السعودية تقذف جامعة بابل العراقية بالزنا
السعودية تقذف جامعة بابل العراقية بالزنا


بقلم: سرمد السرمدي - 21-11-2016
دكتوراه- تمثيل -كلية الفنون الجميلة -جامعة بابل - العراق

بين أوساط الطلبة وأساتذة كلية الفنون الجميلة التابعة لجامعة بابل الواقعة في مدينة الحلة وهي مركز محافظة بابل العراقية, تتردد انباء عن مقالة كتبها استاذ جامعي بعنوان " (الشخصية الازدواجية) من علل جامعاتنا العراقية..في ضوء فرضيات (واقعية) " ونشرت في جريدة إيلاف السعودية, تتحدث المقالة بأسلوب نقدي عن سلوك اخلاقي سلبي تنتهجه شخصية تمتهن التدريس في جامعة عراقية مما يخالف كافة الأعراف المجتمعية والشرائع الدينية والقوانين التربوية التي تحكم علاقة الأستاذ بمهنته وبالطالب, ولا تفصح المقالة عن اسم هذه الشخصية المتهمة بهذا الجرم الأخلاقي, الذي يتم ذكره تفصيليا فيتعدد من فساد اخلاقي الى افتقار علمي الى القيام بنشر الألحاد في اثناء الدرس الأكاديمي للطلبة العراقيين.

ولابد لنا ان ننظر لهذه المقالة من زاوية اخرى لكي نستطيع ان نستوعب ماجاء فيها ونستعين بنتائج هذه النظرة لنعمل العقل في الحكم على مثل هذا النوع من المقالات التي انتشرت من قبل العراقيين الذين لم يتعودوا النقد الذاتي بحكم الوضع السياسي الدكتاتوري النزعة قبل عام 2003م, فبصفة كاتب المقالة استاذ جامعي يعلم بكل المعلومات التي سيقت على شكل تهم عظيمة الأثر لو صحت, الم يكن من الأفضل والأيسر والأبلغ اثرا ان يطالب بتحقيق يقع ضمن القوانين الضابطة لسلوك وتعامل افراد المؤسسة التعليمية فيما بينهم والطلبة بدل ان ينشر هذه التهم في وسيلة من وسائل الأعلام وهي لحد الآن الصحف الأليكترونية اذا لم يتطور الأمر اكثر مستقبلا ؟ , ولعل قارىء المقالة يبدأ بالتساؤل عن سبب صمت كاتبها على ما ذكر من سلوكيات سلبية امتدت منذ التسعينيات في القرن الماضي وارتبطت بنفس الشخصية التي تتمحور حولها المقالة النقدية ؟ , فضلا عن ذلك ان كاتب المقالة يدرك المخاض الفكري الذي يمر به العراق حاليا بين التطرف والاعتدال وعلى الرغم من ذلك يتجه الى إعلان ان أستاذا جامعيا عراقيا ينشر الإلحاد أثناء قيامه بالتدريس للطلبة, الا يعرض هذا الاتهام حياة المتهم ان صح التعبير وصح وجود متهم , للقتل ؟ , لو استمرت نظرتنا لهذه المقالة من زاوية مغايرة لوجدنا على الرغم من كل ما كشفت لنا من معلومات عن حال الواقع الأكاديمي والصراعات الخفية التي لا نرجوها, سيكون الحكم على هذه المقالة ومع شديد الأسف, تشويها صارخا لسمعة العراق وسمعة الجامعات العراقية والأساتذة الجامعيين والطلبة في مختلف الكليات بل والواقع الأكاديمي برمته, حيث تحتوي المقالة على تهم كثيرة تأخذ صفة العموم خاصة وان كاتب المقالة لم يفصح عن الشخصية التي يقصدها, وان كانت محاولة التعرف عليه ليست مستحيلة من قبل المسئولين عن هذه المؤسسات التعليمية بطبيعة الحال, فلدينا في المقالة وصف لحالة فساد اخلاقي مستمر منذ سنين في مؤسسة تعليمية من قبل استاذ جامعي ازاء طالباته اللواتي صمتن عن هذه الأساءة والا لما احتاجت هذه التهم ان تكتب من قبل كاتب المقالة وتنشر علنا الا بعد ان طفح الكيل عنده وهو يرى ان هذا المسيء لم يحاسب مثلا ؟ ولنا ان نتصور كيف ستلحق هذه السمعة المشحونة بالشك في كل الدورات التي تخرجت على يد هذا الأستاذ, ولنا ان نتصور عدد الذين شملهم رمي المحصنات بالجملة من قبل كاتب المقال , وماذا عن تهمة التكفير التي تشمل الأستاذ الجامعي المقصود وكافة طلبته الذين اتهموا ضمنا بالصمت والذي لا يعني الا المشاركة مثلا ؟ , ان كاتب المقالة اتهم أجيالا من الطلبة والأساتذة بإغماض العين عن المنكر الذي يكشفه في مقالته والا لماذا لم يحاسب احد الشخصية صاحبة السلوك السيء الا صاحب المقالة بسطوره التي نشرها ؟, كثير من الأسئلة في ذات السياق تحتاج لأجوبة تعلن بعد تحقيق مهني داخل المؤسسة التعليمية او من خلال الهيئات القضائية في حال استنكر مواطن عراقي من سكنة محافظة بابل او من طلبة جامعة بابل عدم الأفصاح عن الأستاذ المسيء او عدم محاسبة كاتب المقال على تشويه سمعة العملية التعليمية برمتها من خلال نشر التهم جزافا, ومن الطبيعي ان هذا الأجراء لا يحتاج لدافع اقوى مما ورد في ذات المقال من اتهامات تشمل كل من له علاقة بكاتب المقال ابتداء الى ان تؤدي الى حقيقة ما ورد في مقاله من عدمها, ولابد ان يحاسب بناء على ذلك كاتب المقال و الشخصية التي ينتقدها بنفس الوقت, فلا اجد مبررا لنشر هذه المقالة النقدية في الوقت الذي تتوفر لدى كاتبها كافة الأدلة الجرمية التي تدين الذي يتهمه علنا, فلا مبرر اذن لعدم ادانة كاتب المقال بالقذف العلني لكل من شملتهم الجرائم الأخلاقية التي يوردها مسترخيا وكأنه انهى جلسة الحكم, لا يوجد مبرر واضح يجعل القارئ يتخذ من هذه المقالة حكما نهائيا على بياض صفحته او سواد صفحة الأستاذ الجامعي الذي يعترف لنا بجرائمه الأخلاقية, وذلك وفق مبدأ ان المتهم بريء حتى لو اعترف على نفسه, فلابد أن تثبت إدانته.

