي يتسم بها وبالثقة العالية بالنفس التي يتمتع بها وإيمانه بضرورة التغيير في طبيعة الادارة والسياسية الأمريكية التقليدية المشبعة بالفساد الشامل عند الحزبيين الديمقراطي المتردد اولا وبالتالي الجمهوري المنشق على نفسه منذ هزيمة بوش الأبن امام اوباما.

- أكد ترامب في اكثر من مناسبة أن سياسته الخارجية ستكون مبنية على مبدأ «أمريكا أولا»، وأن «مصالح الأمريكيين والأمن الأمريكى فوق كل شيء». وهو الأمر الذي كسب فيه تعاطف اكثرية الشعب الامريكي من البيض المناوئين للملايين من المهاجرين ومنافستهم للبيض في سوق العمل.

- تجاهل الاعلام الامريكي الغالبية الصامتة التي تحركت باللحظات الاخيرة لتصوت عبر صناديق الاقتراع لترامب وظهوره بصورة المرشح المعادي للاعلام المسيس والفاسد.

- الجانب الاقتصادي... حيث المصانع المغلقة واستمرار التضخم وركود الأجور للعاملين وارتفاع الدين العام وتراجع مركز امريكا على صعيد الاقتصاد العالمي امام تنامي قدرات الصين وروسيا والمانيا الاقتصادي. مع ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار سخط الناخبين على الأوضاع الاقتصادية فى الولايات المتحدة وطموحهم في عودة الوظائف ووقف نزيف رؤوس الأموال لمصلحة الإستثمار فى الخارج.

- نجح ترامب في تحريك النزعة القومية للبيض. وكنتيجة لذلك، تمكن من حشد هذه الأصوات لمصلحته. من جملة 70 في المئة من الناخبين البيض ذوي النزعة اليمينية المتطرفة، انتخب حوالي %60 منهم لصالح ترامب.

- تمكن ترامب من كسب ود الطبقة الاجتماعية المحافظة، التي يزعجها الوضع الحالي وفقا لما رسمه الرئيس أوباما، والذي أصبح أول رئيس أسود يصل الى البيت الأبيض، ويسمح بزواج المثليين، ويرحب بالمهاجرين غير الشرعيين.

- عدم رغبة الأميركيين بفوز كلينتون جذب الكثير من الناخبين لمصلحته ضد باقي المرشحين. وكانت فضيحة البريد الالكتروني لكلينتون ورقة رابحة لترامب و فشل «استطلاعات الرأي» في قراءة «المزاج الأميركي»، وتحول هذا المزاج من اختيار «الجمود الديمقراطي» إلى اختيار «الربيع الجمهوري». إن جميع الاستطلاعات، ومنذ البداية، كانت تقول إن السيدة هيلاري كلينتون هي الفائزة لا محالة! أما الواقع فقد فرز أموراً عدة أهمها أن «صوت الناس البسطاء» هو الممثل والمؤثر الحقيقي في نجاح المرشحين.

- حقق ترامب اكتساحا غير مسبوق بسبب فوزه غير المتوقع فى ولايات معروفة بانتمائها للحزب الديمقراطى مثل ولايتى بنسيلفينيا وويسكونسن اللتين لم تصوتا لمرشح رئاسى جمهورى منذ الثمانينيات من القرن الماضي، كما ساهم فى تقدم ترامب حصوله على أصوات الولايات الأمريكية الحاسمة والمهمة فى ترجيح الفائز بالسباق الرئاسى من بينها فلوريدا وكارولاينا الشمالية وأوهايو.


الموقف من العراق ومستقبل الاسلام السياسي

التغيير في العراق مطلوب قبل مجئ ترامب الى العراق

اذا لم يكن ترامب رجلا سياسيا فهو رب عمل ناجح والقادر على ادارة مشاريعه التجارية وله رؤية ثاقبة في اقتناص فرص الاستثمار، وبمساعدة المستشاريين الكبار الموالين لنزعاته اليمينية البرغماتية لوضع الاستراتيجية السياسية للسنوات المقبلة فانه وعلى غرار الرئيس ريغن نجم هوليود (لم يكن سياسيا) سينجح في توجيه الآدارة الامريكية صوب الاهداف الطموحة في جعل الولايات المتحدة في المرتبة الاولى عالميا وعلى كافة الاصعدة.

