الأقليم و التقسيم
الأقليم و التقسيم


بقلم: حيدر الصراف - 21-11-2016
يرى البعض ان الأقاليم الدينية او المذهبية هو الحل المثالي و العلاج السحري للتخلص من الحروب و النزاعات التي حدثت بين مختلف الطوائف الدينية و المذهبية في العراق و بعد ان عم اليأس و القنوط قطاع واسع من ابناء الشعب في حل الأشكالات التي ادت الى حرب دينية مدمرة منهكة و مستمرة منذ سقوط نظام ( صدام حسين ) و لم تحط رحالها بعد و لم تضع اوزارها حتى الآن .

فأذا كانت هناك ليس فقط اقاليم مقترحة و انما دولة شيعية واخرى سنية هذا من وجهة نظر الذين يرون ان الحرب التي دارت و مازالت مستعرة هي حرب بين ابناء الطائفتين فأذا كان لكل منهما دولة خاصة به تنتهي تلك الحروب و النزاعات و تعيش هاتين الدولتين المزعومتين في سلام و استقرار و امان و لم يدر بذهن دعاة الأقاليم الطائفية او الدول المذهبية المستقلة ان تلك الأسباب التي اشعلت الحرب الأهلية لم تكن و كما يحلو للبعض ان يصورها بكل سذاجة و عدم دراية او عن قصد و تعمد من ان الأمر يعود الى قصة ( السقيفة ) و بيعة ( ابو بكر ) كخليفة للمسلمين بدلآ عن ( علي بن ابيطالب ) و استحالة العيش المشترك في ارض واحدة على الرغم من النسب و القرابة التي تجمعهم انما جاء لموقف كل من الفريقين من قضية الخلافة تلك التي مضى على حدوثها مئات السنين و نقلت روايات التأريخ عنها احاديث مختلفة و متناقضة .

عند قيام الدولة العراقية الحديثة في العشرينيات من القرن الماضي كان ( العراق ) المكان الملائم و المثالي لتعايش ابناء الديانات المختلفة اليهودية الى جانب المسيحية متراصفة مع الأسلام كل منها له خصوصيته و طقوسه و اماكن ممارسة شعائره الدينية بكل احترام متبادل و كذلك عم الأحترام الأديان الصغيرة و المنعزلة في مكانات بعيدة و نائية ( الصابئة المندائيين و الأيزيديين ) حيث كان الجميع يعيش في وئام و سلام و يمارس عمله و نشاطه التجاري او الوظيفي بكل حرية و امان في حماية من المجتمع نفسه قبل حماية القانون و شرطته حتى كان لهذا المجتمع المتسامح ان رحب و احتضن ابناء الشعب الأرمني ( المسيحيين ) الهاربين من بطش الأتراك ( المسلمين ) و وفر لهم الحماية و الرعايا و الأمان و كانت لهم كنائسهم المميزة العمران يؤدون صلاتهم فيها دون اي ازعاج او مضايقة و كانت مدارسهم الخاصة تعلم صغارهم اللغة الأم في موقف مشرف مازال ( الأرمن ) يتذكرونه بكل عرفان الجميل .

كذلك كانت المدارس الفقهيه المذهبية الأسلامية تعج بالأبحاث و الأساتذة و المتابعين و كل منهم يفاخر ويجاهر بنصوصه و مؤلفاته التي تدعم ارائه و وجهة نظر اصحاب مدرسته دون الأساءة او الأنتقاص من المدارس الفقهية المعارضة فكانت ( الكاظمية ) في مقابل ( الأعظمية ) في الضفة الأخرى و لا تتقاطع معها او تناصبها البغض و العداء فأغتنت رفوف المكتبات بتلك المؤلفات القيمة التي تؤيد اراء المذهب و على الرف نفسه كتب اخرى تدحض و تفند هذه الأراء فكانت الأسئلة المشاكسة و كانت الأجوبة الصريحة دليل وعي و يقظة و انتباه فأزدهرت الحركة الفكرية و المعرفية و زهت بمدارسها و روادها و شيوخها و اختفت الفتنة الطائفية و انزوت يلاحقها سلاح الثقافة و العلم و الأطلاع على الرغم من الفقر في ادوات المعرفة و البحث في ذلك الزمان .

التفتيش عن الأسباب الحقيقية لأندلاع الحرب الأهلية بين ابناء الشعب يبعدنا عن المتاهات و الحجج الواهية خاصة التأريخية منها و التي يحاول مشعلوا هذه الفتن و الحروب و مؤججوا نيرانها ان يوهموا العامة و البسطاء من الناس ان تلك المشكلة القديمة التي حدثت قبل الآن بمئات السنين هي السبب الذي يتقاتل من اجله هؤلاء الآن و لم يخطر ببالهم ان دولآ عديدة مجاورة للعراق و اخرى بعيدة عنه مشتركة و مساهمة في اعاقة نهوض هذا البلد الغني الذي يزخر بأمكانات بشرية و اقتصادية هائلة و وفيرة و موقع جغرافي حيوي و مهم يؤهله من أخذ دوره و موقعه من جديد بعد ان انتزعت دول اخرى مكانته بدون وجه حق عندما انزوى هذا البلد المهم و اصابه الوهن و الضعف منذ ان بدأ ( صدام حسين ) حروبه العديدة بتشجيع و تمويل من تلك الدول ذاتها و التي مازال اوار تلك الحروب مشتعلآ .

اما هذه الدول ( المغتصبة ) هي المسبب الحقيقي و الفعلي للحروب المدمرة و التي ليس في مصلحتها ان يعم السلام و الأستقرار في هذا البلد و ان ينهض ( العراق ) من كبوته و يقوم لأخذ دوره الطبيعي و حقه التأريخي و كما كان قبل ان تستولي حفنة من الضباط على السلطة و تسرق مقاليد الحكم و تحتل قصر الحكومة و تدير الدولة بعقلية و عنجهية امراء الجيش .

حيدر الصراف



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google