تنطلق مقالة الدكتور محمد حسين حبيب " (الشخصية الازدواجية) من علل جامعاتنا العراقية..في ضوء فرضيات (واقعية) " من شرح للشخصية وازدواجها مستعينا ببعض آراء الخبراء في مجال علم النفس, ثم انتقدت المقالة, شخصية تتمتع بمهنة ( الأستاذ الجامعي ) الذي تبين من سير المقالة انه يتحرش ب (طالباته ) عن طريق (التغرير ) حتى (يسقطن) بشتى الطرق حتى تنال كل منهن لقب (طالبته المسكينة ) كما ان هذا الأستاذ الجامعي متهم ب (السخرية من المعتقدات والأديان السماوية علنا ) وينشر (ثقافة الإلحاد) في داخل ( قداسة الدرس الأكاديمي ) ويبدوا ان هنالك معلومات عنه تحدد ما ( حدث قبل عام 2003م ) حينما كان يعمل في مؤسسة قريبة من وصف (الشبابية) وفي مهنة تختص ب (الفحص والتقييم) ويبدوا انه انحدر الى (الولاية) من (الناحية) ويتمتع ب (التاريخ الغير سوي ) ولأنه (يغيضه منجز الآخرين المنتمي والعلمي والنبيل والشريف) اتخذ طريق كتابة (نقد يباب) منذ (التسعينات الماجنة) وحينها كان هنالك قصة ما عن ( الطالبة المراهقة ) وذلك كله (بالمحيط الجامعي الذي توفر له بصدفة قدرية) وللخروج بخلاصة عن هوية هذه الشخصية الحقيقية تمهد المقالة هذا الطريق بوضوح بعرضها الغرض الرئيسي من كتابتها (نوعد بالمزيد) وذلك وفق مبدأ (العين بالعينين والسن بالفكين), وهكذا لا يبقى شك ان الشخصية التي تدور المقالة حولها على خلاف معين مع كاتب المقالة نتج عنه (نقد يباب) ضد (يغيضه منجز الآخرين المنتمي والعلمي والنبيل والشريف) ويبدوا ان عمق الخلاف أدى الى ان يختم كاتب المقالة الدكتور محمد حسين حبيب وصف الشخصية من وجهة نظره بقوله ( لأنه لا يمتلك إلا الخواء أو نستبدل الواو راء ) .

وعن الأستاذ الجامعي الذي اجتهد كاتب المقالة لأبقاءه مجهول للقارىء لغرض غير معلوم وقد يكون لتحصين شخصية الكاتب من التعرض لدعوة قضائية من قبل الشخصية المنتقدة, ولكن هذا الجهد في اخفاء الشخصية بين سطور المقال لم يكن كافيا للحد الذي يشوش على القارىء سيل المعلومات التي ترسم ملامحها بوضوح مطالبة القارىء ان يتخذ موقفا منها وكأنما هذه المقالة موجهة لأصحاب القرار في مثل هذه المؤسسات لكن الكاتب فضل ان تقرا شكواه على شكل مقال لتأخذ قوة الرأي العام للقراء مما يضغط على صاحب القرار مهما كان صلته بالشخصية المنتقدة ان يتخذ اجراء فوريا وحاسما.