واذا كان لترامب هدف في دحر الارهاب في العالم فانه سوف لن ينسى ما سيكسبه تجاريا في محاربتة لداعش في العراق. فهو شخصيا وكما اعلن وكمثال : سيبني جدارا بين المكسيك وامريكا على ان يتم سداد تكاليف الجدار من قبل المكسيك وذات الموقف ازاء اعضاء الحلف الاطلسي. فدفاع الولايات المتحدة عن اي دولة او نظام لن يكون مجانا بل مقابل ثمن، وثمن دحر داعش في العراق سيكون غاليا وعلى رأس قائمة السداد يأني النفط العراقي حيث أعرب (ترامب) في أكثر من مناسبة عن رغبته في الاستيلاء على نفط العراق في حال فاز وأصبح رئيسا لأميركا. أنه قدم تبريرات للاستيلاء على نفط العراق من بينها ما صرح به أثناء المناظرة الأولى مع مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة هيلاري كلينتون في 26 سبتمبر/أيلول الماضي.

كما ان موقف ترامب العدائي من المسلمين والمهاجرين غير الشرعيين ينذر باتخاذ اجراءات غير مسبوقة لتضييق الخناق على الانظمة الاسلامية المعتدلة والمتطرفة على حد سواء وذلك بهدف اقامة انظمة قمعية مشددة (شبه ديكتاتورية وهي تصلح للدول العربية) تقف بصلابة ضد المد الاسلامي المهدد للمصالح الامريكية - وفقا لرؤية ترامب- هذا الموقف غير المسبوق ايضا قد يدفع بنا الى القول بأن ثمن دحر الارهاب في العراق (وفي المنطقة) يكمن في تغيير شامل لطبيعة النظام السياسي في العراق وغير العراق. فموقفه من بشار الاسد وتعاطفه مع بقائه في السلطة دليل على رغبة ترامب في وجود انظمة قوية في ظل خيمة امريكية تتوائم مع استراتيجية ترامب اقتصاديا وجيوسياسيا.

بعيدا عن سياسة ترامب في الشأن الداخلي (من اولوياته) فهو – يبدو – بانه قد حسم الموقف في سياساته الخارجية براغماتيا. حيث أكد على أن سياسته الخارجية ستكون مبنية على مبدأ «أمريكا أولا»، وأن «مصالح الأمريكيين والأمن الأمريكى فوق كل شيء»، ففيما يتعلق بالعراق، فقد سبق أن انتقد الغزو الأمريكى عام 2003 معتبرا أنه أسهم فى حالة عدم الاستقرار والفوضى فى الشرق الأوسط، فعلى العراق وكذلك الانظمة الاخرى في منطقة الشرق الاوسط ان تدفع ثمن الاستقرار السياسي والدفاع عنها غاليا، والكلام يخص دول الخليج العربي تحديدا. .ففي خلال حملته الانتخابية هاجم ترامب دول الخليج معتبرا أنه «لا وجود لها بدون أمريكا» وقال إنها لا تقوم بشيء ولا تملك أى شيء سوى الأموال، وأن عليها دفع تكاليف حمايتها من جانب الولايات المتحدة، وهنا علينا التذكير بأن الكونغرس الأمريكي أقر في نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي قانون "جاستا"، وهو اختصار لـ "قانون العدالة بمواجهة مروجي الإرهاب" لمعاقبة الدول المتهمة بهجمات 11 سبتمبر والمقصود هنا السعودية، الامر الذي سيستغله ترامب في التضييق على اكثر من دولة خليجية وابتزازها سياسيا وماديا.

إن من يدرس التوجه العام والمزاج السياسي لترامب سيدرك أن اليمين المتشدد هو المهيمن على توجهاته. فهو لم يختلف عن جورج بوش الابن، وكما توقعت فترامب سيعلن حرباً صليبية ضد أعداء الولايات المتحدة الأميركية، وسيأخذ من أحداث 11 سبتمبر ليقنع الشعب الأميركي بكراهية الشعوب الإسلامية. كما سيحاول التضييق على جميع منابع العمل الخيري في البلاد الإسلامية ومحاصرتها واتهام قياداتها بالتطرف، ومحاولة تغيير المناهج الإسلامية في تلك الدول وتجفيف منابع التبرعات والمساعدات التي يقدمها المسلمون لإخوانهم في بلدان العالم الأخرى وملاحقة المتطرفين بشكل اكثر قسوة من غيره من الرؤساء الامريكان. فالمتاجرة بالدين لتحقيق اهداف سياسية ورقة سياسية محروقة.

كما على دول الاتحاد الاوربي ان تتحمل الاعباء المالية في اطار الحلف الاطلسي فواجب اعضائه تحمل الوزر الاكبر من تكاليف الحفاظ على التفوق العسكري لمواجهة المتغيرات الجيوسياسية في اوربا في اشارة الى تنامي القوة العسكرية لروسيا الفيدرالية. هناك مواضيع عدة لايسع هنا المجال لذكرها كالعلاقة الإيرانية – الآمريكية والتجارة الحرة والوضع في امريكا اللاتينية ووو...

براغ ... البروفيسور الدكتور خليل شمه



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google