ان هذا الأجراء المطلوب من قبل القارىء وصاحب القرار سيتخذ ضد كاتب المقال قبل الشخصية المنتقدة فيه, فمن البديهي ان يتساءل كل قارىء للمقال عن هوية الأستاذ الجامعي المقصود هنا وسيتوجه السؤال الى كاتب المقال بالضرورة بشكل رسمي وغير رسمي, ولعل من ابسط التحليلات ان يكون زميل لكاتب المقال وقريب جدا منه ومنذ تسعينيات القرن الماضي لكي يتسنى للكاتب ان يعرف بدقة كل ما ورد في المقال من معلومات شخصية تخص علاقة الأستاذ الجامعي بطالباته حصريا , وكونه زميل له فهو من ذات الاختصاص وذات القسم و الكلية والجامعة لدرجة ان كاتب المقال يعرف ماذا يدور في الدرس الأكاديمي الذي يعطيه الأستاذ الجامعي المنتقد لطلبته ويعرف محتوى الدرس بدقة اتاحت له ان يصنف ما يقدمه الأستاذ الجامعي لطلبته بوصفه الدعوة للألحاد , كما ان كاتب المقال ذكر لنا ما يحدد ملامح الأستاذ الجامعي خارج الوسط الجامعي ايضا , وبدقة تاريخية تمهد وتسهل عمل الباحث عن هوية الشخصية المنتقدة داخل المقال نفسه.

وهكذا اصبحت الشخصية معروفة , الا ان هذا المقال سلاح ذو حدين بلا شك, فللشخصية المذكورة حق الرد بكل تأكيد , ولا اتوقع الصمت من أي انسان ازاء ما ذكر بحقه علنا حتى لو ثبت ما ذكر واكثر , ولكن من الذي سيرد اضافة للأستاذ الجامعي ؟, أكيد كل من ارتبط به من قريب او بعيد, بالسلب او بالإيجاب, تأكيدا او نفيا لما جاء في المقال , وكيف سيكون الرد ؟ , بالطبع ليس بمستوى واحد فقد شملت المقالة كل استاذ وكل طالب وكل اب وام واخ وصديق لمن ارتبط بهذه الكلية وهذه الجامعة وهذه المدينة المنكوبة فوق ويلات النظام السابق الدكتاتوري بمخلفاته في كل مكان.

ان اتهام استاذ جامعي لزميله بهذه الطريقة يقدم مثالا غير محمود العواقب للطلبة بلا ادنى شك, وليس بوسعنا هنا الا ان نرجوا من اصحاب القرار وكل من مسه المقال من قريب او بعيد ان يقوموا بدورهم على اكمل وجه, لأن البحث في دوافع هذا المقال وجريدة ايلاف السعودية التي نشرته على الرغم من تواضع اسم الكاتب في عالم الأدب او الصحافة او الكتابة بشكل عام للدرجة التي تحصنه ومن ينشر له من أي استفهام حين ينال من شرف مدينة عراقية بأكملها كما فعل, مما يبعدنا عن رحابة الفضاء الديمقراطي ويقربنا من واقع الأمن الثقافي العراقي, وحتى لا تستفحل هذه الحالة التي لا تمت للتعامل الأكاديمي بصلة, وهذا الدرس الذي بالطبع آخر ما يحتاج إليه الطالب الجامعي في العراق .

ان هذا المقال المنشور في جريدة إيلاف السعودية يقذف جامعة بابل العراقية بأنها تدرس طلبتها الزنا والإلحاد والأهم ان هذا الاتهام جاء على لسان أستاذ جامعي عراقي, فبالنسبة للقارئ الذي يواجه هذا المقال تعد مقولة قد شهد شاهد من أهلها مفتاحا لإكمال قراءته, إن هذا المقال يواجهنا بالموقف الأكاديمي والثقافي والمسرحي الحالي الذي يتطلب مراجعة لرجالاته ولمنجزاته واستحقاقاته لفتح الطريق واسعة أمام أجيال من المسرحيين دون تضييق رؤاهم ولا تصوير لتابوات قمعية تفقر الحياة المسرحية, ومنذ عام 2003م والمسرحي العراقي يعاني من هذا التحول في محاولات حثيثة للتكيف ضمن معطيات التغيير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي, والأهم فوق كل هذا هو إدراكه للتغيير الثقافي الذي يحاول المثقف العراقي رسم ملامحه للانطلاق من أساسه نحو ثقافة وفن يمثل الإنسان العراقي ولا يمثل السلطة الحاكمة, وقد أدرك المسرحي العراقي إن نقطة الانطلاق الحقيقية في استيعاب هذا التغيير والعمل على تأسيس عملية إبداع مسرحي تواكبه وتمثل دور الإنسان العراقي فيه, وهذا التعامل الجديد مع نظام الحكم من قبل الإنسان العراقي يتجسد في تعامله أيضا مع الثقافة والفنون ومنها المسرح العراقي, فسيرفض الفن الذي لا يمثله, ويعكس تطلعاته وحياته الجديدة, ولن يتواصل مع المسرح إن لم يرى فيه الرافد الحقيقي لاستيعاب وتفحص التغيير الذي جرى في العراق, أملا في المستقبل.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google